أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أن الإدارة الأميركية لا تثق بإبقاء إدارة الحرب بأيدي الحكومة الإسرائيلية بسبب ما يمكن أن يترتب من عواقب وخيمة وخطيرة على المصالح الأميركية، “فالولايات المتحدة لا توافق على أن تتدحرج الأمور إلى حرب مع إيران”.
ورأت الصحيفة أن “الولايات المتحدة ملزمة بأن تقرر لإسرائيل حدود عملياتها العسكرية. لن تبادر إسرائيل إلى هجوم في الشمال ولا احتلال قطاع غزة في الجنوب. عملية عسكرية برية نعم، لكن حجمها يجب أن يكون محدودا واستهداف تناسبي للسكان”.
وكتب الصحافي يعقوب نيجل مقالة في “معاريف” قال فيها إن أهداف الزيارة، كما حدّدها بايدن وطاقمه، هي الآتية: التأييد الكامل لإسرائيل؛ تعزيز الردع في مواجهة إيران وحزب الله؛ التزام غير محدود بالتسليح والعتاد؛ التأييد الكامل لعمليات الجيش الإسرائيلي ورفض محاولات إدانته؛ إيصال المساعدة الإنسانية إلى غزة؛ إقامة “منطقة آمنة”؛ الضغط على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لإقامة منطقة في الجانب المصري من الحدود، وطبعاً، محاولة منع توسُّع الحرب في الشمال.
ويضيف أنه “في إمكان الجيش الإسرائيلي التعامل مع أكثر من ساحة واحدة، وخصوصاً إذا تولّت الولايات المتحدة التعامل مع إيران، في حال تدخلت، أو طلبت مباشرةً من (السيد حسن) نصرالله التدخل. من ناحية أُخرى، إذا حدث الدخول البري، مع قبول فرضية أن المجزرة في الجنوب خططت لها إيران من أجل جرّ إسرائيل إلى غزة، وعندها تقوم بتفعيل حزب الله، سيكون من الصعب علينا إدارة جبهة أُخرى في الشمال في الوقت نفسه”.
الأهداف الأميركية
وتوقفت آنا برسكي (معاريف) عند معنى زيارات المسؤولين الأميركيين إلى إسرائيل ليس كضيوف “بل كأعضاء في تشكيلة أصحاب القرار”، وهذا يعكس عدم ثقة البيت الأبيض بحكومة إسرائيل ورئيسها بنيامين نتيناهو.
وتشير الكاتبة إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية عارضت على مدى سنين طويلة فكرة الاتفاق الدفاعي مع الولايات المتحدة “لأنها تُقيِّد أيدي الجيش الإسرائيلي مقابل المظلة الدفاعية الأميركية”، وسألت: هل “يأتي الرئيس بايدن بالفعل إلى إسرائيل ليس فقط كي يساند بل وأيضاً كي يُقيِّد”؟
وأشارت إلى أنه لم يحصل أبداً أن رئيساً أميركياً زار إسرائيل في ذروة حرب، ولم يسبق أن نشرت أميركا حاملات طائرات لردع الأعداء عن الدخول إلى المعركة، ولم يسبق أن سمعنا خطاباً عاطفياً وانفعالياً وودياً بهذا القدر على لسان أي رئيس أميركي. فالحديث يدور بالتأكيد عن دعم وإسناد استثنائيين بكل مقياس.
وتضيف الكاتبة آنا برسكي أن الحرب حيال “حماس” هي حرب إسرائيل، “ومن المعقول الافتراض أنه مع كل الدعم ومع كل التضامن، فإن الولايات المتحدة غير معنية في أن تدخل إلى حرب شرق أوسطية أخرى دون خطة خروج مرتبة وعملية. وهنا بالضبط يوجد الجواب على مسألة الدور الأميركي والأهداف التي توجد على جدول الأعمال. اما الهدف الثاني للأميركيين ـ تضيف برسكي ـ فهو التأكد من أن لإسرائيل استراتيجية خروج من الحرب”.
الصبر.. الصبر
الخطوط الحمر
ويشير المحلل العسكري في “هآرتس” عاموس هرئيل إلى أن زيارة بايدن إلى إسرائيل “حدثٌ لم يشهد العالم مثيلاً له. لقد سبقها تواجد غير مسبوق لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مقرّ هيئة الأركان العليا للجيش خلال جلسة الكابينيت. تبدو الولايات المتحدة شريكة كاملة في إدارة المعركة من الجانب الإسرائيلي. وهذا يدل على مدى قلق الأميركيين مما قد يحدث، وكيف سيستخدمون كامل قوتهم لمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وأيضاً من نفسها”، ويؤكد أن الوجود السياسي والعسكري للولايات المتحدة في إسرائيل “هو ورقة استراتيجية حساسة في الظروف التي تواجهها إسرائيل اليوم. في المدى البعيد، سيترتب على ذلك أثمان غير بسيطة. لكن الآن، يجب أن نعترف: إسرائيل بحاجة إلى الأميركيين”.
