عزيزي القارئ، إنّ كاتب هذه السطور محبٌ لفلسطين ومتضامن مع غزة، بدم أقاربه ورفاقه وقادته الشهداء على طريق القدس، إسناداً للشعب الفلسطيني المظلوم ومقاومته الباسلة والشريفة. ولا منّة لنا بذلك، بل هو فضل الله علينا.
عزيزي القارئ، إنّ كاتب هذه السطور محبٌ لفلسطين ومتضامن مع غزة، بدم أقاربه ورفاقه وقادته الشهداء على طريق القدس، إسناداً للشعب الفلسطيني المظلوم ومقاومته الباسلة والشريفة. ولا منّة لنا بذلك، بل هو فضل الله علينا.
وضعت التحولات الكبرى في الشرق الأوسط خلال الأشهر الأخيرة، إيران في مكان بات يتطلب منها تحديد خيارات استراتيجية بالنسبة لسياستها الخارجية وعلاقتها بالغرب، وضمناً قرارات حاسمة في يتعلق ببرنامجها النووي، تصعيداً أو تقديم تنازلات جوهرية. وسيترتب على الحالتين نتائج بعيدة المدى.
بجانب إسرائيل، تعد إيران هى الفاعل الشرق أوسطى الآخر الذى لم يتوقف أبدا عن التوظيف الممنهج للأداة العسكرية طوال السنوات الماضية وإن سبق، على نقيض الدولة العبرية، التوظيف بالوكالة وتجنب الفعل المباشر. واليوم، وبعد مرور أكثر من عام على انفجار تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣، تغلب الخسائر الفادحة على حصيلة إيران الاستراتيجية.
ثمة رؤية إسرائيلية تروّج لاستمرار الحرب على غزة مفتوحة لأسباب عديدة أبرزها، كما يقول رئيس تحرير "هآرتس" ألوف بن، استمرار استدراج الحوثيين للقيام بردة فعل مستمرة، ذلك أن بنيامين نتنياهو يريد ذريعة "أنصار الله" لاستدراج إدارة دونالد ترامب بعد 20 كانون الثاني/يناير الحالي إلى مواجهة عسكرية مع إيران بحجة شل الملاحة بالبحر الأحمر واقفال ميناء إيلات وتضرر الاقتصاد المصري.
توقع النائب السابق لرئيس الشعبة الفلسطينية في قسم التخطيط بجيش الاحتلال، والضابط السابق في المخابرات البحرية، عميت ياغور، في مقالة نشرتها صحيفة "معاريف" أن ينشأ في ما أسماها "سوريا الجديدة" محور إسلامي سنّي متطرف "يحظى بحماية وتأييد عسكريَين من الجيش التركي، والذي مع مرور الزمن سيتحدى إسرائيل على حدودها". ماذا تضمنت مقالة ياغور؟
إنّ تقييم نتيجة أي حرب في أي مكان وزمان تعتمد بصورة أساسية على نتائج الحرب، إذ لا يعقل أن يُصار إلى تقييم حدث ما قبل تبلور نهاياته. الحرب التي يشهدها الشرق الأوسط منذ لحظة "طوفان الاقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 هي من أعنف وأقسى وأطول الحروب التي شهدتها المنطقة، برغم أنها لم تنته فصولاً وتداعياتها ما تزال مفتوحة على احتمالات شتى.
ما تقوم به الفرقة 252 في الجيش الإسرائيلي في محور نتساريم في قطاع غزة المحتل لا يشبه شيء إلا جريمة الإبادة الجماعية. مثلاً، من أصل مائتي فلسطيني قتلوا هناك فقط عشرة ينتمون إلى حماس، يقول أحد الشهود العسكريين في الشهادات التي حصلت عليها "هآرتس" وكتب عنها الكاتب يانيف كوفوفيتس، وترجمتها إلى العربية مؤسسة الدراسات الفلسطينية. ماذا يتضمن التقرير حرفياً؟
تعيش منطقة الشرق الأوسط حالياً مرحلة خطيرة من مراحلها. فهذه المنطقة الواقعة على فوالق زلزالية متعددة، لم تهدأ أو تستقر منذ أكثر من مئة عام حملت في طياتها دماءً ودموعاً وويلات؛ قامت دول وتلاشت أخرى؛ قامت حروب وحدثت ثورات وانقلابات. ماذا بعد؟
كان المشهد آنذاك خارجاً عن المألوف. في حزيران/يونيو 2000، وبعد أيام على وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد (الأب)، كان مئات من مقاتلي حزب الله، بزيهم العسكري الأسود (لباس قوات التعبئة في الحزب)، يصطفون في عرض عسكري في القرداحة، أمام الرئيس بشار الأسد (المخلوع)، وإلى جانبه كان يقف كلٌ من الأمين العام لحزب الله، الشهيد السيّد حسن نصرالله، ووزير الدفاع السوري آنذاك مصطفى طلاس. كان ذلك المشهد "رسالة"، تبدَّت مفاعيلها التنفيذية بعد 12 عاماً، عندما أضحت رئاسة الأسد (الإبن) ونظامه محل تهديد.
ما تزال الأحداث في سوريا في حالة من التدفق، بحيث يصعُب الخروج بتصور دقيق للمستقبل. إنما الواضح حتى الآن، هو بروز لاعبين جدد في الداخل والإقليم على حساب القوى التي سادت لعقود. وهذا، بدوره، لا بد أن يفرز واقعاً جديداً لهذا البلد المحوري.. وربما لسائر بلدان المنطقة.