بريطانيا تساعد إيران على تفكيك توده وموسكو تتفرج؟

Avatar18025/01/2020
تكشف الوثائق البريطانية التي رفع عنها الطابع السري ان بريطانيا دعمت النظام الإيراني الجديد في تفكيك الحزب الشيوعي الإيراني (توده) المعارض. في هذا التقرير الذي نشره موقع "دايلي مافريك" وحرره الصحافيان مارك كورتيس وفيل ميلر، تتكشف بعض صفحات حقبة إيرانية عمرها أكثر من ربع قرن. 

“عملت المخابرات السرية البريطانية MI6 مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) لتقديم قائمة بأسماء عملاء إيرانيين للإتحاد السوفياتي إلى نظام آية الله الخميني، الذي تولى السلطة بعد الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي المدعوم من بريطانيا في عام 1979. وقد تم إستخدام هذه المعلومات من قبل النظام الإيراني لإعدام كبار أعضاء الحزب الشيوعي الإيراني (توده).

تُبرز الوثائق البريطانية أيضًا كيف نظر مسؤول واحد على الأقل في وزارة الخارجية في كيفية استفادة المملكة المتحدة من الاعترافات القسرية التي قدمها أعضاء توده في ذلك الوقت، والتي يُعتقد أنها انتُزعت تحت وطأة التعذيب.

تشير الوثائق إلى أن السياسة البريطانية كانت مدفوعة بالرغبة في كسب تأييد حكام إيران الجدد، بدلاً من المخاوف بشأن الجغرافيا السياسية للحرب الباردة أو النفوذ السوفياتي في إيران، والذي كان يبدو ضئيلا.

قائمة المستهدفين

ذكرت صحيفتا “نيويورك تايمز” و”لندن تايمز” في عام  1986 انه تم تقديم قائمة بالإيرانيين الذين يُزعم أنهم يعملون لمصلحة الاتحاد السوفياتي في إيران إلى بريطانيا من قِبل فلاديمير كوزيكين، وهو رائد في المخابرات السوفياتية (كي جي بي) والذي انشق ولجأ إلى المملكة المتحدة في حزيران/يونيو 1982.

المعلومات التي جمعتها ال MI6 (المخابرات البريطاينة) من كوزيكين، الذي كان مسؤولا عن  الاتصالات (السوفياتية) مع حزب توده، المنظمة اليسارية الرئيسية في إيران التي تأسست في الأربعينيات، تم تقاسمها أيضا مع وكالة المخابرات المركزية، ومن ثم إحالتها إلى طهران.

شرع النظام الإيراني في القبض على أكثر من 1000 عضو في حزب توده، وفي النهاية، أعدم ما يصل إلى 200 منهم. لاحقا، تم حظر الحزب وإجباره على العمل تحت الأرض.

ذكر رئيس قسم المصالح البريطانية في طهران في ذلك الوقت، نيكولاس بارينجتون، أن معلومات كوزيتشكين، وببساطة، “وجدت طريقها” إلى السلطات الإيرانية بعد إنشقاق العميل الروسي.

خطوة هامة

وبينما كانت حملة القمع الإيرانية جارية، التقى بارينجتون بمسؤول إيراني كبير في 5 أيار/مايو 1983 وناقشه “بشأن تصرفات حكومته ضد توده”، والتي، كما قال، كانت دليلًا على “الإستقلال الإيراني عن القوى العظمى”(…).

ثم أورد المسؤول الإيراني لبارينجتون “اعترافًا” لأحد أعضاء حزب توده، إنتزعه النظام الجديد بالقوة وكان قد تم بثه في الليلة السابقة (للقاء) على شاشة التلفزيون الإيراني، وهذا الناشط الحزبي سبق أن سجن لمدة 24 عامًا في عهد الشاه. قال المسؤول الإيراني إن الناشط لم يكشف أي شيء “برغم كل تعذيب سافاك”، في إشارة إلى التسمية التي كانت معتمدة لجهاز الأمن الوحشي للنظام السابق.

وعلق بارينجتون: “قلت،  بشيء من الدعابة، أنه ربما كان تعذيب الجمهورية الإسلامية أكثر فعالية من تعذيب الشاه”.

كان بارينجتون ومسؤولون بريطانيون آخرون يعلمون تماماً بالقمع الإيراني. كان بارينجتون قد أبلغ وزارة الخارجية في لندن “بتفكيك حزب توده” في اليوم نفسه الذي التقى فيه المسؤول الإيراني.

وأشار إلى أن “هناك إعتقادا واسعا بأن بعض [أعضاء توده] قد عانوا بالفعل من عقوبة الإعدام والباقون سيواجهون المصير ذاته قريباً”. وأضاف أن “الجمهور (النظام) طبق القانون بيديه” في تعامله مع أعضاء توده و”سيتم بلا شك تسوية الحسابات وسيعاني بعض الأبرياء نسبياً مع المذنبين”.

في وقت سابق، في شباط/فبراير 1983، عندما اعتقلت إيران عددًا من أعضاء توده، علق بارينجتون قائلاً “يبدو أن النظام يبذل جهودًا حازمة للقضاء على توده”. بحلول نيسان/أبريل، تبلغ  بارينجتون من ديبلوماسي مجري أن “عدة مئات” من أعضاء توده كانوا في السجن، وكان من المتوقع أن يتم التعامل معهم من قبل المحكمة العسكرية.

لم يكن بارينجتون يتحسر على تصرفات النظام الإيراني، بل رآها فرصة. وكتب أن رؤساء البعثات الأوروبية “شعروا أن الوقت قد حان بالنسبة لدول أوروبا الغربية لإبقاء الخطوط مفتوحة مع إيران”.

