هآرتس: لتطالب إسرائيل بمظلة نووية أميركية بدل تضييع الوقت!

Avatar18001/12/2021
يدعو المحلل السياسي في "هآرتس" يوسي فيرتر تل أبيب إلى عدم تضييع وقت إضافي، مع إستئناف مفاوضات فيينا النووية، ويقول إن إسرائيل مدعوة إلى مطالبة الولايات المتحدة بتوفير مظلة نووية لها كما فعلت سابقاً مع كوريا الجنوبية.

“يتعين على إسرائيل التوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة لمنحها “مظلة نووية”، وأيضاً التصريح عن ذلك علناً. هذه هي الاستراتيجيا المطلوبة الآن مع استئناف المحادثات النووية في ڤيينا بين إيران والدول الكبرى، وذلك على خلفية تشاؤم كل الأطراف بشأن فرص التوصل إلى اتفاق، ومع الإدراك أن إسرائيل غير قادرة فعلاً على التحرك على المستوى العسكري. اقتراح الحصول على مظلة نووية يمكن توسيعه ليشمل أيضاً حلفاء الولايات المتحدة وإسرائيل – السعودية والإمارات والبحرين – إذا أرادوا ذلك.

ما معنى “مظلة نووية”؟ معناه أن كل تهديد نووي توجهه إيران نحو إسرائيل، ولو ضمنياً، سيواجَه بتهديد أميركي مضاد باستخدام سلاح نووي. بحماية اتفاق كهذا، تواجه كوريا الجنوبية خصمها النووي كوريا الشمالية. إن نشر مظلة نووية هو ضمانة نهائية للردع في مواجهة البرنامج النووي الإيراني وخطره إذا قامت إيران بتركيب سلاح نووي وهددت إسرائيل بواسطته كي تنتزع من إسرائيل تنازلات.

تصريحات رئيس الحكومة نفتالي بينت، ووزير الدفاع بني غانتس، ورئيس الأركان أفيف كوخافي، المتعلقة باستعدادات إسرائيل لهجوم عسكري هي فارغة وغير ضرورية. هم يعرفون ذلك ويتجاهلونه. فعلياً، كل الأطراف – إيران، وروسيا، والصين، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة – يدركون ذلك. الزعيم الذي يضلل العدو، مستخدماً الخداع والحرب النفسية، يُعتبر حكيماً؛ وزعيم يخدع الجمهور يُعتبر ماكراً، لكن زعيماً يخدع نفسه هو أمر خطِر.

لستَ بحاجة إلى أن تكون جنرالاً أو استراتيجياً لكي تفهم الصورة. يكفي النظر إلى الخريطة والقوات التي تتحرك في المنطقة، وأن نقرأ عن قوة سلاح الجو من مصادر علنية. وها هي الحقائق: من أجل مهاجمة إيران في المسار القصير يجب على طائرات سلاح الجو العبور فوق دولتين، العراق والأردن (يمكن المرور أيضاً فوق السعودية، لكن المسار سيكون أطول). في جميع الأحوال، وفي أي مسار، سيكون مطلوباً من طائرات سلاح الجو، ضمناً طائرات أف – 35 الشبح المُعدة تحديداً لمثل هذا الهجوم، أن تكون مزودة بالذخيرة القصوى من القنابل والصواريخ، وبأقصى قدرتها على الحمولة، وستحتاج إلى التزود بالوقود في الجو، الأمر الذي يُبطّىء العملية ويزيد في خطر الانكشاف.

