رفعت العرعير.. ليس رقماً!

رفعت العرعير أكاديمي وشاعر فلسطيني قُتل في غزّة بقصف إسرائيلي استهدفه وعائلته يوم 6 كانون الأوّل/ديسمبر 2023. آخر قصيدة كتبها بالانكليزية كانت بعنوان "إذا كان لا بدّ أن أموت"، ذكّرني بها مؤخراً صديق فاستوحيت منها مقالتي لهذا الأسبوع تحية لهذا المناضل الحقيقي.

لم يسبق لي أن كتبت شعراً، لكن قصيدة رفعت العرعير أثارت في نفسي شيء من الأريحية الشعريّة أرجو أن يسامحني القارىء الكريم إذا لم ترقَ إلى مدارس الشعر في عالمنا العربي. لسان حالي أنّ العرعير نفسه، بطريقة ميتافيزيقيّة، ما يزال يكتب الشعر ويتلوه لكن هذه المرة بلسان الآخرين!

بدءاً؛ لِمَن لم يقرأ قصيدة رفعت العرعير، هذا نصّها:

“إذا كان لا بدّ أن أموت

‏فلا بدّ أن تعيش أنت

‏لتروي حكايتي

‏لتبيع أشيائي

‏وتشتري قطعة قماش

‏وخيوطاً

‏(فلتكن بيضاء وبذيلٍ طويل)

‏كي يُبصر طفل في مكان ما من غزّة

‏وهو يحدّق في السماء

‏منتظراً أباه الذي رحل فجأة

‏دون أن يودّع أحداً

‏ولا حتى لحمه

‏أو ذاته

‏يبصر الطائرة الورقية

‏طائرتي الورقية التي صنعتَها أنت

‏تحلّق في الأعالي

‏ويظنّ للحظة أن هناك ملاكاً

‏يعيد الحب

‏إذا كان لا بد أن أموت

‏فليأتِ موتي بالأمل

‏فليصبح حكاية”.

***

القصيدة أدناه مهداة مني إلى رفعت العرعير وشهداء غزّة وفلسطين الذين قتلوا في جريمة الإبادة المستمرة منذ السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، أو الذين سيقتلون في قادم الأيّام، طالما أن حضارة القتل والدم تسيطر على العقل الإسرائيلي والأمريكي.

رفعت العرعير

قتلته إسرائيل

بسلاح أمريكي.

رفعت العرعير

لم تكن لديه بندقية

ولو برصاصة خُلبية واحدة.

رفعت العرعير

قتلته إسرائيل

بسلاح أمريكي.

رفعت العرعير

لم تكن لديه دبّابة

تُطلق قذيفة دخانية واحدة.

***

أرعبهم بأبياته الشعريّة

أخافهم بكلماته

قصيدة بلا وزن ولا قافية

حبره.. دمه

ينهمر كمشاعره

وقعه أقوى من كل ترسانات السلاح.

***

رفعت العرعير

أرادوا كبت صوته،

فعجزوا

أرادوا دهس طبشورته،

ففشلوا

فقتلوه هو.

***

38,343 رفعت العرعير

قتلتهم إسرائيل

وأمريكا

لأنّهم حلموا بفلسطين

وحلمت فلسطين بهم.

صحّح: 38,349 رفعت العرعير

بل: 38,352

بل: 38,357

بل: 38,426

بل: 38,435

كأنّه عدّاد محطّة بنزين

لا يتوقّف عن الدوران

حتّى يمتلئ الخزّان

بالوقود

فَيَطُقّ

لكن خزّان إسرائيل

وأمريكا

لا قاع له

ليشبع

من دمّ أهل فلسطين.

***

38,466 رفعت العرعير

أعدمتهم إسرائيل

وأمريكا

لأنّهم لعبوا بالكرة

على شاطئ غزّة.

38,469 رفعت العرعير

أبادتهم أمريكا

وإسرائيل

لأنّهم اصطفّوا أمام فرن

ينتظرون خبزهم الدافىء.

38,472 رفعت العرعير

بطشت بهم إسرائيل

وأمريكا

لأنّهم خافوا

واختبأوا في مدرسة.

***

38,488 رفعت العرعير

قتلتهم أمريكا

وإسرائيل

لأنّ حضارة أمريكا وإسرائيل

هي حضارة قتل.

 

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  المأزق الإسرائيلي.. جبهة غزة جبهات!
سليمان مراد

كاتب وأستاذ جامعي مقيم في الولايات المتحدة

Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
free online course
إقرأ على موقع 180  "صنداي تايمز": هكذا اغتال "الموساد" فخري زاده