عامية 2021.. وآفاق التغيير

جهنم، قعر الهاوية، إرتطام، انهيار، اندثار، زوال، نهاية؛ مفردات لا تحصى ولا تعد تواكبنا يومياً مع توقعات تشي بمفردات جديدة تنتظرنا في المقبل من أيامنا اللبنانية الصعبة.

لن ادخل في تحليل الواقع الراهن وما آلت اليه أمورنا اللبنانية. كل المؤشرات الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية، المالية، القضائية والإدارية تؤكد حقيقة واحدة: نظامنا سقط، وها هو يدخل في مرحلة من التحلل العضوي مع ما يرافق ذلك من انبعاث سموم واوبئة أمنية وطائفية وسياسية.

رموز النظام المتهالك من سلطة وما يسمى معارضة وحماتهم من قوى الامر الواقع أضحوا عبارة عن صعالكة تتقيأ يومياً مفردات الدفاع عن انجازاتهم في علم الفساد والنهب.. أو عن اسيادهم الخارجيين.

نحن في العدم، وهذه فرصة تاريخية للتغيير.

نعم، لم نعد نملك ما يمكن خسارته.

حتى ما تبقى لنا من كرامة بات مستباحا.

تعالوا نبدأ من الصفر، تعالوا ننبذ وحول وتراكمات هذه الطبقة الفاسدة لنبني حلمنا.

عفوية 17 تشرين، ببدايتها، من خلال الكم الهائل من المشاركين وبصوابية شعاراتها اثبتت وجود خميرة قابلة للحياة والتعمير.

وصولكم الى مراكز القرار من خلال القليل من الانتخابات النقابية والطلابية المبنية على الديموقراطية الفعلية تثبت توافر شروط التغيير.

بداية لا بد من التسليم بالبديهيات:

-لبنان وطن نهائي بحدوده ومستقل بقراراته من دون اي وصاية خارجية حتى من أقرب جيرانه وبخاصة سوريا. وهنا لا بد من دحض نظريات الدولة “المصطنعة” والتي تبغي القضاء على وجود الكيان اللبناني وبالتالي ضمه الى ما يسمى “سوريا الكبرى”.

-ننتمي إلى لبنان الوطن النهائي أولاً، وقبل اي انتماءات طائفية ومذهبية، مع احترام هذه الانتماءات والحض على تفاعلها بشكل إيجابي ضمن الدولة المدنية.

-انتماؤنا وحضارتنا وثقافتنا عربية بامتياز تتفاعل مع عالمنا العربي من خلال الاحترام المتبادل وتعزيز العلاقات مع محيطنا العربي على جميع الاصعدة.

-نتشارك مع بعض عالمنا العربي الذي ما زال يعتبر “إسرائيل” دولة عدوة ومعتدية لا مجال للتعامل معها الا على قاعدة ضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني (حق العودة وبناء الدولة) والحفاظ على ثرواتنا الوطنية والإحتفاظ بحقنا في مقاومة اي اعتداء.

-انشاء دولة مدنية على قاعدة العدالة وحقوق الإنسان والمساواة الاجتماعية والمحاسبة كضمانة للتطور ووضع أسس مجتمع مدني عصري مبني حصريا على القدرات والمؤهلات والكفاءات.

الطريق الى التغيير واحدة وتمر بوقف الإعتراف الفوري بالسلطة الحالية وكافة مؤسساتها واستبدالها بأدوات واطر مرحلية لإدارة الشؤون العامة تمهيدا لخلق دولة مدنية جديدة، مع الانتباه لضرورة تحصين هذه الادوات من أي تدخل خارجي، إذ لطالما برهن الخارج عبر الزمن انه المغطي الأول للسلطة الموبوءة التي تؤمن أفضل حماية لمصالحه

آلية التغيير

لا يمكن معالجة أزمة النظام اللبناني المستعصية من قبل مسببيها ومن يديرها ويستفيد منها. مسرحيات تغيير “الطرابيش” تؤدي إلى النتائج نفسها.

