“ذا هيل”: حاسِبوا زيلينسكي على الفساد وسوء إنفاق المساعدات

عار المساعدات العسكرية الأمريكية في العراق وأفغانستان هو أنه بينما كانت القوات الأمريكية تقاتل ببسالة، "كان زعماء من يسمون بحلفائنا يزدادون ثروةً. ولقد رأينا ما هو أسوأ من ذلك في أوكرانيا: فبينما أفراد الجيش الأوكراني والمدنيون يقاتلون ببسالة في نزاع شرس من أجل الاستقلال، أصبح الزعماء الأوكرانيون أصحاب ثروات هائلة"، كما يقول المعلق السياسي الأمريكي جيمس دورسو،

العار الأمريكي هو أن الولايات المتحدة قامت ببسط حلف الناتو دون اعتبار لأي شيء حتى حدود روسيا، وبعد، حينما قامت روسيا بالدفع في الاتجاه المقابل، قامت (أمريكا) بتمكين وتمويل الإدارة الفاشلة المعيبة لحكومة فولوديمير زيلينسكي، والتي ستدخل التاريخ كواحدة من أوضح النماذج لإهدار وسرقة المساعدات الغربية.

وعلاوة على ذلك، أدت الخسائر في أوكرانيا إلى تغيير التركيبة السكانية للبلاد بشكل دائم، وسوف تحد من احتمالات تعافيها الاقتصادي، مما يترك البلاد “مدمرة” ومسرحاً لصراع “مجمد” في المستقبل، وفقا للأستاذ جون ميرشايمر.

ولن ينكشف حجم الهدر والنصب سوى عبر تحقيقات مستقلة بعد نهاية الحرب. فحكومة زيلينسكي تستخدم الحرب لقمع القصص الإعلامية التي تجرؤ على مساءلة الأوكرانيين عن إنفاقهم لدولارات دافعي ضرائبنا. ومع ذلك، فقد قام كثير من الصحفيين والضباط الأوكرانيين الشجعان بالكشف عن فضائح تتعلق بالمغالاة في الأسعار، المعدات الرديئة والاختلاس في أعلى مستويات إدارة فولوديمير زيلينسكي. وقد خاطر هؤلاء بأن يوصموا بتهمة التخريب لصالح روسيا أو أن يتم إرسالهم إلى موت محقق على الخطوط الأمامية بسبب إبلاغهم عن الحقيقة.

بيد أن جريمة إدارة زيلينسكي الحقيقية كانت قد بدأت منذ أواخر عام 2023. ففي مقال بمجلة “الإيكونوميست” نشر في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، صرح الجنرال فاليري زالوجني، القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية، بأنه بدون فارق تكنولوجي ملموس، فإن أوكرانيا ستواجه مأزق تجمد للموقف. قائلاً بأن استراتيجيات الاستنزاف التقليدية ليست كافية للتغلب على التفوق العددي للقوات الروسية.

وقد شدد زالوجني على عدة نقاط:

·       جمود الموقف على خطوط المواجهة: فالحرب وصلت إلى طريق مسدود، بتجمد كل من القوات الأوكرانية والروسية في مواقعها بما يعيدنا بالذاكرة إلى حرب الخنادق أثناء الحرب العالمية الأولى. وأضاف: “لن يكون هناك إمكانية لخرق عميق أو جميل”.

·       الحاجة إلى تطوير تكنولوجي: فمن أجل كسر مأزق الموقف المتجمد، تحتاج أوكرانيا لابتكارات تكنولوجية فارقة. وسلّط الضوء على أهمية الطائرات بدون طيار (الدرونز)، الحرب الإلكترونية، القدرات المضادة للمدفعية، معدات إزالة الألغام والروبوتات. وصرح زالوجني قائلاً: “لكي نتمكن من كسر هذا الجمود، فإننا نحتاج شيئاً جديداً، مثل البارود الذي اخترعه الصينيون والذي ما نزال نستخدمه لقتل بعضنا البعض؟”

·       حدود استراتيجيات الاستنزاف: أقر زالوجني بأن أوكرانيا قد أخطأت الحسابات بافتراض أن إلحاق خسائر فادحة بالقوات الروسية من شأنه أن يوقفهم، وأشار إلى أن روسيا تكبدت ما لا يقل عن 150,000 قتيل، ومع ذلك واصلت العدوان، مشيراً إلى أن الخسائر لم تردع القيادة الروسية.

