بسام خالد الطيّارة24/10/2022
بكين عند اختتام المؤتمر الـ٢٠ للحزب الشيوعي الصيني: الصورة فريدة وملفتة للنظر: Hu Jintao هو جينتاو، رئيس الجمهورية والأمين العام السابق للحزب الشيوعي الصيني من 2002 إلى 2012 ، يتم "دفعه" من قبل رجلي أمن خارج قاعة الحفل الختامي للمؤتمر.
إذا أراد الزعيم الصيني شي جين بينغ Xi Jinping أن يظهر قوته فقد نجح من خلال هذه الصورة “الإستثنائية” في دس الخوف والرهبة في قلوب الحاضرين.
لقد كان عرضاً مذهلاً لسطوته المطلقة: اقترب رجلان من هو جينتاو وأجبراه على الوقوف ومغادرة المنصة والخروج من القاعة. أما شي جين بينغ فقد بقي بارداً ولم تتحرك عضلة واحدة في وجهه!
إن توقيت هذه الإهانة للرئيس السابق لم يكن من قبيل الصدفة بل كان السيناريو حاضراً وتم في لحظة دخول الصحفيين والمصورين إلى القاعة.. ومن هنا خرجت الصورة إلى العالم كله.
لم تكن مصادفة؛ فقد بدا أن “الإمبراطور الشيوعي الجديد” أراد أن يظهر سطوته بعد تجديد ولايته لمدة خمس سنوات في سدة الرئاسة. بات اليوم شي أقوى زعيم في الصين منذ ماو تسي تونغ.
تايوان هي الشغل الشاغل للرئيس شي، بدليل إدخاله مقطعاً في النظام الأساسي للحزب يشير إلى ضرورة «محاربة وكبح جميع المحاولات الانفصالية التي تدعو إلى استقلال تايوان»، وهذا يدل، إذا لزم الأمر، على أن قضية تايوان ستكون على رأس أولويات أجندة السياسة الخارجية الصينية
لكن هل يعتقد الرئيس شي، الذي يريد أن يجعل من الصين القوة العالمية الأولى والمنافس الأولى للولايات المتحدة والغرب من خلالها، هل يعتقد أن هذه الصورة تفتح له أبواب الخارج في العالم وتُحسن صورة الصين؟
انتخابات اللجنة المركزية (205 أعضاء) التي يتم تعليبها بشكل أو بآخر، والتي تنتخب اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، أي قادة البلاد وعددهم سبعة، كانت تستر نوعاً ما حالة الاستبداد داخل الحزب الشيوعي الصيني وتجعل البلاد تظهر وكأنها على طريق يمكن أن يؤدي في يوم من الأيام إلى شكل من أشكال الديمقراطية الشعبية، لكن بعد صورة إهانة الرئيس الصيني السابق لم يعد هذا هو الحال!
منذ وفاة ماو تسي تونغ عام 1976، وضعت قواعد لإنتقال السلطة. كان بإمكان الرئيس الصيني البقاء في السلطة لولايتين فقط، ولمدة عشر سنوات كحد أقصى. لكن في العام 2018، أزال شي جين بينغ تلك القيود وألغى فترة العشر سنوات. في مواجهة هذا التوجه غير المسبوق، توقع المراقبون أن الزعيم البالغ من العمر 69 عاماً كان يُمهد الطريق ليصبح رئيساً مدى الحياة.
ومن المفيد الإشارة إلى أن شي جين بينغ، عبر اختياره للأعضاء السبعة للجنة الدائمة، يُعزّز توجهاته الإيديولوجية داخل أركان الحزب. يُذكّر أنه في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، ولمناسبة مرور مائة عام من التاريخ الصيني، دفع شي جين بينغ الحزب الشيوعي لتبني نص في في مديح مباشر له «فكر شي جين بينغ هو جوهر الثقافة وروح الأمة الصينية». كما جاء في نص آخر أنه «منذ وصول شي إلى السلطة دخلت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية حقبة جديدة».
سنكون خلال سنوات على موعد مع جيل صيني بدءاً من المدرسة الابتدائية يتشرب أفكار شي جين بينغ بوصفها أفكاراً مطلقة، أي أنه “كتاب أحمر” جديد يحل محل كتاب ماو تسي تونغ
وضع شي حوله حلفاء، لكنهم أيضاً وقبل كل شيء من فئة «الموالين” له. أبرزهم لي تشيانغ i Li Qiang الرجل الثاني في النظام الجديد ويتبوأ موقع رئاسة الوزراء. ولي تشيانغ كان الأمين العام السابق للحزب في شنغهاي، وقد فرض أقسى حجر صحي في التاريخ على المنطقة الغنية التي يبلغ عدد سكانها 27 مليون نسمة، وهو الذي قضى على نفوذ “زمرة شنغهاي” (أصدقاء زيانغ زيمين Jiang Zemin الرئيس السابق والتي ضمت بطل الصورة الشهيرة، هو جينتاو، ورئيس الوزراء لي كيشيانغ Li Keqiang الذي فقد منصبه).
كما نجح الرئيس الصيني في إدخال فكره ومبادئه الأيديولوجية في الكتب المدرسية. فمنذ بداية العام الدراسي السابق (2021 ـ 2022)، باتت الكتب المدرسية مليئة باقتباسات من شي جين بينغ حول مواضيع مختلفة كالوطنية؛ دور الحزب الشيوعي؛ مكانة المواطن الصيني؛ أهمية الجيش ودوره في تحقيق العظمة؛ الوطن إلخ..
هذا يعني أننا سنكون خلال سنوات على موعد مع جيل صيني بدءاً من المدرسة الابتدائية يتشرب أفكار شي جين بينغ بوصفها أفكاراً مطلقة، أي أنه “كتاب أحمر” جديد يحل محل كتاب ماو تسي تونغ.
لكن السؤال الملح هو الآتي: ما هي خطط الرئيس الصيني الخاصة بمستقبل تايوان؟
تم ضم سفير بكين لدى واشنطن كين كانغ Qin Gang إلى اللجنة المركزية، وهذا يعني أن لديه فرصة جدية ليصبح وزيراً للخارجية في المستقبل، ذلك أنه من خلال موقعه الدبلوماسي على مدى سنوات في عاصمة الحليف الأول لتايوان، هو الأقدر على التعامل مع المسألة التايوانية.
تايوان هي الشغل الشاغل للرئيس شي، بدليل إدخاله مقطعاً في النظام الأساسي للحزب يشير إلى ضرورة «محاربة وكبح جميع المحاولات الانفصالية التي تدعو إلى استقلال تايوان»، وهذا يدل، إذا لزم الأمر، على أن قضية تايوان ستكون على رأس أولويات أجندة السياسة الخارجية الصينية..