لا يمكن العثور على دليل في وثائق 1983 على أن المسؤولين في المملكة المتحدة فعلوا أي شيء آخر غير الموافقة على هذا القمع.

كتب بارينجتون في وقت لاحق في مذكراته أنه “كانت هناك أموال لا بد من كسبها” في إيران، حيث “كان الحفاظ على الروابط التجارية البريطانية مع إيران وتعزيز الصادرات جزءا مهما من عملنا”.

بحلول تموز/يوليو 1983، صرح مسؤول بريطاني آخر في طهران، هو كريس رندل، لوزارة الخارجية أنه “يتم إعدام بعض الأعضاء العاديين وأن هناك شائعات عن عمليات إعدام واسعة النطاق”. وأضاف أن “أفضل التقديرات هنا هي أن حوالي 80% من أعضاء توده في إيران قد تم اعتقالهم، والباقي قد إختبأ أو هرب”.

اعترافات منتزعة

أصبح هدف النظام الإيراني القاضي بتفكيك حزب توده أسهل بعد “الاعترافات” القسرية التي استخلصها من شخصيتين رئيسيتين في الحزب هما نور الدين كيانوري، الأمين العام لحزب توده، ومحمود اعتماد زادة، رئيس تحرير صحيفة الحزب (رحبار).

في 30 نيسان/أبريل 1983، بعد نحو شهرين أمضياها في السجن، ظهر كيانوري وإعتماد زاده على شاشات التلفزيون، قائلين إن توده عمل ضد إيران وتجسس لمصلحة الاتحاد السوفياتي. أشار بارينجتون إلى أن “الضغوط أو التهديدات أثناء الاحتجاز بدت واضحة إستناداً الى مظهر هذين الرجلين”.

أشار ملف بريطاني مصدره سفارتها في موسكو إلى تقرير صادر عن البرافدا – الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي السوفياتي – يزعم أن الاعترافات “انتُزعت بأساليب السافاك الشبيهة بجهاز الجستابو”(النازي).

على الرغم من ذلك، اقترح رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية، أوليفر مايلز، أن “الإعترافات” على التلفزيون قد تكون مفيدة لبريطانيا. وأشار إلى أنه “يمكن أن تكون هناك إشارات إلى أطراف صديقة في بلدان أخرى قد نتمكن من الاستفادة منها”، مثل علاقات توده مع الحزب الشيوعي السوري.

لاحظ مايلز أيضًا أنه “لدى ليبيا والجزائر علاقات مقبولة مع إيران، ومن الممكن أن يظهر شيء مثير للاهتمام في هذه العلاقة أيضًا”.

بعد ثلاثة أيام، تبلغ بارينجتون انه “يتم إعتقال كوادر توده في المحافظات”.

في 4 ايار/مايو 1983، عندما طردت إيران 18 ديبلوماسيًا سوفياتيًا، دوّن بارينجتون: “لقد حظي الإجراء ضد توده على موافقة الخميني… وأنه اشاد بالحرس الثوري وقوات الأمن الأخرى والقضاء لتخليص إيران من حزب توده، الذي وصفه (الخميني) بالثعبان الذي كان يعمل للاطاحة بالإسلام”.

نقطة تحول رئيسية

أخبر بارينجتون وزارة الخارجية البريطانية في ايار/مايو 1983 أنه بسبب تفكيك توده “تم الوصول إلى نقطة تحول رئيسية في العلاقات السوفياتية ـ الإيرانية وربما أيضاً في تاريخ الأحزاب الشيوعية في العالم”.

ومع ذلك، تشير الوثائق إلى أن دعم بريطانيا للقمع الإيراني لحزب توده لا يمكن تفسيره على أنه حلقة من حلقات الحرب الباردة لمواجهة النفوذ السوفياتي. ذلك أن المسؤولين البريطانيين لم يخشوا من أن يلجأ النظام الإيراني إلى الاتحاد السوفيتي لأنه كان يعارض الشيوعية بشدة.

كانت هناك مصادر مختلفة للاحتكاك بين إيران والاتحاد السوفياتي في هذا الوقت، لا سيما تسليح موسكو للعراق، الذي كان في حالة حرب مع إيران منذ عام 1980. كما أدى الغزو السوفياتي لأفغانستان عام 1979 إلى فرار ملايين الأفغان إلى إيران.

لم يكن السوفيات على إستعداد للذهاب إلى أبعد الحدود لدعم حزب توده. صرح بارينجتون في رسالة إلى لندن في تموز/يوليو عام 1982 – في ذلك الوقت الذي كان فيه كوزيتشكين في المملكة المتحدة ينقل المعلومات – أنه بينما كان النظام الإسلامي في السلطة في إيران، فإن الروس “كانوا على استعداد للتصرف بهدوء والتخلي عن حزب توده، إذا لزم الأمر”.

استمر بارينجتون في عمله حتى حصل على لقب “فارس” وأصبح المفوض السامي لبريطانيا لدى باكستان.

الأرجح أنه تم الحصول على موافقة رسمية للعمل مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لنقل معلومات كوزيتشكين إلى النظام الإيراني من قبل رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك، مارغريت تاتشر، ووزير الخارجية البريطاني، وقتذاك، فرانسيس بيم ورئيس MI6، كولين فيجنز. جرت محاولة للاتصال بالسيد نيكولاس بارينجتون للتعليق لكنها باءت بالفشل”.

https://www.dailymaverick.co.za/article/2020-01-21-how-britain-helped-irans-islamic-regime-destroy-the-left-wing-opposition/

(ترجمة سارة سنو)

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  الفاتيكان وفرنسا مع رئيس لبناني بعيداً عن التحدي والمواجهة
Avatar

Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  في انتظار.. الرد الإيراني!