هذا القَسَم ـ البيان الوزاري قام بإعداده مُمثلون ومستشارون لكل أركان الفساد الجاثمين على صدورنا منذ أكثر من أربعين سنة، وذلك بعد إجتماعات سرّية وعلنية إلتقوا فيها على وجوب إكمال طريقهم حتى قتل وتجويع وتركيع وإذلال كل الشعب اللبناني العظيم حتى آخر طفل رضيع وآخر كهل مُعمّر في هذا الوطن. تعاهدوا في ما بينهم واقسموا أن لا يخون احدهم هذا العهد لأن أي إهتزاز أو سقوط لأحد أركان هذه المنظومة سوف يؤدّي الى زعزعة المجموعة وخلخلة اساساتها وتعريضها للسقوط المدوّي، كما يعتقدون. لذلك، هم يتناغمون في ما بينهم ويوزعون الأدوار لكي يعتقد بعض البسطاء من أبناء شعبي أنهم مُتخاصمون في العلن لكنّهم في الحقيقة متفقون. وفي ما يلي البيان الوزاري ـ القَسَم المُبين!
***
“نُقسِم بالله العظيم،
مُجتمعين مُتّحدين ومنفردين،
نحن من خان الأمانة وسرق ونهب وأجحف بحقّ هذا الوطن المسكين طوال خمس وثلاثين سنة أو أكثر مذ كُنّا على خطوط التماس وفي ميليشيّاتنا مُنتظمين، تارةً مُتقاتلين وتارة أخرى متحالفين.
نحن، نعم نحن من أحرق لبناننا طيلة حرب أهلية كنّا منها مُعتاشين.
ونحن أيضًا من أكمل الدرب نفسه بعد نهاية الحرب عندما خلعنا بدلة الميليشيا وصرنا للبدلة الرسميّة وربطة العنق لابسين.. وبها مُستترين مُتخفّين ومُتأنقين.
نعم، نحن نعاهدكم ألّا نكون بعد اليوم سوى من الناهبين والسّارقين، وأن تبقى “جماهيرنا” و”ناخبينا” مجرد أغنام مُنقادين، مُستزلمين وُمذلّين.
نعاهدكم ألا نُعيدَ قطعاً الأموال التي سرقناها من الخزينة والأموال المنهوبة التي هرّبناها للخارج مع الزوجات والأبناء والأصهرة والأقارب وكل المقاولين ورجال الأعمال الذين كانوا وما زالوا في حلقتنا دائرين.
وان لا نُقدّم أبداً للحساب والمحاسبة كلّ موظف أو مدير أو قاضٍ أو ضابطٍ وظّفناهُ، وأن لا نُحاكم منهم أي فاسد من الفاسدين المُفسدين.
ولا يهمّنا بالطبع ان نُعيدَ هيكلة الدين العام والكفّ عن إستجداءِ المُساعدات والهبات والمكرمات والقروض والديون كالشحّاذين.
ولا نُريد أيضاً ان نُعيد الثقة بالدولة فنكون من النزيهين الشرفاء الصالحين.
ولا نريد أن نكون على الخزينة والمال العام الذي اكلناه ونهبناه واستولينا عليه في الصفقات والسمسرات والمشاريع الوهمية حارسين وحريصين.
ولا يعنينا قطعاً أن نُعيد للعملة الوطنيّة قيمتها وأن نفكّ أسر أموال المُودعين.
ولن نُوقفَ نموذجنا بل سنكمل نهج المُحاصصة في التعيينات ولن نختار منذ اللحظة لا الشرفاء ولا الخبراء ولا الكفوئين.
ولن نُقرّ قانون إنتخاب عصريٍّ، قائم على النسبيّة وخارج القيد الطائفي والمذهبي والدين.
ولن نوجِد فُرص عمل للشباب الجامعيين ولكل الخرّيجين، ولن نولي ايضاً اي عناية ولو خجولة بكل المحتاجين والمحرومين.
ولن نُبادر فعليًا إلى حلّ مُشكلة الكهرباء فَنضع حدّاً للتقنين ولإحتكار تجارة المحروقات وكارتيلات النفط وطوابير الذلّ على المحطات وامام الأفران، ولن نتخلّى حتماً عن كل السمسرات والصفقات وتقاسم الجبنة والمشاريع الوهميّة والتشبيح والعربدة في وطننا المسكين.
لن ندعم السلع الأساسيّة كالطحين بل سنمضي بجعل الدعم يذهب إلى جيوب بعض التجّار النهمين المحتكرين.
وسنحتكر اكثر فاكثر ونبيعكم ونذلّكم عبر مافياتنا وكارتيلاتنا وأزلامنا وبعض تجارنا المحظيّين بتجارة الفيول والمازوت والبنزين.
لن نُراقب أسعار السلع في التعاونيّات والسوبر ماركات والدكاكين.
لن ندعم الجيش الوطني وسندمّره ونُفكّكه ولن نُعيد اللحوم والأسماك إلى أطباق العسكريين.
عشتم وعاش لبناننا العظيم”.
***
مُلاحظة على الهامش: أنا أنتمي إلى فئة المواطنين المُناضلين وعن الوطن قسريًا مُبعدين.
أُعلن أن لا ثقة لي بهكذا نوع من الحكومات بوجود هذه الزُمرة الحاكمة من السياسيين.
وأعلم جيّداً أنه لا سبيل لنهوض البلد إلا عبر نضال طويل وطويل جداً يضمن وصول نظيفي الكفّ من الأحرار والوطنيين، أو لربّما تُحلّ الأمور بسرعة بمُساعدة إلهيّة من رب العالمين.