ما فات السيد نصرالله!

على جاري عادته، يفنّد  الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خطاباته بمنهجية علمية مبنية على دراسات ومعلومات وحقائق يتولاها فريق حزبي وازن من الإختصاصيين، لا سيما الخطاب الأخير الذي لم يحتوِ على مقدمات ولا تشعب في مواضيعه، إنما كان مُخصصاً لموضوع واحد ألا وهو الثروة النفطية اللبنانية.

عرّج السيد نصرالله في خطابه الأخير، على كل الأخطار المحدقة بالملف النفطي، وهي لا تقتصر على ترسيم الحدود البحرية مع العدو إنما تشمل عناوين عدة بينها كيفية حماية تلك الثروة، قبل إستخراجها وبعده وأهمية عامل الوقت؛ لكن فات السيد التطرق إلى عملية تصريف الإنتاج وبيعه في ظل إفتقار لبنان لنظام الحوكمة الرشيدة كما هو حال كل القطاعات، ما يجعل المنظومة السياسية التي يدعمها “حزب الله” تتحكم بكل مفاصل البلد وحتماً بهذه الثروة مستقبلاً وثمة إشارات واضحة تصب في هذا الإتجاه.

لا شك أن حزب الله يملك من القدرة والإمكانيات ما يكفي لحماية الثروة النفطية، وإسرائيل تعي ذلك جيداً، وربما يستطيع أن يحثّ ويدفع الدولة اللبنانية على الاستعجال في استكمال كل الخطوات المطلوبة منها لمباشرة الاستفادة من تلك الثروة، لكن ما لا يقدر عليه حزب الله وبالتجربة، هو مكافحة سرقة ونهب تلك الثروة إذا قُدِرَ لنا تنقيبها واستخراجها من أعماق البحار في غضون سبع سنوات على أقل تقدير.

كلنا يعرف أن خطابات السيد نصرالله التي سبقت انتخابات 2018، حملت موضوعاً واحداً؛ ألا هو محاربة الفساد، فيما لم تحمل خطابات انتخابات 2022 شيئاً من هذا القبيل، وليس هناك من تفسير سوى عجز حزب الله عن جبه الفساد طالما أن معظم القضاء أصابته لوثة الفساد. وبالتالي، ماذا تغيّر؟ ما زال الوضع على حاله، الفاسدون والسارقون والناهبون للمال العام ما زالوا هم أنفسهم يتربعون على كل مفاصل السلطة في لبنان.

إذا ما بقينا في هذه الدوامة، فليطمئن العدو بأن لبنان لن يستفيد من الثروة النفطية، ولن يدخل نادي الدول النفطية إلا في الشكل، وسيبقى دولة فقيرة تستجدي المساعدة والعون من هنا وهناك

وبلا طول شرح، طالما أن المنظومة السياسية المتحكمة بالبلاد والعباد قائمة، لا يمكن أن نتصور أنه بمقدور لبنان ان يستفيد من ثرواته النفطية وغير النفطية، ولا حزب الله بوارد فك ارتباطه بتلك المنظومة التي كلفته وتكلفه الكثير، لأسباب معروفة.

فمن سرق أموال المودعين وأفرغ الدولة من كل مقوماتها، ونراه اليوم عينه شاخصة على ما يملك لبنان من احتياطي ذهب وأملاك عامة، سوف يستسهل سرقة الثروة النفطية الموعودة. هذا عدا عن التقاعس البائن في تعديل المرسوم 6433 الذي يعتمد الخط 23، وإصرار الممسكين بعملية التفاوض على اعتماد هذا الخط بدل الخط 29 الذي يُكسب لبنان مساحات بحرية واسعة.

إذا ما بقينا في هذه الدوامة، فليطمئن العدو بأن لبنان لن يستفيد من الثروة النفطية، ولن يدخل نادي الدول النفطية إلا في الشكل، وسيبقى دولة فقيرة تستجدي المساعدة والعون من هنا وهناك، لتبقى دولة بلا قرار وبلا سيادة.. والسلام.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  الحروب أقوى الآلهة.. تصديع جغرافي وتصنيع مربح!
مهدي عقيل

أستاذ جامعي، كاتب لبناني

Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
online free course
إقرأ على موقع 180  10 سنوات على ربيع تونس: ثورة مضادة على الأبواب