ذكر لي اسمه وحدّد ميعاد اللقاء. غداء فاخر على أحد المراكب النيلية بالزمالك. بدوري، رحت أبحث عن ذاك الصحافي الذي سألتقيه، قرأت له، وعلمت أن له ندوة في دار الكتب، أدركتُ أني أمام صحافي كبير، وحدث اللقاء، شابٌ ضخمٌ، ذو بشرة بيضاء وصوت هادىء، لا يتكلم كثيراً، بل يفضل أن يكون مستمعاً في أغلب الأحيان.
لم يتحدث وسام كثيراً في هذا اللقاء، لكن لقاءاتنا تعدّدت، في “الأهرام” وفي أكثر من مكان في القاهرة وبيروت. تعددت اللقاءات فأحببت هذا الـ”وسام” حباً جماً، صرنا أكثر من أصدقاء، أصبح كل منا في بلده جواز مرور الآخر، كما قلت له منذ أشهر قليلة، حين سألني “أنت في لبنان”؟ قلت “لا والله العظيم ما جيت على لبنان، إنت مكتب الجوازات بتاعي”. كان ذلك حقاً وصدقاً، وفي يوم 4 آب/أغسطس (2020) المشؤوم، كان أول من هلعت عليه، واتصلت به، قائلاً له، “أعلم أنك لا تستقر في مكان، أنت كائن متحرك، طمني عنك”.. وأخبرني كيف صادف وجوده في شارع قريب من مكان الإنفجار.
الـ”وسام” كان مرجعي في شؤون كثيرة، برغم أنى أكبر منه سناً، وأقدم منه في مهنة المتعاب، لكن هذا الـ”وسام” كان موسوعة في كل شيء، بل في أدق التفاصيل هنا وهناك، أعني في مصر التي عشقها بكل جوارحه، أو هناك في لبنان، موطنه الذي ولد وعاش فيه، لكن قلبه كان معلقاً بمصر، كان يبهرك بتحليله ومعلوماته، ولا يتحرج على الإطلاق في أن يكشف لك عن مصادر معلوماته الدقيقة والمهمة جداً.
أكتب الآن عن وسام وأتذكر أن تلك الأيام الكثيرة التى جمعتني به، لن تعود، فأذرف الدمع مدراراً، وأوجه له عتاباً ولوماً قاسياً جداً، على رحيله من دون إستئذان، ومن دون إخبارنا، لماذا فعلت ما فعلت من دون أن تخبرنا، أيهون عليك أن ترحل وتتركنا؟
يا وسام،
بعد موتك نشعر بأننا يتامى، من يستقبلنا حين نزور لبنان، ويقوم بتوصيلنا إلى مطار بيروت، ومن نفرح بلقائه حين يأتي إلى مصر، يأخذ جولته مع أصحابه، وأكون أنا آخر الجولات لأقوم بتوصيلك إلى المطار. أيهون عليك يا صديقي؟
يا صديقي، إن كأس الفراق صعب لا نستطيع أن نتجرعه بسهولة.
يا وسام،
ستظل “وساماً” على صدر من عرفك والتقى بك، بل وكل من سمع عنك من أحبتك.