مفاوضات سعودية – حوثية.. وأزمة اليمن تقترب من الحل

Avatar18024/11/2019
تشارف حرب اليمن المستمرة منذ أكثر من اربعة اعوام على الانتهاء. هذا ما تشي به معلومات متعددة المصادر عن تسويةٌ سعوديّةٌ - إيرانية قيد الإنجاز، تطال مختلف ساحات الصراع بين المعكسرين. فالرياض تسعى إلى وضع حدٍّ لإستنزافٍ أرهقها، وطهران تسعى إلى تحصين ما تعتبرها "حديقة أمنها القومي الخلفية"، والممتدة من بغداد إلى بيروت مروراً بدمشق.

خاص 180

تحدثت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، في تقريرٍ مطوّلٍ، يوم الخميس الماضي، عن رهان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على مساعي شقيقه الأمير خالد بن سلمان، لإخراجه من “الصراع الكارثي” الذي بدأه قبل أربع سنواتٍ ونصف، ضد “تمرد الحوثيين” في اليمن. لكن، في المقابل، يبدي المسؤولون الإقليميون والأميركيون “تفاؤلاً حذراً” إزاء ذلك. وبحسب التقرير الأميركي، فإن خالد بن سلمان، سافر خلال الأسبوع الماضي إلى سلطنة عمان، حيث عقد اجتماعاً مع السلطان قابوس، لإعداد الأسس لمحادثاتٍ رفيعة المستوى مع “الحوثيين”، معتبراً أن “الاجتماعات تمثّل تتويجاً لأكثر من ثلاث سنوات من المحادثات الحذرة جدّاً، والتي كانت بمعظمها سريّة ومباشرة بين المسؤولين السعوديين والحوثيين”.

وينقل التقرير عن وزير الخارجية اليمني السابق أبو بكر القربي قوله إن “مهمة الأمير خالد الدبلوماسية في جمهورية مسقط ترسل إشارة قوية لتحوّل السياسة السعودية في حرب اليمن”، مؤكّداً أن هذه السياسة تعكس “الالتزام بتحقيق سلام شامل نهائي، وإدراك بأنه لا يوجد حل عسكري للصراع”. وبحسب التقرير أيضاً، فإن “التفاؤل” المحيط بمساعي خالد بن سلمان، والذي يتولّى منصب نائب وزير الدفاع منذ شباط/ فبراير الماضي، يعود إلى نجاحه في رعاية وإبرام إتفاق أنهى المواجهات بين قوات الرئيس اليمني عبدربّه منصور هادي، المدعوم من السعودية، وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعومة من دولة الإمارات؛ بالدرجة الأولى في عدن (اليمن الجنوبي).

أما بالدرجة الثانية، فيأتي حديث مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، الجمعة الماضي، عن أن “القصف الجوي السعودي إنخفض بشكلٍ حاد خلال الأسبوعين الماضيين”، معتبراً ذلك “تمهيداً محتملاً لوقف إطلاق نارٍ عامٍ في البلاد”. وأضاف “قد يكون هذا مؤشّراً على أن هناك شيئاً ما يتغير في اليمن”، مشيراً إلى أن “الأسابيع الأخيرة، وللمرة الأولى منذ بداية النزاع، شهدت فترات مدتها 48 ساعة من دون غارات جويّة”.

ضربة “أرامكو”.. بدء العد العكسي

في أيلول/سبتمبر الماضي، إستهدف “الحوثيون” منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة “أرامكو” السعودية، شرقي المملكة، بعددٍ من الطائراتٍ المُسيّرة وصواريخ كروز (أحدهما يُعدُّ أكبر معمل لتكرير النفط في العالم). وبحسب المجلة الأميركية ومصادر أخرى في صنعاء، فإن الهجوم كشف عن “ضعف المملكة المتزايد جرّاء الحرب” خصوصاً أن شرخاً أصاب الموقف السعودي – الإماراتي، مع إبداء ابو ظبي نيّتها سحب قوّاتها من اليمن، و”عقد إتفاقية سلام مع الحوثيين وداعميهم الإيرانيين” حسب “فورين بوليسي”.

فـ”الحوثيون”، وبعد إستهدافهم قلب السعودية النفطي، وجّهوا رسائل مباشرة إلى أبو ظبي، تفيد بأن “الضربات التالية ستكون ضدّكم… وهي جاهزة”، وفق ما يؤكّده مصدرٌ دبلوماسي على تماس مباشر مع الموفد الدولي مارتن غريفيث، ويقول لموقع “180 بوست”، إن الإماراتيين بادئ الأمر “لم يأخذوا الرسالة على محمل الجدّ، لكنهم عادوا وأدركوا جديتها بناءً على معطيات لمسوها”. ويضيف المصدر، أن “صنعاء حدّدت أهدافاً عدّة: ضربةً لأبو ظبي وضربةً أخرى لدبي… كل شيءٍ كان جاهزاً بإنتظار أمر العمليات”.

هذه الضغوط، وفق المصدر نفسه، وغيرها، دفعت بأبو ظبي إلى “الردّ” على رسائل صنعاء، والتأكيد على أن “قرار الدولة الإمارتية بالانسحاب من حرب اليمن جدّي”، لافتاً الإنتباه إلى أن “خط التفاوض بين صنعاء – أبو ظبي، كان منفصلاً عن خط التفاوض بين صنعاء – الرياض”، ما أسفر عن خلافات بين “رفيقي السلاح”، ترجمت في جنوب اليمن اشتباكات ومواجهات بين حلفائهما هناك.

