رؤساء الأركان الخمسة هم:، إيهود باراك، موشيه يعلون، غابي أشكنازي، بيني غانتس وغادي إيزنكوت. وكانوا يتحدثون في ندوة مشتركة نظمتها “قناة 12” على هامش فعاليات افتتاح مكتبة مكرسة لحفظ “إرث بن غوريون”؛ أول رئيس وزراء لإسرائيل (ديفيد بن غوريون).
في المقابلة التي بُثَّت مساء يوم الجمعة، سألت “القناة 12” الجنرالات الخمسة؛ وهم يمثلون خمسة من أصل سبعة قادة عسكريين سابقين لا يزالون على قيد الحياة؛ أولاً عن مخاوفهم بشأن الاتفاق النووي الإيراني الناشئ، الذي قالت القناة إن الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى مستعدة للتوقيع عليه مع إيران قريباً.
إجابة غانتس جاءت على النحو التالي: “إسرائيل ستعرف كيف تتعامل مع الوضع حتى لو تم التوقيع على الإتفاق المليئ بالثغرات”.
وأضاف غانتس؛ الذي يُشغل حالياً منصب وزير الدفاع، وكان قد زار واشنطن يوم الخميس للتعبير عن اعتراضات إسرائيل على الإتفاق المرتقب: “لذلك، أعتقد أن شعب إسرائيل سوف ينجو، ودولة إسرائيل ستبقى، وسنكون أقوى دولة في المنطقة. حتى لم تم التوقيع على الإتفاق، فهذه ليست نهاية القصة. سنعرف كيف نخرج من أي مأزق. وسنعرف كيف نستثمر الجانب الايجابي من أي شيئ إذا اضطررنا لذلك. سندافع عن أنفسنا، ونتصرف وفق مصالحنا بغض النظر عمَّا يحدث أو قد يحدث”.
يعلون: التهديد الحقيقي والأكبر لوجود إسرائيل هو إنعدام التضامن.. من دون الصمود الوطني والاجتماعي أمننا القومي في خطر
ورداً على سؤال عما إذا كانوا لا يزالون يؤمنون بشعار “إسرائيل لن تسمح لإيران أبداً بإمتلاك سلاح نووي”، أجاب غانتس: “الولايات المتحدة وعدت بأنها ستستخدم القوة كملاذ أخير لمنع طهران من الحصول على قنبلة نووية. لقد أُتيحت لي فرصة للتحدث مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، مؤخراً. وقد سألته إذا كان سيستخدم القوة كملاذ أخير، وأجابني بـ’نعم’. برأي، على الأميركيين؛ كـ’قادة للعالم الغربي’؛ أن يلتزموا بهذا الأمر، ليس فقط لأنه مشكلة لدولة إسرائيل. ’إيران نووية’ ليست مشكلتنا الشخصية. بصفتهم قادة العالم، هم ملتزمون بمنع حدوث ذلك، وآمل أن يحترموا كلمتهم”.
قلّل من الكلام وأكثر من الأفعال
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت لدى إسرائيل القدرة على مهاجمة وإيقاف البرنامج النووي الإيراني، أجاب آيزنكوت: “إن ما فعلته وتفعله إسرائيل هو الذي منع إيران من أن تصبح نووية حتى الآن”، مضيفاً “نحن، ومنذ 20-30 سنة، نتصدى لكل مخططات الإيرانيين، بما في ذلك مشروعهم لإنتاج قنبلة نوية. نتعامل مع كل فعل برد فعل في حينه. وحقيقة أن إيران اليوم لا تملك قدرات نووية عسكرية هي فقط بفضل حُسن التفكير والوعي والعمل المضني الذي بذلناه ولازلنا. ما منع إيران من امتلاك قدرة نووية حتى الآن هو العمليات الإسرائيلية – العسكرية والسياسية والسرّية والدبلوماسية”.
وأضاف: “منع إيران من أن تصبح قوة نووية هدف ثابت لإسرائيل لا نقاش حوله. وغير ذلك يعني أننا سنسمح بتغيير التوازن الإستراتيجي في الشرق الأوسط. وهذا مستحيل، وأعتقد أن الجميع يتفقون على ذلك. التوصل إلى إتفاق جيد وسيلة، وكذلك النشاطات السرّية وسيلة، وأيضاً النشاط الدولي… وهنا يجب على المرء أن يُقلّل من الكلام ويُكثر من الأفعال”.
باراك: أخطأنا عندما لم نضع خطط بديلة بعد إنسحاب ترامب من الإتفاق.. هذا فشل تاريخي
وسُئل باراك عمَّا إذا كانت إسرائيل قد أخطأت في عدم مهاجمة إيران عندما كان وزيراً للدفاع في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فأجاب: “لم يكن هناك اتفاق داخلي في إسرائيل حول الموضوع في ذلك الوقت.. والآن، من المستحيل معرفة كيف كانت الأمور ستنتهي لو كانت إسرائيل هاجمت إيران حينذاك”.
يُذكر أن باراك كان من مؤيدي قرار توجيه ضربة لإيران في ذلك الوقت. وهو كان قد صرح فيما مضى أن نتنياهو أراد أن يوجه ضربة عسكرية لمنشآت نووية إيرانية بين عامي 2010 و 2011، لكن تم منعه من ذلك، أولاً من قبل رئيس أركان الجيش أشكنازي ثم زملائه الوزاريين، بما في ذلك يعالون.
