قضي الأمر، نتنياهو سقط.. إلا إذا!

فعلها نفتالي بينيت زعيم حزب "يمينا" المتطرف، وادار ظهره لإغراءات بنيامين نتنياهو، وأعلن الاتفاق مع يائير لابيد زعيم حزب "يوجد مستقبل" على تشكيل حكومة هدفها الأوحد إسقاط زعيم الليكود "بيبي" .

طالب نتنياهو بينيت بأن يترأس الحكومة الا انه رفض . كذلك قدم له عرضا مغرياً آخر بأن يتناوب على رئاسة الحكومة ثلاثة هم بينيت اولاً، نتنياهو ثانياً، جدعون ساعر ثالثاً، إلا أن العرض قوبل بالرفض.
الخشية واحدة: عدم تكرار تجربة وزير الحرب السابق موشيه يعالون الذي دفع ثمن اتفاقه مع زعيم الليكود بخسارته حياته السياسية، كذلك تجربة زعيم حزب “ابيض-ازرق” بيني غانتس، الذي بقي يحلم بتولي رئاسة الحكومة بالتناوب مع نتنياهو، إلا ان حلمه تبخر بعد تنصل زعيم الليكود من الاتفاق وحلّه للحكومة والذهاب نحو انتخابات مبكرة افقدت غانتس نصف مقاعده البرلمانية.
بينيت يخشى المصير ذاته، سواء في التحالف مع نتنياهو ام في الذهاب الى انتخابات نيابية خامسة وسط توقعات بألا يتجاوز حزبه نسبة الأصوات المطلوبة (3.6% من عدد المقترعين) والتي تخوله الوصول الى الكنيست، فكان خياره تسجيل اسمه على لائحة رؤساء الحكومة ولو ليوم واحد وبعدها لا بأس في أن يذهب الى بيته بسبب انسلاخه عن بيئته اليمينية المتطرفة والتحالف مع الوسط واليسار.
لابيد تجرع السم بأن وافق على تسليم رئاسة الحكومة في مرحلة التناوب الاولى وعمرها 27 شهراً (حتى ايلول/سبتمبر من العام 2023) الى خصمه اليميني بينيت طمعا بمقاعده البرلمانية الخمسة بعد انشقاق احد النواب رفضا للاتفاق، علما بأن النجم التلفزيوني السابق الوسطي لابيد يملك حزبه 17 مقعداً وهو يحتل المرتبة الثانية بعد حزب الليكود من حيث عدد المقاعد .
فتح هذا الاعلان الباب أمام إقصاء نتنياهو وتركه اسير منازعتين، الأولى تتعلق بملفات الفساد الثلاث التي تواجهه بتهم الرشوة والاحتيال واستغلال السلطة او النفوذ وهي أصبحت في مرحلة “اثبات التهم”، وثانية تتعلق بالانتخابات الداخلية لحزب الليكود حيث ينتظر نتنياهو معركة لا تقل اهمية عن معركة رئاسة الحكومة، خاصة وأن ملامح المنافسة قد بدأت تظهر، وقطباها حتى الآن كل من وزير المالية الحالي يسرائيل كاتس ورئيس بلدية القدس السابق عضو الكنيست نير بركات.
بالعودة الى الحكومة التي قد تبصر النور، فإن تحالف الاضداد قد ضمن لصالحه 56 مقعداً، ويقوم على ثلاثة اعمدة متناقضة لا يجمعها الا شيء واحد وهو التخلص من حقبة “بيبي” التي امتدت قرابة 12 عاما لتشكل أطول مدة حكم لرئيس حكومة في إسرائيل.
الرافعة الاولى للحكومة تضم الثلاثي الاستيطاني – اليميني المتطرف نفتالي بينيت المدير العام السابق لمجلس المستوطنات، والملقب “برجل ارض اسرائيل”، والى جانبه اليميني المتطرف المنشق عن حزب الليكود جدعون ساعر والذي سيتولى حقيبة العدل في الحكومة المقبلة ولديه ستة مقاعد، واليميني افيغدور ليبرمان زعيم حزب “اسرائيل بيتنا” والذي حافظ في الانتخابات الاخيرة على سبعة مقاعد.

