كيف تنتقل عدوى الفيروس؟
ينتشر الفيروس عبر قطيرات السعال أو العطاس التي تنتقل عبر الهواء الى الأشخاص المتواجدين بالقرب من الشخص المصاب عبر الأنف، العيون، والفم. وتنتقل الجسيمات الفيروسية بسرعة إلى الجزء الخلفي للممرات الأنفية وإلى الأغشية المخاطية في الجزء الخلفي من الحلق، وتلتصق بمستقبلات معينة في الخلايا.
كيف يتسبّب ذلك بمشاكل في الجهاز التنفسي؟
عندما تتكاثر نسخ الفيروس، تبدأ بإصابة الخلايا المجاورة. وغالبا ما تبدأ الأعراض في الجزء الخلفي من الحلق، كالتهاب في الحلق أو سعال جاف. وينتقل الفيروس، وفق توصيف أخصائي الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت في ناشفيل، ويليام شافنر، تدريجيا الى اسفل الشعب الهوائية، وحين يصل الفيروس إلى الرئتين، تلتهب أغشيتها المخاطية. ما قد يسبّب إتلاف الحويصلات الهوائية أو كيس الرئة، وبالتالي تبذل الرئتان مجهودا أكبر للقيام بوظيفتها في تزويد الدم بالأكسجين وتنقيته من ثاني اوكسيد الكربون.
ما المسار الذي يتخذه الفيروس في الرئتين؟
من خلال التقارير الطبية التي رصدت حالات المصابين بكورونا المستجد في الصين، أشار أستاذ علم الأمراض في كلية الطب بجامعة شيكاغو، د. شو يوان شياو، الى أنه على ما يبدو، ينطلق الفيروس من جانبي الرئة ويستغرق بعض الوقت للوصول إلى الجهاز التنفسي العلوي والقصبة الهوائية والمسالك الهوائية المركزية الأخرى.
وأضاف شياو وهو مدير مركز علم الأمراض والتشخيص الجزيئي في جامعة ووهان، أن هذا النمط يساهم بتفسير عدم تشخيص العديد من الحالات المبكرة للإصابة في مدينة ووهان، حيث بدأ تفشي المرض. اذ لم تكشف الفحوصات الأولية في مستشفيات صينية عدة، الإصابة عند أطراف الرئتين لذلك عاد بعض الأشخاص الذين يعانون الأعراض الى منازلهم من دون تلقي العلاج، “حيث كانوا إما يتوجهون (مجددا) إلى مستشفيات أخرى للحصول على العلاج، أو يبقون في منازلهم ويصيبون أفراد عائلاتهم، وهذا ما شكل أحد الأسباب التي أدت إلى انتشار واسع النطاق للفيروس”.
لم يوثق الخبراء ما إذا كان الفيروس الجديد يمكن أن يؤثر على الدماغ، لكن العلماء الذين درسوا فيروس “سارس”، أوردوا بعض الأدلة على احتمال تسلل “سارس” إلى الدماغ لدى بعض المرضى
هل يصيب المرض الرئتين فحسب؟
ليس بالضرورة، إذ قالت د. كومبتون- فيليبس ان العدوى تستطيع أن تنتشر من خلال الأغشية المخاطية، من الأنف وحتى المستقيم.
ويقول الخبراء إن الفيروس قد يصيب خلايا في الجهاز الهضمي. وهذا ما قد يفسر ظهور بعض أعراض الإسهال أو عسر الهضم لدى بعض المرضى. وقال شافنر إن الفيروس يمكن أن يصيب أيضا مجرى الدم.
وقال رئيس قسم الأمراض المعدية في مركز بروفيدنس الإقليمي الطبي في مدينة إيفريت في واشنطن، د. جورج دياز، وكان فريقه قد عالج المصاب الأول بفيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة، إن الفيروس يمكن أن يصيب نخاع العظم وأعضاء أخرى كالكبد بالالتهاب. وقد تظهر بعض الالتهابات في الأوعية الدموية الصغيرة، مثلما فعل فيروس (سارس)، في العامين 2002 و2003.
وأشار شافنر، إلى أن “الفيروس يلتصق بأعضاء في الجسم مثل القلب والكلى والكبد وقد يسبب بعض الضرر المباشر لتلك الأعضاء”. مضيفا أنه مع محاربة الجهاز المناعي العدوى بشدة، فقد يضرّ التهاب الأعضاء بوظائفها. نتيجة لذلك، قد يعاني بعض المرضى مضاعفات غير مرتبطة مباشرة بالفيروس، بل بسبب مكافحة الجهاز المناعي العدوى.
ولم يوثق الخبراء ما إذا كان الفيروس الجديد يمكن أن يؤثر على الدماغ. لكن العلماء الذين درسوا فيروس “سارس”، أوردوا بعض الأدلة على احتمال تسلل “سارس” إلى الدماغ لدى بعض المرضى. وبالنظر إلى التشابه بين الفيروسين، “سارس” و”كوفيد -19″ (كورونا المستجد)، وللعدوى التي يسببها الفيروس الجديد، فإنه وبحسب ورقة بحثية نشرت الشهر الماضي في مجلة “Journal of Medical Virology”، لا يمكن استبعاد الاحتمال بأن يصيب الفيروس بعض الخلايا العصبية.
لماذا يشتد المرض عند بعض الأشخاص بينما الغالبية لا؟
يعاني نحو 80% من المصابين بفيروس كورونا المستجد، أعراضا طفيفة نسبيا، بينما تتعرض نسبة 20 في المئة لإصابات أكثر خطورة. وبلغ معدل الوفيات عند المرضى في الصين، التي سجلت أكبر معدل اصابات، 2 في المئة.
يقول الخبراء إن اختلاف أثر الفيروس على الجسم مرتبط بقوة جهاز المناعة أو ضعفه. لذا، يعتبر كبار السن أو الذين يعانون مشاكل صحية مزمنة مثل السكري أو غيرها أكثر عرضة للإصابة بأعراض شديدة.
ما الذي لا يعرفه العلماء عن المصابين بكورونا بعد؟
الكثير ما زال غير معروف. وعلى الرغم من أن المرض يشبه “سارس” في جوانب كثيرة ويبرز خصائص مشتركة مع الإنفلوانزا والالتهاب الرئوي غير ان مسار الفيروس عند المرضى يبقى غير واضح بشكل تام.
وقال د. جورج دياز إن بعض المرضى، يظهرون حالة مستقرة لأكثر من اسبوع ثم يصابون فجأة بالتهاب رئوي. وبعض المرضى تظهر عليهم الأعراض من جديد حتى بعد التعافي.
وقال د. شو يوان شياو إن بعض المرضى في الصين تعافوا غير انهم اصيبوا بالمرض مرة أخرى، لأن لديهم، على ما يبدو، أنسجة رئوية ضعيفة أو متضررة بسبب بكتيريا في اجسامهم. وتوفى بعض هؤلاء المرضى بسب عدوى بكتيرية وليس بسبب الفيروس. من دون أن يشكل ذلك السبب وراء غالبية الوفيات.
(*) ترجمة بتصرف، لمقالة الكاتبة بام بيلك، وهي محررة في شؤون الصحة والعلوم في صحيفة “نيويورك تايمز”، وحصلت على جائزة صحافية كبيرة لتغطيتها وباء إيبولا عام 2015 (عن موقع عرب 48).