“صاروخ حزب الله” الجوي يستدرج إسرائيل إلى “وردة الجليل”
Mefalsim, ISRAEL: An Israeli armored personnel carrier rolls out of the northern Gaza Strip near the Israeli Kibbutz Mefalsim after replacement units were sent into the territory in place of the exiting armored vehicles, late 03 July 2006. A deadline set by Palestinian militants holding an Israeli soldier captive drew nearer late Monday as Israel approved further military action in Gaza in a bid to release its serviceman. AFP PHOTO/DAVID FURST (Photo credit should read DAVID FURST/AFP via Getty Images)

Avatar18017/02/2021
أجرى سلاح الجو الإسرائيلي تمريناً مفاجئاً حمل اسم "وردة الجليل"، وذلك على خلفيات تقديرات عسكرية إسرائيلية مفادها أن حزب الله "مهتم بالمبادرة إلى خوض "أيام قتالية" محدودة في الشمال"، كما يقول المحلل العسكري رون بن يشاي في مقالة نشرتها "يديعوت أحرونوت".

“في إطار التمرين، رفع سلاح الجو مستوى جهوزيته إلى الحد الأقصى، مع استخدام كل المنظومات القتالية والدفاعية الجوية من طائرات ومسيّرات، وصولاً إلى بطاريات صواريخ حيتس والقبة الحديدية. مئات من عناصر الاحتياط استدعوا، وكان معدل الحضور 85%، واستُخدمت مئات الطائرات في سماء الشمال، وخلال يوم واحد هوجم 3000 هدف.

السيناريو الذي تدربت عليه القوات (من الأحد إلى الثلاثاء)، بدأ بهجوم صاروخي مضاد للطائرات من إنتاج روسي شنه حزب الله على طائرة حربية تابعة لسلاح الجو تقوم بمهمة جمع معلومات استخباراتية في سماء لبنان. الطائرة لم تسقط بحسب السيناريو، لكن مهاجمتها أدت إلى سلسلة هجمات ضد أهداف تابعة لحزب الله، الذي من جهته “رد” بهجمات على السياج الحدودي ضد قوات الجيش الإسرائيلي على طول الحدود.

جرى التمرين بعد أسبوعين من وقوع حادثة في الجنوب اللبناني – لأول مرة منذ حرب لبنان الثانية أطلق حزب الله صواريخ مضادة للطائرات على مسيّرة إسرائيلية وأخطأها. في شعبة الاستخبارات العسكرية، رأوا ارتفاعاً حقيقياً في استعداد التنظيم الشيعي للمبادرة إلى تصعيد محدود ضد إسرائيل مع خطوط تميزت بها جولات القتال في الجنوب مع قطاع غزة. لكن في تدريب سلاح الجو تُرجم التصعيد بسرعة نسبية خلال يومين – ثلاثة إلى قرار للحكومة بشن معركة ضد حزب الله، ومئات الهجمات على بيروت والبقاع والجنوب اللبناني.

“خلال شهر من القتال في حرب لبنان الثانية جرت مهاجمة نحو 3500 هدف، كمية مشابهة لها هوجمت خلال يوم واحد، كما تدربنا هذا الأسبوع. خططُنا الهجومية أكبر ويجري تحديثها طوال الوقت”، شرح هذا الصباح ضابط كبير في سلاح الجو في حديث مع المراسلين. “في التمرين نظرنا أيضاً شرقاً، إذا أطلق حزب الله النار علينا من سوريا سنهاجمه هناك أيضاً. في سيناريو التمرين، هاجمنا صواريخ الكورنيت التي يملكها حزب الله واستعدّينا لمواجهتها دفاعياً – من خلال اعتراضها بعد إطلاقها على الساحل الإسرائيلي، وأيضاً منع إطلاقها من خلال تدميرها. في التمرين، دمّرنا قيادات وبنى تحتية حكومية يستخدمها حزب الله، وصواريخ إيرانية مضادة للطائرات انتقلت إلى الحزب”.