ضمن تحالف الاضداد لصالحه 56 مقعداً، وهو يقوم على ثلاثة اعمدة متعارضة متناقضة لا يجمعها الا شيء واحد وهو التخلص من حقبة “بيبي” التي امتدت قرابة 12 عاما لتشكل أطول مدة حكم لرئيس حكومة في إسرائيل

أما الرافعة الثانية فتضم ما يعرف في القاموس السياسي الإسرائيلي بأحزاب “اليسار الصهيوني”، وفي المقدمة منها حزب “ميرتس” صاحب المواقف السياسية البعيدة عن أهداف اليمين الاستيطاني ولديه ستة مقاعد ايضاً، كذلك الامر بالنسبة الى انضمام “حزب العمل” بمقاعده السبعة.
وأما الرافعة الثالثة، وهي الاساس، فتتمثل بكل من حزب “هناك مستقبل” بزعامة يائير لابيد وحزب “ازرق-ابيض” برئاسة بيني غانتس وسوف يتولى الأخير حقيبة الامن بالاضافة الى ثلاث حقائب لحزبه الذي مني في الانتخابات الاخيرة بخسارة كبيرة بعد حصوله على ثمانية مقاعد تمثل نصف عدد مقاعده في الانتخابات السابقة.
ليس هذا نهاية المطاف في إحصاء التحالف بعد 70 يوما على الانتخابات. هناك كتلة “القائمة المشتركة”، التي تضم ثلاثة أحزاب، منها التجمع الوطني الذي له نائب واحد، من أصل 6 نواب، وقد أعلن رفضه تقديم أي شكل من أشكال الدعم لحكومة بينيت-لابيد، في مقابل تردد الشريكين الآخرين، الجبهة الديمقراطية (3 نواب)، والعربية للتغيير (نائبان)، عن اعطاء الموقف، فهما يرفضان بينيت لكنهما لا يعارضان لابيد. تبقى الاشارة الى ما سيؤول اليه موقف كتلة “القائمة العربية الموحدة”، برئاسة منصور عباس (4 نواب)، حيث تفيد المعلومات عن تفاوض قد يفضي إلى منح الحكومة العتيدة أصوات عربية في مقابل تحقيق بعض المطالب البرلمانية للمجتمع العربي.
بانتظار الأسبوع المقبل الذي ستتكشف خلاله، وبموجب القانون، طبيعة الاتفاقيات الائتلافية التي أبرمت مع كل واحدة من الكتل البرلمانية، وكون الحديث يدور عن تناقض بين الاتجاهات السياسية لكتل صغيرة الحجم، وأن كل من هذه الكتل يريد الظهور بمظهر المحافظ على برنامجه أمام ناخبيه، فإن ألغاما كثيرة من المتوقع ان تنفجر أمام الحكومة المقبلة وهو ما يراهن عليه نتنياهو، اذ كيف يمكن ادارة الاختلاف والازمة في العلاقة بين ما هو سياسي وما هو ديني وما هو علماني، بين دعاة الحرب ودعاة الاستيطان ودعاة اعادة الحياة الى التسوية السياسية الميتة اصلاً؟ وكيف ستتعامل الحكومة مع المعادلات الجديدة لسيف القدس، وتداعيات الفشل على الداخل الإسرائيلي والارباك الأمني والعسكري والاستخباراتي وهو قيد المعالجة لدى 12 فريقاً شكّلت لهذه الغاية؟ ماذا عن موضوع القدس وحي الشيخ جراح؟ وأية صيغة ستعتمد لاستعادة فكرة التعايش التي سقطت بالكامل في المدن المختلطة ووصول العنصرية الصهيونية الى ذروتها تجاه فلسطينيي 48؟
هذا في السياسة، لكن ماذا عن الأزمات الاقتصادية وكيفية معالجتها وسط تقارير تتحدث عن أن إسرائيل مقبلة على موجة ارتفاع أسعار جديدة في المواد الاستهلاكية الأساسية؟
يترك نتنياهو الحكم بعد عامين وأكثر من محاولاته وصراعه من اجل البقاء على رأس السلطة، لكن يبدو أن “صمغ نتنياهو” للاحتفاظ بالكرسي على حد تعبير صحيفة “هارتس”، والذي استعمله هذه المرة بات منتهي الصلاحية وتركيبته فاسدة، الا اذا حصلت معجزة ما، من الواضح انها لن تتحقق.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  من إدلب إلى شرق الفرات .. نهاية سياسة الفصل!
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
online free course
إقرأ على موقع 180  إسرائيل والرد الإيراني: تعادل.. لا يبدد المخاطر