يؤسّس الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاباته عادة لكتابة تاريخ هذا الحزب، أقله منذ أن تولى قيادته قبل ثلاثة عقود من الزمن. الأكيد أن خطاب نصرالله هذه الليلة سيحتل حيزاً ولو بسيطاً في سيرة حزب جدلي لبناني وأكثر. لماذا؟
يؤسّس الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاباته عادة لكتابة تاريخ هذا الحزب، أقله منذ أن تولى قيادته قبل ثلاثة عقود من الزمن. الأكيد أن خطاب نصرالله هذه الليلة سيحتل حيزاً ولو بسيطاً في سيرة حزب جدلي لبناني وأكثر. لماذا؟
لا يُحسد نجيب ميقاتي على هذه اللحظة السياسية والأمنية في لبنان. قبله، قيل لا يُحسد حسان دياب على لحظة إنفجار مرفأ بيروت، ذروة الإنهيار اللبناني. الفارق بين الإثنين أن حكومة دياب حكمت لبنان لأشهر عديدة وكأنها لم تحكم، بينما جرت "أسطرة" اللحظة الميقاتية، ليتبين أن لبنان هو بلد المفاجآت والمفارقات الدائمة والصادمة.
"نجيب ميقاتي الجديد". هذا أدق توصيف لمشهدية رئيس حكومة لبنان لحظة خروجه من قصر الإليزيه ووقوفه على يمين رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، قبل أن يضع الإثنان حكومة لبنان الجديدة على سكة خارطة الطريق التي رسمتها المبادرة الفرنسية لـ"إنقاذ لبنان" قبل سنة من الآن.
أما وأن حكومة نجيب ميقاتي الثالثة قد أبصرت النور، فإن المعنى الأكبر لهذه الولادة الحكومية، بعد طول مخاض وإنفجار وإنهيار، أن لبنان ما زال ساحة لا يمكن أن يصادرها لاعب محلي أو إقليمي أو دولي وحده، وإذا عُقدت التسويات الكبرى في الإقليم كان أول المستفيدين وإذا إحتدم الإشتباك بين اللاعبين الكبار "بيروح البلد فرق عملة" على حد تعبير أحد القادة السياسيين.
أن يُغامر ويُجرّب سمير جعجع، فهذه هوايته الأحب، سواء إعترف بذلك أم لم يعترف. ربما يندم على أمور كثيرة، لكن الندم الأكبر هو على تسليم سلاحه في مطلع تسعينيات القرن الماضي. ماذا لو إقتدى بحزب الله بتمسكه بسلاحه، هل كان لُيحدث فرقاً في معادلات لبنان طيلة ثلاثة عقود مضت؟
لولا مؤتمر الجوار العراقي، لكان إعتذار نجيب ميقاتي عن التأليف الحكومي صار أمراً واقعاً، بخلاف ما أعلنه الرئيس المكلف عبر قناة "الحدث" من أن الإعتذار "ليس على أجندته". حقيقة الأمر أن الديبلوماسي الفرنسي باتريك دوريل تمنى على ميقاتي تأجيل خطوته أياماً قليلة، بسبب إنشغال الفريق الرئاسي الفرنسي برحلة إيمانويل ماكرون العراقية التي تنتهي هذه الليلة. الفرصة الحكومية تضيق ولا يفصلنا عن الإعتذار سوى بضعة أيام.
أدى إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، عن إنطلاق أولى السفن الإيرانية المحملة بالمحروقات لمصلحة المستشفيات والأفران اللبنانية، وإعتباره السفن المحملة بالنفط "أراضٍ لبنانية"، إلى خلط أوراق ربطاً بمعادلات الإقليم السياسية والعسكرية والغازية.
صارت الكتابة مهمة شاقة. جرى ترويضنا. أصبحنا نشعر بعجزنا عن التأثير. صرنا جزءاً من الأمر الواقع. مجرد شهود على جريمة متمادية. نصرخ ونكتب. نكتب ونصرخ. ندور في حلقة مفرغة. نراهن على ماذا؟ على العدم.
لم يأتِ خطاب الذكرى الـ 15 لحرب تموز/يوليو 2006، إلا إنعكاساً للواقع اللبناني الصعب، وبالمقابل، تضمن رسالة تحذير واضحة المعالم إلى إسرائيل بأن هذا الإستعصاء اللبناني لن يغير حرفاً واحداً من حروف توازنات الردع وقواعد الإشتباك التي أرسيت طوال 15 عاماً.
كان يمكن لحادثة خلدة عند مدخل بيروت الجنوبي أن تبقى محصورة بين عائلتين وألا تتخذ أبعاداً سياسية وأمنية، لولا اللحظة السياسية اللبنانية الإنتقالية والعصبيات الحزبية والحسابات الإنتخابية وحضور الأجهزة الأمنية وربما أيضاً العناصر الخارجية.