التفوق الجوي

أهمية التمرين المفاجىء والسريع لسلاح الجو يهدف إلى ثلاث غايات أساسية:

الغاية الأولى، الفحص عملياً إلى أي مدى في استطاعة سلاح الجو أن ينتقل من صفر إلى 100 كيلومتر في الساعة على مرحلتين، من الحياة الطبيعية إلى حالة الطوارىء، ومن حالة الطوارىء إلى الحرب. وذلك بحسب السيناريو المعقول الذي قدمته شعبة أمان في تقديرها السنوي للوضع، والذي رأى أن معقولية حرب استباقية يشنها أعداؤنا ليست مرتفعة. لكن في المقابل هناك معقولية متوسطة – عالية لأن نتدهور إلى حرب نتيجة تصعيد غير مخطط له. لذلك ما يجري سيكون على مرحلتين، وليس هناك انتقال حاد من الحياة الطبيعية إلى الحرب كما جرى في الحروب السابقة. في الوقت الحالي، من المعقول أن تحدث في البداية أيام قتال إذا لم تنته بسرعة يمكن أن تتدهور إلى حرب نتيجة قرار لنا أو لحزب الله.

أُطلق من الأراضي اللبنانية صاروخ أرض- جو من نوع SA-22 في اتجاه مسيّرة استخباراتية للجيش الإسرائيلي. الصاروخ لم يُصب المسيّرة والجيش لم يرد. لكنهم في الجيش قدّروا أن هذا يمكن أن يكون محاولة من نصرالله لوضع قواعد لعبة جديدة تؤدي إلى تآكل التفوق الجوي لإسرائيل

الغاية الثانية، فحص ما إذا كان سلاح الجو قادراً، نظرياً وعملياً وبالمستوى المهني المطلوب، على تنفيذ الخطط التي أعدها لتحقيق تفوق جوي (تدمير بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات التي تهدد الطائرات والذخيرة التي تحملها، و”ضربات جوية” ضد أهداف على الأراضي اللبنانية، وعند الحاجة في سوريا أيضاً)، وحماية الجبهة الداخلية الإسرائيلية المدنية والعسكرية.

الغاية الثالثة، التمرين موجّه للوعي – والردع – ولنقل رسائل إلى الطرفين لمنع التدهور إلى حرب نتيجة “خطأ في الحسابات” (تقدير غير صحيح لحزب الله والإيرانيين لنيات إسرائيل والطريقة التي سيعمل فيها الجيش الإسرائيلي. القصد هو أن نشرح، وخصوصاً لحسن نصرالله (وللإيرانيين والسوريين والروس) قواعد اللعبة واعتبارات التصعيد المقبل، وما هي الأثمان التي يمكن أن يدفعها حزب الله ورعاته إذا لم يحترموا البطاقة الصفراء التي رُفعت في وجوههم.

الرسالة الأولى تتعلق بحرية العمل الجوي لإسرائيل في الساحة اللبنانية. ينقل السوريون بطاريات صواريخ أرض – جو من صنع روسي إلى لبنان، جزء منها قديم وآخر أكثر جدة – لكنها كلها تمتاز بقدرة عالية على الحركة والاختباء في الأودية العميقة والأحراش الكثيفة، وهو ما يمنح بطاريات SA-6 و(SA-22) قدرة عالية على الصمود، ويسمح لحزب الله بمفاجأة الطائرات القتالية ومسيّرات سلاح الجو التي تحلق في سماء لبنان.

إقرأ على موقع 180  فورين أفيرز: موجة جديدة من أنظمة الإستبداد عربياً!

مؤشر إلى تهديد ما يسمونه في سلاح الجو “التفوق الجوي في سماء لبنان” حدث قبل أسبوعين عندما أُطلق من الأراضي اللبنانية صاروخ أرض- جو من نوع SA-22 في اتجاه مسيّرة استخباراتية للجيش الإسرائيلي. الصاروخ لم يُصب المسيّرة والجيش لم يرد. لكنهم في الجيش قدّروا أن هذا يمكن أن يكون محاولة من نصرالله لوضع قواعد لعبة جديدة تؤدي إلى تآكل التفوق الجوي لإسرائيل.

سيناريو التصعيد والحرب

الفعل الاستهلالي لسيناريو التصعيد والحرب في تمرين “وردة الجليل” كان إطلاق صاروخ مضاد للطائرات من طرف حزب الله من الأراضي اللبنانية على طائرة حربية إسرائيلية. الطائرة تضررت في السيناريو، لكنها لم تسقط. لكن رد إسرائيل في السيناريو شديد ومدمر: يوجّه سلاح الجو سلسلة ضربات جوية شديدة ضد “أرصدة” تابعة لحزب الله.. وحتى الآن ليس ضد لبنان.