وفي إجابته على السؤال المذكور آنفاً، قال باراك: “إن الفشل الأكبر هو حقيقة أن إسرائيل والولايات المتحدة لم تضعا خطة للتعامل مع إيران بعد أن انسحب الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من اتفاق 2015”
وأضاف: “أحد الإخفاقات التاريخية التي حصلت في عام 2018، هو أنه عندما انسحب ترامب من الاتفاق؛ بتشجيع قوي جداً من تل أبيب؛ كان ينبغي على إسرائيل والولايات المتحدة أن تُعدا معاً، أو بشكل منفصل، أو بطريقة منسقة، خطتين بديلتين (على الأقل) لما يجب القيام به مع الايرانيين”.
وتابع باراك: “إن عدم وجود مثل تلك الخط البديلة يُعد فشلٌ تاريخي. أما ونحن في هذه المرحلة المتأخرة، حيث إيران على عتبة أن تصبح دولة نووية بحكم الأمر الواقع، فالحقيقة أننا من الصعب أن نعرف ما الذي يمكن فعله أكثر حتى نؤخر وجود قنبلتها النووية لعدة سنوات”.
ومع ذلك، فقد ردَّد باراك أيضاً “المشاعر” التي عبَّر عنها غانتس بأن إسرائيل ستكون قادرة على التعامل مع إيران نووية، وفي الوقت نفسه عليها مواصلة بذل كل ما في وسعها لمنع حدوث ذلك.
وقال باراك “إسرائيل لن تتفكك، ولن تنهار، لن يحدث لنا أي شيء دراماتيكي حتى لو وقع الأسوأ وأصبحت إيران دولة نووية”.
تهديد داخلي وجودي
وفي حين أبدى موافقته على ما قاله باراك وغانتس، أشار يعلون إلى أن التهديد الحقيقي والأكبر لإسرائيل حالياً يأتي من الداخل.
وأضاف: “في مواجهة التهديد الإيراني فنحن نعرف ماذا سنفعل. لكننا اليوم أمام تهديد أكثر خطورة مصدره الداخل… وهو يهدد وجود إسرائيل”.
آيزنكوت: القبول بـ”إيران نووية” يعني أننا سنسمح بتغيير التوازن الإستراتيجي في الشرق الأوسط… وهذا مستحيل
وعلَّق آيزنكوت، الذي اتفق مع يعالون وباراك، ولم يعارضه غانتس وأشكنازي، قائلاً: “الشيء الذي يُعرّض دولة إسرائيل للخطر في نظري هو أن عامل التضامن داخل المجتمع الإسرائيلي منعدم”.
وأضاف إيزنكوت؛ الذي أعلن مؤخراً رغبته خوض الحياة السياسية والإنضمام حزب غانتس؛ “أعتقد أن الصمود الوطني والاجتماعي لدولة إسرائيل هي العنصر الأساسي في قدرتنا على حماية أمننا القومي”.
بدوره، أشار باراك إلى إنه كان هناك اتفاقاً واسع النطاق حول هذا الأمر بين ضباط الأمن الإسرائيليين السابقين.، موضحاً: “أعتقد أن جميع رؤساء الأركان الأحياء، في الجيش الإسرائيلي و’الموساد’ و’الشاباك’ سيوافقون على أن التهديد الأكبر لوجود إسرائيل هو إنعدام التضامن الداخلي. وأعني، جميع الأشخاص المتورطين أو الذين كانوا على رأس جهاز الأمن، يفهمون اليوم أن هناك تهديداً أكثر خطورة على مستقبل دولة إسرائيل من إيران أو حزب الله أو حماس”.
وتابع: “يمكن تلخيص التهديد الآتي من داخل المجتمع الإسرائيلي بالتالي: خطر فقدان التماسك الداخلي والتضامن والانزلاق في موقف مع المتعصبين من جهة، وأولئك الذين يفقدون الثقة بالصهيونية من جهة أخرى”.
الفيل أصبح داخل الغرفة
وتناول المتحدثون في الندوة تطورات السياسة المحلية (الإسرائيلية). فقد أعرب الجنرالات الخمسة؛ خلال السنوات الأخيرة؛ عن معارضتهم السياسية لنتنياهو. وهناك اثنان منهم؛ على الأقل؛ ينظمان حملة نشطة ضده في الانتخابات المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
المحاور في “قناة 12” قال للجنرالات الخمسة: “دعونا نتحدث عن الفيل في الغرفة: سبعة رؤساء أركان على قيد الحياة، خمسة منهم هنا. لقد عملتم جميعاً مع نتنياهو ولن يصوت أحد منكم له”.
فرد باراك: “أقترح أنه في مناسبة تخص بن غوريون، الأفضل أن لا نتحدث عن نتنياهو. إنه يقلّل من أهمية المناسبة”. ووافقه أشكنازي على ذلك.
أما يعلون فقال: “أود أن أضيف أن رؤساء ’الشاباك’ و’الموساد’، باستثناء واحد، أيضاً لن يصوتوا لنتانياهو”.
– عن موقع “ذا تايمز أوف إسرائيل-TOI“