بدروه، تحدث الصحافي في “هآرتس” تسفي برئيل، عن مذكرة وزعتها الخارجية الأميركية، جرى تسريبها إلى “هافنغتون بوست”، تمنع الدبلوماسيين الأميركيين من استخدام تعابير، مثل “خفض التصعيد”، و”وقف إطلاق النار”، و”إنهاء العنف وسفك الدماء”، و”إعادة الهدوء”، والتي تُعتبر معاكسة لسياسة الرئيس، “وهذا يدل على الروح القتالية التي تهبّ على البيت الأبيض”.
ويضيف أن بايدن وجد نفسه في إسرائيل، “داخل سجن فولاذي من “الخطوط الحمر” التي رسمها قادة الدول العربية له، قبيل وصوله. تأييده الكامل والمعلن لأفعال إسرائيل، والشيك المفتوح الذي أعطاها إياه للقيام بعملية في قطاع غزة، إلى جانب الاستعدادات لعملية برية واحتلال غزة، كل ذلك يضع الإدارة الأميركية في مسار تصادُمي مع الدول العربية المجاورة التي تخاف من انزلاق الحرب إلى أراضيها. يعرف بايدن جيداً الجبهة التي نشأت في مواجهته، وليس لديه وصفة سحرية تستطيع حلّ التناقض بين سياسته حيال إسرائيل وبين خوف الدول العربية التي تُعتبر هي أيضاً حليفة قريبة لواشنطن”.
الهدف الإستراتيجي
أما إيتان غلبواع فقد أوضح في “معاريف” أنه منذ حصول عملية “طوفان الأقصى” تتصرف الولايات المتحدة كأنها وقّعت اتفاقاً دفاعياً مع إسرائي، وقال إن زيارة الرئيس الأميركي إلى مناطق حرب “هو أمر نادر جداً بسبب الحسابات الأمنية والسياسية. والهدف منها إرسال رسالة إلى الأعداء، وأيضاً إلى الأصدقاء. ففي شباط/فبراير الماضي، وبمناسبة مرور عام على الحرب في أوكرانيا، زار بايدن كييف كي يعبّر عن التزام الولايات المتحدة بمساعدة أوكرانيا في الحرب والاستمرار في تجنيد الدول الأوروبية من أجل ذلك”.
“الهدف الأساسي الاستراتيجي لبايدن، وأيضاً التعبير الأوضح عن الحلف الدفاعي، هو ردع إيران وحزب الله عن فتح جبهة ثانية في الشمال من طرفهم، ولكن أيضاً من طرف إسرائيل. فخلال الانتخابات الرئاسية الأميركية، بايدن لا يريد حرباً إقليمية تضاف إلى تلك التي تجري في أوكرانيا. لذلك، هو يحذّر، وأرسل حاملتيْ طائرات، واحدة في مقابل السواحل اللبنانية والثانية إلى خليج فارس، بالإضافة إلى 2000 مظلي. وأيضاً، بحسب مصادر إعلامية، فإن بايدن أرسل رسائل تهديد مباشرة إلى إيران، عبر طرف ثالث” يقول غلبواع، ثم يختم بالقول “فشلُ الردع الأميركي يضع الولايات المتحدة أمام امتحان صعب كقوة عظمى، لكن يجب تذكير بايدن والمقربين منه بالمثل الأميركي القديم: لا يوجد وجبات مجانية. على إسرائيل الإصرار على أن المساعدات الإنسانية ستكون في مقابل خطوات إنسانية من طرف “حماس” والجهاد، كتحرير النساء والأطفال وكبار السن المخطوفين، وليس فقط الأميركيين” (المصادر: الزميل حلمي موسى، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، صحيفة “الأيام” الفلسطينية، موقع عرب 48).
***
أفاد موقع “أكسيوس” أن من أهم القضايا الرئيسية التي ناقشها نتنياهو مع بايدن هي حزمة مساعدات عسكرية ضخمة وغير مسبوقة لإسرائيل من الولايات المتحدة، بقيمة عشرة مليارات دولار والتي تحتاج إلى موافقة الكونغرس.