حرام تضييع عشرات مليارات الشيكلات على إعداد سلاح الجو لهجوم لن ينفَّذ. هذا ما حدث تحديداً خلال ولاية بنيامين نتنياهو. أيضاً حتى لو دُمِّرت منشآت إيران النووية كلها أو جزء منها بصورة مذهلة، علينا أن نفهم أنه سيبقى لدى إيران المعرفة والخطط، وهذا لا يمكن تدميره

هناك أيضاً احتمال نظري لمسار بديل للهجوم: الانطلاق من أذربيجان التي لديها حدود مشتركة مع إيران. التعاون الاستخباراتي والعسكري بين القدس وباكو وثيق جداً، وفي الماضي انتشرت معلومات بأن أذربيجان وضعت تحت تصرّف إسرائيل مطاراً يمكن أن تنطلق منه طائرات حربية إسرائيلية نحو إيران. ليس واضحاً حتى الآن مدى صحة هذه الأخبار، كما نُشر أيضاً أن مسيّرات إسرائيلية انطلقت من أذربيجان في مهمات استخباراتية في إيران. وفي إحدى المرات سقطت مسيّرة (إسرائيلية) وقام الإيرانيون بجمع بقاياها.

على أي حال، احتمال أن توافق أذربيجان على عمل طائرات سلاح الجو الإسرائيلي، انطلاقاً من أجوائها ضد إيران، هو ضعيف للغاية، وحتى غير موجود. التعاون الاستخباراتي شيء وشن عملية عسكرية إسرائيلية من أراضي الدولة المسلمة هو شيء آخر، ومن شأنه تغيير قواعد اللعبة بين الدولتين، وفي المنطقة كلها. معنى ذلك أن إيران ستشن حرباً وليس لدى أذربيجان أي رغبة في خوضها.

لنفترض أن طائرات سلاح الجو الإسرائيلية ستنجح في المرور في أجواء الأردن والعراق أو السعودية من دون كشفها، أو أن تشارك هذه الدول في العملية مع إسرائيل. ماذا عن الوجود الكثيف للولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا في منطقة الشرق الأوسط؟ من دون ذكر تركيا المعادية لإسرائيل، والتي سلّمت استخباراتها إيران في الماضي عميلاً إسرائيلياً.

باختصار، احتمال أن تتحرك طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بصمت ومن دون كشفها ومن تحت الرادار يوازي الصفر. إذا حدث مثل هذه المعجزة، وأيضاً إذا أرسلت إسرائيل كل قوتها الجوية القتالية في هذه المهمة، فستكون عملية لمرة واحدة، بعكس هجوم أميركي يمكن أن ينفَّذ على عدة موجات ويستمر أياماً وأسابيع. كل الإدارات الأميركية (أوباما، وترامب، وبايدن) عارضت مثل هذا الهجوم وتعارضه.

في هجوم المرة الواحدة، على افتراض أن سلاح الجو سينجح في خداع و”تعمية” وتشويش منظومة الدفاع الجوي الإيرانية، ستضطر الطائرات الهجومية إلى الوصول وتدمير، ليس فقط عشرات المنشآت النووية التي بنتها إيران في شتى أنحاء البلد (جزء منها سيكون بعيداً ولن تصل إليه إسرائيل)، بل ستضطر قبل تدمير المنشآت، أو بالتزامن معه، إلى تدمير مراكز قيادة التحكم والاتصال والدفاع الجوي. وهذه المهمة معقدة وتقريباً مستحيلة، وأكبر من قدرات سلاح الجو الإسرائيلي. ومن شبه المؤكد تقريباً أن جزءاً من الطائرات سيسقط خلال الهجمات ويمكن أن يقتَل طيارون أو يقعوا في الأسر.

الإتفاق مع أميركا لن يُضعف حرية العمل العسكري الإسرائيلي. وسيكون في استطاعة إسرائيل العمل ضد إيران بالوسائل التقليدية، وفي عمليات سرية كما فعلت حتى اليوم، بهدف إضعافها وعرقلة برنامجها النووي، ومحاولة كبح خطواتها ومساعيها لتحقيق هيمنة إقليمية

حرام تضييع عشرات مليارات الشيكلات على إعداد سلاح الجو لهجوم لن ينفَّذ. هذا ما حدث تحديداً خلال ولاية بنيامين نتنياهو. أيضاً حتى لو دُمِّرت منشآت إيران النووية كلها أو جزء منها بصورة مذهلة، علينا أن نفهم أنه سيبقى لدى إيران المعرفة والخطط، وهذا لا يمكن تدميره. كما تعلّمنا أن إيران تعرف كيف ترمم وتعيد بناء منشآت تضررت في الماضي في عمليات تخريبية نُسبت إلى الاستخبارات الإسرائيلية، وهذا ما ستفعله في المستقبل. ما الفائدة من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء عاماً أو عامين، إذا كانت هذه هي المخاطر والأثمان؟

