لم يسبق لي أن كتبت شعراً، لكن قصيدة رفعت العرعير أثارت في نفسي شيء من الأريحية الشعريّة أرجو أن يسامحني القارىء الكريم إذا لم ترقَ إلى مدارس الشعر في عالمنا العربي. لسان حالي أنّ العرعير نفسه، بطريقة ميتافيزيقيّة، ما يزال يكتب الشعر ويتلوه لكن هذه المرة بلسان الآخرين!
بدءاً؛ لِمَن لم يقرأ قصيدة رفعت العرعير، هذا نصّها:
“إذا كان لا بدّ أن أموت
فلا بدّ أن تعيش أنت
لتروي حكايتي
لتبيع أشيائي
وتشتري قطعة قماش
وخيوطاً
(فلتكن بيضاء وبذيلٍ طويل)
كي يُبصر طفل في مكان ما من غزّة
وهو يحدّق في السماء
منتظراً أباه الذي رحل فجأة
دون أن يودّع أحداً
ولا حتى لحمه
أو ذاته
يبصر الطائرة الورقية
طائرتي الورقية التي صنعتَها أنت
تحلّق في الأعالي
ويظنّ للحظة أن هناك ملاكاً
يعيد الحب
إذا كان لا بد أن أموت
فليأتِ موتي بالأمل
فليصبح حكاية”.
***
القصيدة أدناه مهداة مني إلى رفعت العرعير وشهداء غزّة وفلسطين الذين قتلوا في جريمة الإبادة المستمرة منذ السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، أو الذين سيقتلون في قادم الأيّام، طالما أن حضارة القتل والدم تسيطر على العقل الإسرائيلي والأمريكي.
رفعت العرعير
قتلته إسرائيل
بسلاح أمريكي.
رفعت العرعير
لم تكن لديه بندقية
ولو برصاصة خُلبية واحدة.
رفعت العرعير
قتلته إسرائيل
بسلاح أمريكي.
رفعت العرعير
لم تكن لديه دبّابة
تُطلق قذيفة دخانية واحدة.
***
أرعبهم بأبياته الشعريّة
أخافهم بكلماته
قصيدة بلا وزن ولا قافية
حبره.. دمه
ينهمر كمشاعره
وقعه أقوى من كل ترسانات السلاح.
***
رفعت العرعير
أرادوا كبت صوته،
فعجزوا
أرادوا دهس طبشورته،
ففشلوا
فقتلوه هو.
***
38,343 رفعت العرعير
قتلتهم إسرائيل
وأمريكا
لأنّهم حلموا بفلسطين
وحلمت فلسطين بهم.
صحّح: 38,349 رفعت العرعير
بل: 38,352
بل: 38,357
بل: 38,426
بل: 38,435
كأنّه عدّاد محطّة بنزين
لا يتوقّف عن الدوران
حتّى يمتلئ الخزّان
بالوقود
فَيَطُقّ
لكن خزّان إسرائيل
وأمريكا
لا قاع له
ليشبع
من دمّ أهل فلسطين.
***
38,466 رفعت العرعير
أعدمتهم إسرائيل
وأمريكا
لأنّهم لعبوا بالكرة
على شاطئ غزّة.
38,469 رفعت العرعير
أبادتهم أمريكا
وإسرائيل
لأنّهم اصطفّوا أمام فرن
ينتظرون خبزهم الدافىء.
38,472 رفعت العرعير
بطشت بهم إسرائيل
وأمريكا
لأنّهم خافوا
واختبأوا في مدرسة.
***
38,488 رفعت العرعير
قتلتهم أمريكا
وإسرائيل
لأنّ حضارة أمريكا وإسرائيل
هي حضارة قتل.