كبرنا دون أن نرى نوراً ينتظرنا

دموع سخية على وجه يابس مشدود. أصوات جيران المبنى تخترق حميمية المشهد. لا سكون في حضرة الاختراق. تضيع الطمأنينة المشتهاة، ويضيع السيناريو المنشود. كم لبثنا من أجل حديث صامت حقيقي قبل ان تشهد الروح انسلاخها عن الجسد. خبأتها. ضممتها. أعزيها وتعزيني. لكن لا عزاء لجسد غير قابل لترميم كامل أو جزئي.. ولا عزاء للمغتربات المتواريات.

نشاهد جسداً تشقق منذ مراهقة لم تكن ظروفها عادلة. نتكور على أنفسنا. نُوبخها دون ان تشعر. مجرد عملية روتينية. تستخدم النساء جدار جسد تصلب سابقاً. عشرات المهاجمات كانت من نصيبه فتصدى. لم يعد يهم عندما تتوالى المراحل. في المرات اللاحقة ليونة حد الخدر. كلها طرق مقاومة. لماذا نصر على المقاومة؟  لماذا لا نعترف اننا هزمنا مئات المرات طالما للطرف الاخر امكانية هدم الحقيقة وطمرها. يعتبر الطرف الاخر هذا الوصف مضخماً او انه مجرد دورة من دورات الحياة المتجددة والمتقلبة والواقعية. ماذا لو كانت حياتنا ثابتة؟ هل سيكون هذا، برغم بلادته، أخف ظلمة على النفوس من حركة لا متناهية. في الحبس لم تكن اهواؤنا ملكنا. لم يعد للنساء من مساحة آمنة. ما الأمان؟ هو تلاقي جسدين بروح لا تنضب. في حبس النساء المغتربات مع ازواجهن لم يعد الشعور ملكاً لهن. هو شعور ينبثق من روح غير مرضية. يمشين على الصراط المستقيم قبل الوقوع في الحفرة وبعد الخروج منها. طريقنا المستقيم بمعاييرنا الخاصة وليس حسب معاييرهم. تُنصب الأفخاخ لنا. في الحبس لن يعود شعرنا لنا. جبيننا الأملس ليس لنا. لا عزاء للنساء المغتربات أينما كن. عيون الذكر الغريزية تراقبنا. نبصق على انفسنا ان رأتها. هكذا كنا في البداية. جلسات حساب غير موضوعية. ما هي الموضوعية؟ بالطبع ليست موجودة في حظائرنا العربية والجنسية. صادمة هذه العبارة. ولكن يحق لنا ان نرى من زاوية غير موضوعية. مهما قررنا أن نكون موضوعيين فلن نكون.

تشهد النساء على أنفسهن من دون أن تأخذن بالاعتبار شهود زور الشارع الذكوري الرخيصين. قد نكون مجموعات وأكثر، ولكن جميع النسوة دائما وحدهن حتى لو كن مع بعضهن. لنا ان نُعظّم جراحنا. سيقول البعض انها صفات إلهية. اليس لكل منا إله نفسه؟ لا ملائكة خير تساندهن. من هن؟ نحن جميع المغتربات مع التعميم.

من يعترف بكنوز تجارب النساء اللواتي صمتن، دافعن، وتصدين واقتلعن من بيوتهن وسلخن عن اولادهن؟ من اقتلع طمأنينة الغد في نفوسنا ومن احلامنا؟ هياج عربي في حب قتل الأمهات؟ ومن هو الفاعل المحرض؟ شرائع الالهة على الأرض؟ او قوانين حضارتنا الوضعية والوضعية المستحدثة؟