الرسالة التي تبعث بها إسرائيل بواسطة التدريب: نصرالله عليك أن تعلم بأنه في المرة المقبلة التي يطلق فيها رجالك صاروخ أرض – جو على طائرة إسرائيلية، وخصوصاً إذا كانت تقل أشخاصاً، وخصوصاً إذا أصابها الصاروخ، الجيش الإسرائيلي لن يقف مكتوف الأيدي. لكن هذه ليست نهاية السيناريو. هناك رسالة إضافية.

نصرالله كما أوضح صراحة في خطاب ألقاه مؤخراً يعتقد أن إسرائيل – مثله – لا ترغب في حرب بل في عدة أيام قتالية في كل مرة يحدث فيها تصعيد. نصرالله مستعد، وربما يريد عدة أيام كهذه من تبادل إطلاق النار مع إسرائيل بسبب ضعف مكانته في لبنان. بهذه الطريقة يستطيع أن يثبت أن حزب الله هو درع لبنان، ويصرف انتباه اللبنانيين عن الانهيار الكبير – في مؤسسات الحكومة والدولة اللبنانية. وذلك من دون المجازفة بالتسبب بضرر كبير لكل سكان لبنان، وفي أسوأ الاحتمالات، فإن المتضررين سيكونون سكان الجنوب الشيعي، أي أنصاره.

من أيام قتال إلى حرب شاملة

لذلك، وفقاً لسيناريو التمرين يعطي نصرالله أوامر لرجاله بإطلاق النار (وربما القيام بهجمات) على مناطق محاذية للحدود وفي عمق الجليل. بحسب السيناريو، ستقرر إسرائيل الدخول في حرب (لأن في الخلفية هناك أيضاً مشروع الصواريخ الدقيقة في لبنان الذي إذا تقدم يمكن أن يشكل تهديداً خطراً لا يُحتمل على الجبهة الداخلية الإسرائيلية خلال بضعة أشهر).

في هذه الحرب الافتراضية يخلع سلاح الجو قفازاته ويهاجم آلاف الأهداف، وبينها بنى تحتية مدنية مزدوجة الاستخدام في لبنان، مثل محطات الطاقة، وجسور استراتيجية، وخزانات وقود، ومرافىء تخدم مواطنين غير متورطين في القتال، وفي الأساس الجهد الحربي لحزب الله. وقال المسؤول العسكري الكبير في التلخيص الذي قدمه للمراسلين الإسرائيليين علناً أنه سيُفرض أيضاً على لبنان حصار بحري وجوي.

في الخلاصة: إسرائيل لن تمنح نصرالله ترف خوض أيام قتال يزرع فيها رجاله الدمار في مستوطنات الحدود الشمالية وفي الجليل، ثم يغلق الموضوع ويعلن الانتصار من بيروت. بحسب سيناريو التمرين، إذا استخدم نصرالله جزءاً فقط من ترسانة حزب الله ضد الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فإن إسرائيل لن تتردد في الانتقال من أيام قتال إلى حرب شاملة ضده.

إذا تدخلت إيران وسوريا وأرسلتا بطاريات صواريخ أرض – جو إلى لبنان، أو إذا قصف حزب الله مستوطنات إسرائيلية من أراضي الجولان السوري – أيضاً جيش الأسد وحزب الله سيهاجَمان بعنف وفوراً من سلاح الجو في القيادة الشمالية.

بكلمات بسيطة، تنقل إسرائيل رسالة إلى حزب الله وسوريا ترفع فيها كثيراً من الثمن الذي سيدفعانه في البقاع اللبناني وفي دمشق، إذا راهنا على أيام قتال، ستكون إسرائيل مستعدة لاستيعابها وستكبدها ضرراً محدوداً فقط. السؤال هو هل ستصل الرسالة؟ وهل يمكن “الاعتماد” على أن تقديرات نصرالله ستظل واقعية”؟

(*) المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
online free course
إقرأ على موقع 180  "الرباعي الإسرائيلي".. والإنتفاضة الفلسطينية الثالثة