في هذه اللحظة، برز دور خالد بن سلمان، و”نجاحه” في إنهاء هذا الإقتتال، والذي رسّخ – وفق مصادر يمنيّة عدّة – قناعة لدى أبو ظبي بـ”ضرورة الإنسحاب من اليمن”. تقول المصادر، إن “إتفاقاً، ترجم ميدانيّاً، يقضي بانسحاب الإماراتيين وتسليم القيادة للسعوديين؛ إذ بدأت دولة الإمارات إعداداً فعليّاً لسحب أغلب قواتها”، لكنّها في الوقت عينه “أبقت على مشاركة عدد من الضباط في قيادة العمليات إلى جانب الضباط السعوديين، وفي عددٍ من المطارات، يقتصر دورهم على تحديد عددٍ من الأهداف لبعض الغارات الجويّة”.

أبو ظبي احتجزت قبل أيام سياسيّاً عراقيّاً بارزاً، يدعى عزّت الشاهبندر، يُقال أنّه على “إطلاعٍ” على مجريات المفاوضات السعودية الإيرانية، بل هو “جزءٌ منها”

وتضيف المصادر اليمنية نفسها لموقع “180 بوست” “إعلامياً هم (السعوديون والإماراتيون) متحالفون ومتفاهمون، لكن في المفاوضات ثمة إختلافات جوهرية…”؛ هنا، لمست الرياض بأنها باتت وحيدةً في “المواجهة”، كما تقول المصادر، مشيرة إلى أن الملف اليمني “سعودي بإمتياز قبل أن يكون إماراتيا أو خليجيا”.

إلى التفاوض در؟

يكشف مصدرٌ يمنيٌّ شمالي مطلّع أن المفاوضات القائمة بين صنعاء والرياض، “أحرزت تقدّماً كبيراً”، موضحاً أن وفداً سعوديّاً زار صنعاء بعيداً عن الإعلام، في الفترة الأخيرة، حيث أسفرت النقاشات على ضرورة “تثبيت إتفاقٍ لوقف إطلاق النار وتشكيل لجانٍ في هذا الصدد”. ويضيف المصدر الشمالي، أن “صنعاء التمست جديّةً سعوديّة لإنهاء الحرب، بعكس المرّات السابقة، وتحديداً بعد ضربة أرامكو والعمليات العسكرية الحوثية قرب الحدود”. ويكشف المصدر، عن معركتين اثنتين لم يُعلن عنهما، أسفرت الأولى – في الساحل الغربي، عن القضاء على لواء سودانيٍّ كامل، وأسر 250 ضابطا وعسكرياً؛ أما الثانية – شمال محافظة صعدة الحدودية، فقد شهدت تقدّماً “حوثياً” إلى الداخل السعودي، إلا أنّ الجانبين فضّلا التكتم على العمليتين، خصوصا مع تصاعد منسوب “التفاؤل” بإمكان التوصل إلى اتفاقٍ جدّي في المرحلة المقبلة.

إقرأ على موقع 180  "طوفان الأقصى".. وعلم العلاقات الدولية

ويكشف مصدرٌ سياسيٌّ يمنيٌّ آخر، أن البحث الراهن يتمحور حول مكان إجراء المباحثات السعودية الحوثية، وسط ترجيحٍ أن تكون مفاوضات مباشرة لتوقيع الاتفاق أو الاتفاق على البنود الأوليّة للاتفاق، إما في مصر أو في بلدٍ آخر(الكويت على الأرجح)”. يقابل هذا “التفاؤل”، حديثٌ لمصادر سياسية إيرانية، عن نضوج “تسويةٍ إقليميّةٍ ما”، بين المعسكرين السعودي والإيراني، ينسحب على كامل “ساحات الصراع القائمة بينهما”، خاصّةً مع تصاعد منسوب “التوتّر” في العراق ولبنان، وتحميل طهران الرياض مسؤولية ذلك، ومحاولتها تحييد أبو ظبي، التي احتجزت قبل أيام سياسيّاً عراقيّاً بارزاً، يدعى عزّت الشاهبندر، يُقال أنّه على “إطلاعٍ” على مجريات المفاوضات السعودية الإيرانية، بل هو “جزءٌ منها”.

هذه التحوّلات السريعة، بحسب “فورين بوليسي”، تؤكّد أن “حلفاء الرياض سئموا من خوض حربٍ بلا نهاية ويشعرون بأن الوقت قد حان لإبرام صفقة مع الحوثيين”، فـ”لا أحد يريد أن يكون متفائلاً للغاية”. وتنقل المجلة، عن مصدرين دبلوماسيين أميركيين إن “مسؤولين سعوديين وحوثيين كبار، أجروا محادثات مباشرة في مسقط، على هامش اجتماع خالد بن سلمان مع سُلطان عمان”، في خطوةٍ تعكس “مدى جديّتهم في المفاوضات حتى الآن”. (خاص 180).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  الجيش الجزائري بين الأمر العسكري والقرار السياسي - 1 من 2