ان ملاك الله المخبأ قد ربطوه بخطيئة الانثى الأولى. نفوه عن أكتافها التي لم تعد موجودة. فقط شيطانهن شاهدهن. شيطاننا عادل بالرغم من ان لا عزاء للمغتربات. لم تقرر أي منهن ان تجهش بالبكاء. انهمار تليه تنهدات امرأة قبل ان يعتدي عليها شارع الذكوريين الهاربين من أسرهم ومؤسساتهم الباردة. يعترف الشرع والقانون بأبدية الزواج وتعظيم الحب الأوحد بغض النظر عن شكله المهين بحق النساء أحيانا كثيرة. لكن من يعترف بكنوز تجارب النساء اللواتي صمتن، دافعن، وتصدين واقتلعن من بيوتهن وسلخن عن اولادهن؟ من اقتلع طمأنينة الغد في نفوسنا ومن احلامنا؟ هياج عربي في حب قتل الأمهات؟ ومن هو الفاعل المحرض؟ شرائع الالهة على الأرض؟ او قوانين حضارتنا الوضعية والوضعية المستحدثة؟ هل سيضع الرجل تاريخنا وتاريخهن دوما؟ من هو القاتل؟ رجال يركضون لأخذ النصيب. من شوّه أفواه النساء الوردية؟ من يبّس سنابل القمح فينا؟ هارب وداشر في المقهى وفي الشارع. في العمل وفي السرير. جسد المرأة قد تسمم. فسُد، اما التطهير فغير وارد الآن. تبتلع حفرة الاستسلام الهاربات من أنفسهن. لن نقفز دفعة واحدة. نقطعها قطعاً صغيرة او ضخمة لعلنا ننقذها ولو على دفعات. نحن من نقرر النجاة ونحن من قررن دوماً. نحن من نصنع الأدوات التي نراها مناسبة او نرفضها وان تكن حادة فلن تكون أكثر من سكين ذكورنا. قتلنا مرات متتالية على فراش غريب. وفي حي ملم بتفاصيل مواعيد ذهابنا وعودتنا الى منازلنا. لا يحق لنا ان نرى الليل فقط .علينا ان نصلي كما على الجميع ان يصلي لكن بأشكال اقل خشوعاً لميزان الذكور. سنصلي على طريقتنا. عتاب ومهاجمة ونفور ومواجهة هي صلاتنا. للمغتربات، صلاتهن الخاصة. يجلسن على سجادة من دون أن يركعن.

اما عمليات القتل في فراش الأسر الزوجية فإنها بالطبع منهجية. أنظمة دولنا العربية تقرر منهجية النوم مع الشريك والقتل في الشارع. يستمد هذا الشريك من كل عقائد الديانات السماوية سلطته. يشتد القتل في الشارع ويزيد في الفراش. الشرارات التي راهنا على استدامتها في أجسادنا تخفق وتبرد. الحقيقة انها لم تكن يوما الا باردة. نحزن على اجسادنا المستهلكة، دموعنا لم تعد تنهمر في كل مرة. وماذا بعد؟ لا سأم أشد من سأم الروح من نفسها. ظلمنا أنفسنا حين خدعنا وأُجبرنا على ممارسة عنيفة ومعنفة. انفاس وحشية اصابتنا في مقتلنا. لم تحترم أجسادنا. لم نقتل بعدها كما لم نعد للحياة مرة أخرى. مر الزمن ولم نعد نرى ما حلّ بأجسادنا التي خدروها برغم مقاومتنا التلقائية. لا نستجيب ولم نعد نستجيب. حمّلنا اجسادنا أكثر من طاقتها في مسارات متوارثة بثقل ندوبنا وعدد مرات نجاتنا. كبرنا دون ان نرى نورا ينتظرنا.. لم يكن ذنبنا اننا بردنا، ومُزّقت أجسادنا وإنعزلنا في زوايانا. ليس لدينا ملائكة رحمة. فقط يُحركنا شيطاننا. هكذا يقولون عنا. نعم ان شيطاننا هو الأعظم فينا. لا عظمة للآلهة غير العادلة. تساند الالهة نفسها كما تشُن حروبٌ داخلية. من ينتصر؟ ان لم يكن الانسان فلتذهب الحياة الى جحيمها على الجميع.

إقرأ على موقع 180  المرأة الإيرانية ليست هامشاً بل نصف المجتمع

Print Friendly, PDF & Email
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
online free course
إقرأ على موقع 180  "أبو مازن".. "الإيباك" أقرب من غزة!