بتعبير آخر، حان الوقت للتركيز على الجهود الدبلوماسية. ولكن زيلينكسي لم يكن لديه أي اهتمام بالدبلوماسية، لأن إنهاء الحرب سيعني إنهاء حالة الطوارئ، وبالتالي إجراء انتخابات جديدة وتغيير في بنية المساعدات الدولية. وخدمةً لمصلحته السياسية، فقد قام بعزل زالوجني وأكمل حرباً تم تحذيره من أنها ستهدر أرواحاً ونقوداً دون تحقيق نتائج ملموسة. في النهاية، كان زالوجني مبالغاً في التفاؤل، فقد تم إهدار الأرواح والأموال، ولكنهم لم يحققوا حتى الموقف المتجمد. فقد أعادت روسيا تجميع نفسها وكسبت أراضٍ جديدة.

لم يكن زالوجني هو الشخص الوحيد الذي حذّر من الديناميكيات المتحركة على أرض ساحة المعركة. ففي نيسان/إبريل 2024، شاركت قيادة المخابرات العسكرية الأوكرانية في سلسلة من نقاشات الطاولات المستديرة في مراكز صناعة الفكر والقرار بواشنطن. وقد أخبر دبلوماسي أمريكي سابق على علم بهذه الزيارة كاتب هذه السطور: “لقد عبّروا عن تحفظاتهم بشأن استمرار العمليات العسكرية التقليدية بشكل موسع. كانوا قلقين بأن أوكرانيا قد فقدت الزخم وقد تُسحق. ودعوا بدلاً عن ذلك إلى تزايد العمليات اللا-متماثلة Asymmetric في الداخل الروسي بهدف أن تكون لهم اليد العليا في مفاوضات إنهاء الحرب”. كانت محصلة هذه المواجهة أن قام فريق زيلينسكي بإسكات كيريل بودانوف، مدير المخابرات العسكرية عبر سلسلة من الهجمات الإعلامية على مواقع إلكترونية موالية للحكومة. وتم عزل جميع نوابه دون موافقته، مما أضعف موقف وكالته.

استشرى الإهدار والفساد. وقد تبنى رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا مبادرة إرسال ذخائر أوروبية أهدرت المزيد من المليارات من الدولارات. أثنى زيلينسكي وسفيره إلى جمهورية التشيك على فيالا بشكل فاضح حيث أثمرت مبادرة الذخائر التشيكية عن شراء قذائف رديئة ومغالى في أسعارها، مما تسبب في تشويه الجنود الأوكرانيين وتدمير المعدات في ساحة المعركة.

برزت فضائح أكثر تتعلق بشراء وزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف ومسئول المشتريات بوزارة الدفاع أوليكسي بتروف، لمعدات فاسدة بأسعار فلكية. وقد ظهرت هذه التفاصيل عبر تقارير مطولة في الإعلام الأوكراني. بينما منع زيلينسكي قياداته العسكرية من قول الحقيقة بشأن فرص أوكرانيا في كسر حالة الجمود في العلن، بينما أهدر موالوه في وزارة الدفاع مبالغ طائلة في وقت قياسي.

إقرأ على موقع 180  "أوراسيا ريفيو": هجوم إسرائيلي على إيران.. ما هي نتائجه؟

في قضية أخرى، امتزج فيها الفساد بالخيانة، تم تحويل مسار أسلحة أرسلت لدفاعات أوكرانيا نحو منطقة بحيرة تشاد بنيجيريا، “تعزيزاً لقوة جماعات إرهابية”. وهناك تقارير غير مؤكدة عن أسلحة تم التبرع بها لأوكرانيا انتهى بها الحال بين أيدي عصابات إجرامية في السويد.

يتوجب على زيلينسكي وإدارته أن يقفوا مسئولين أمام الشعب الأوكراني عن الأرواح والأراضي التي فقدت بسبب إسكاته لقياداته العسكرية. كما يتعين على الكونجرس الأمريكي أن يحاسبهم على مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين التي أهدرت (مجموع المساعدات من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين وصل إلى 260 مليار دولار). لقد حان الوقت أن تتوقف واشنطن عن السماح لمسئولين أجانب فاسدين بسرقة أموال المساعدات الأمريكية.


بقلم: جيمس دورسو؛ 31 كانون الأول/ديسمبر 2024؛ 10:00 صباحاً (التوقيت الشرقي ET)

(*) جيمس دورسو هو معلق منتظم في شئون السياسة الخارجية والأمن القومي. خدم السيد دورسو في البحرية الأمريكية لمدة 20 عاماً وقد عمل في الكويت، المملكة العربية السعودية والعراق.

(**) لمراجعة المقال الأصلي باللغة الإنجليزية إضغط هنا

Print Friendly, PDF & Email
تامر منصور

مصمم وكاتب مصري

Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download Nulled WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  لماذا لا تطلق دمشق صواريخ إس 300 على الطيران الإسرائيلي؟