في 6 تموز/يوليو 2021، أمضيت نحو نصف ساعة مع وسام يشرح لي هاتفياً فكرة سلسلة فيديوهات جديدة لبرنامجه “سباسكايا: العالم بتوقيت موسكو”. يقدّم في كل منها مقطوعة موسيقية روسية ويشرحها ثم يطوف بالمشاهدين في الأفلام والأعمال الفنية العربية التي استخدمتها أو تأثرت بها، على أن يبدأ بث أولى حلقات السلسلة في الأسبوع التالي بمقطوعة مودست موسورجسكي، “ليلة على الجبل الأجرد“. كان هذا بمثابة فتح جديد لبرنامجه اليوتيوبي، الذي اجتذب جمهوراً واسعاً من طنجة إلى لنجة ومن العشرين إلى الثمانين عمراً، بالرغم من عدم شعبية المواضيع.
كانت شخصية وسام ومرحه هما الحادي الذي يتبعه السراة بليال اليباب العربي ليأخذهم في آفاق ثقافية رحبة. كان يتخلل حديثه عن الأحداث الروسية، بالكثير من الاستعارات والإحالات إلى مشاهد من أفلام استفان روستي واللمبي.
قبلها بشهرين ناقشنا تطبيق برنامج للذكاء الاصطناعي نطوّره لاستخلاص الكلمات المفتاحية من كل مقالات 180 بوست والمسكوبية. كان متحمساً ويسابقني بأفكاره.
طوال الوقت كنا نتابع تطورات أنبوب نوردستريم2 للغاز والحدود البحرية في شرق المتوسط، وتفاصيل وصور طهي الكثير من الأكلات، وتدهشني متابعته اللصيقة لتطورات الانتخابات هنا في نيويورك.
لطالما سألته كيف نما فيك كل هذا الاهتمام بالشأن الروسي وأثره بالمشرق؟ آلَ وسام على نفسه أن يكون جسراً بين العالم العربي وبين العوالم الأخرى، وليس فقط روسيا ـ ليكون الأممي الحق
أذكر أسلوبه المرح بعد ساعات من انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس 2020، كيف أنه كان بمطعم في حي الجميزة وخرج ليدخن سيجارة، وحين عاد لم يكن هناك مطعم وسيارته تضررت وكيف وجد نفسه أسير كاميرته حتى فجر اليوم التالي. بهذه الروح كان لا يدع قتامة الأحداث تتسرب إلى حديثه ونظرته الفوّارة للحياة.
أعجبني جهده الذي لا يفتر في إطلاق موقع 180 بوست مع باقي زملائه المؤسسين، وعدم تهيبه من التصدي لأمور تقنية جافة أو عدم مسايرة السائد الإعلامي والتجاري ومثابرته في موقع المسكوبية، الذي كان حديقة غناء من الثقافة، بعيداً عن الدروب المألوفة.
لطالما سألته كيف نما فيك كل هذا الاهتمام بالشأن الروسي وأثره بالمشرق؟ آلَ وسام على نفسه أن يكون جسراً بين العالم العربي وبين العوالم الأخرى، وليس فقط روسيا ـ ليكون الأممي الحق.
سنفتقدك يا وسام.
(*) حلقات “سباسكايا” لكن ليس حسب تسلسلها الزمني: الأولى، الثانية، الثالثة، الرابعة، الخامسة، السادسة، السابعة.