إقرأ على موقع 180  فلسطين في وجه إله الحرب 

عملية عسكرية إسرائيلية ستكون موضع إدانة دولية شاملة، وربما أيضاً تصل إلى فرض عقوبات. والأسوأ من ذلك أنها ستمنح إيران الشرعية لإعادة بناء برنامجها النووي، وهذه المرة الوصول بسرعة إلى تركيب القنبلة، الأمر الذي امتنعت منه حتى الآن. في مثل هذا الوضع لا يستطيع العالم أن يعارض بعد الآن، ولا أن يفرض عليها عقوبات. كما تنطوي العملية العسكرية الإسرائيلية على خطر كبير آخر: أيضاً إذا نجحت إسرائيل في مهاجمة وتدمير منشآت نووية على الرغم من كل هذا، ففي استطاعة إيران أن تقرر عدم إعادة بنائها، وبدلاً من ذلك المطالبة بنزع السلاح النووي من الشرق الأوسط. أي طرح المطالبة بنزع سلاح إسرائيل النووي الذي يعتقد الجميع أنها تحتفظ به. هل تستطيع الولايات المتحدة في مثل هذه الحالة الاستمرار في الدفاع عن إسرائيل كما فعلت حتى الآن في المنتدى الدولي، بما في ذلك في مجلس الأمن والأمم المتحدة؟

لا تملك إسرائيل خيارات جيدة عند مفترق الطرق التاريخي هذا. فالهجوم العسكري ليس عملياً، نظراً إلى كل الأسباب التي شرحناها هنا. هدف إيران من مفاوضات ڤيينا هو المماطلة إلى أن تصبح دولة على عتبة النووي، أو قادرة على تركيب سلاح نووي، على الرغم من أن الأمر مشكوك فيه. حتى لو جرى التوصل إلى اتفاق جديد، فإن عدم رغبة إدارة بايدن في الدخول في مواجهة مع إيران سيؤدي إلى اتفاق ممتلئ بالثغرات، الأمر الذي سيسمح للجمهورية الإسلامية بالاستمرار في الاحتفاظ ببرنامجها النووي. أما إذا لم يجر التوصل إلى اتفاق كما يقدّرون في واشنطن، ولم تُرفع العقوبات عن إيران، وهو الأمر الأقل سوءاً في نظر إسرائيل، فإن الوضع القائم سيستمر، وهو ينطوي على عدم استقرار كبير.

لذا، على إسرائيل جمع شجاعتها واقتراح خطوة جريئة ومبتكرة. يجب عليها التحدث مع إدارة بايدن عن الاتفاق المطلوب، اتفاق علني تتعهد فيه واشنطن منح إسرائيل، وربما حلفاء آخرين لها في المنطقة إذا أرادوا، مظلة نووية. علاقات القوة النووية بين إيران والولايات المتحدة معروفة ولا حاجة إلى إضافة كلمات إليها.

مظلة نووية أميركية تستطيع أن تسمح لإسرائيل بالاستمرار في الاحتفاظ ببرنامجها النووي، لكنها ستزيل التخوف من وقوع إيران في إغراء استخدام سلاحها النووي. مثل هذا الاتفاق مع الولايات المتحدة يجب أن يطبَّق فقط في المجال النووي، وليس في المجال التقليدي. بكلمات أُخرى، هو لن يُضعف حرية العمل العسكري الإسرائيلي. وسيكون في استطاعة إسرائيل العمل ضد إيران بالوسائل التقليدية، وفي عمليات سرية كما فعلت حتى اليوم، بهدف إضعافها وعرقلة برنامجها النووي، ومحاولة كبح خطواتها ومساعيها لتحقيق هيمنة إقليمية” (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  الدولة ووظائفها المُصادرة.. "فدرال بنك" نموذجاً!