إذاً الطريق الى التغيير واحدة وتمر بوقف الإعتراف الفوري بالسلطة الحالية وكافة مؤسساتها السياسية والقضائية والإدارية واستبدالها بأدوات واطر مرحلية لإدارة الشؤون العامة تمهيدا لخلق دولة مدنية جديدة، مع الانتباه لضرورة تحصين هذه الادوات من أي تدخل خارجي، إذ لطالما برهن الخارج عبر الزمن انه المغطي الأول للسلطة الموبوءة التي تؤمن أفضل حماية لمصالحه.. وما التعويم الخارجي لبعض حركات المجتمع المدني المنبثقة من 17 تشرين والمحاولة الفرنسية الأخيرة لإنقاذ السلطة الحالية من الانهيار إلا خير دليل على الدور السلبي للتدخل الأجنبي في شؤوننا وشجوننا.

لا ادعي معرفتي بالأساليب والأدوات المطلوبة لمواكبة التغيير، لكن هذه مساهمة متواضعة بطرح بعض الأفكار للنقاش من اجل اغنائها وتفصيلها:

-مقاطعة كافة أدوات السلطة القائمة من وزراء ونواب وادارات ومؤسسات وصولا لبعض أجهزة الامن والقضاء التي عملت وتعمل لحماية السلطة القائمة.

-تشكيل مجالس قرى واحياء على شكل عاميات تتولى الإدارة المباشرة للحياة اليومية.

-انتداب مندوبين من قبل المجالس المحلية من اجل تشكيل هيكلية متناسقة لمجالس مناطقية وصولا لتشكيل مجلس اعلى لإدارة المرحلة الانتقالية.

-تشكيل لجان من المتطوعين ذوي الاختصاص لإعادة النظر بكافة الأنظمة القائمة من إدارة، اقتصاد، مالية، مجتمع، أحوال شخصية، اتصالات إلخ..

-تشكيل لجنة قضائية من كبار القضاة المشهود بنزاهتهم مهمتها إعادة هيكلة القضاء على قاعدة استقلاليته الكاملة تمهيدا لفتح ملفات النهب والفساد واجراء الملاحقات اللازمة.

اما على صعيد العمل من الخارج:

-تشكيل مجالس تمثيلية في دول الانتشار تمهيدا لوقف الاعتراف بالسلطة الحالية والطلب من الدول الأجنبية الاعتراف بالسلطة المرحلية البديلة ومساعدتها.

-تنظيم المساعدات العينية والمالية عبر لجان خاصة وحصرية ومتخصصة في دول الانتشار، بالتنسيق مع المجالس التمثيلية، مهمتها إدارة المساعدات الدولية بناء على احتياجات المجتمع اللبناني مع المحافظة على الشفافية التامة.

-تنظيم لجان من المتطوعين من ذوي الاختصاص مهمتها اعداد برامج للنهوض السريع بالقطاعات الأساسية من استشفاء، كهرباء، اتصالات، صناعة، زراعة، خدمات ومدارس وجامعات إلخ..

إقرأ على موقع 180  اليابان تطالب بإسترداد أوكاموتو مجدداً.. ولبنان يرفض

هذه مداخل لمواضيع معقدة ومتشعبة، ولكن واجبنا يحتم علينا الانتقال الى الفعل في ظل ما نشهده من تفكك مفتعل او غير مفتعل للنظام الحالي.

المهمة صعبة ودقيقة وتتطلب قمة الوعي والتعالي عن المصلحة المباشرة من اجل المصلحة العامة وصولاً إلى إعادة بناء الدولة المدنية الحديثة.

بالطبع المخاطر كثيرة ومتنوعة، وامكانيات السلطة القائمة وحماتها كبيرة، يمكن ان تترجم بالضغط المباشر والتهديد والقمع بالإضافة الى امكانياتها المالية الضخمة والتي لن تتردد في استعمالها للترغيب وافشال اي محاولة للتغيير.

Print Friendly, PDF & Email
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
free online course
إقرأ على موقع 180  يا غبطة البطريرك.. من أين نأتي بأقطاب شهابيين؟