
مثلت حقبة الملك فاروق آخر فترات العهد الملكى (١٩٣٦ــ١٩٥٢)، فكتب القدر لفاروق أن يكون الملك الأخير فعليا لمصر قبل أن تقوم حركة الضباط الأحرار بإنهاء الملكية وإنشاء الجمهورية المصرية المعاصرة.
مثلت حقبة الملك فاروق آخر فترات العهد الملكى (١٩٣٦ــ١٩٥٢)، فكتب القدر لفاروق أن يكون الملك الأخير فعليا لمصر قبل أن تقوم حركة الضباط الأحرار بإنهاء الملكية وإنشاء الجمهورية المصرية المعاصرة.
بعد قيام الملك فؤاد بتنصيب نفسه ملكا للبلاد في وقت غاب فيه الزعيم سعد زغلول في منفاه بجزيرة سيشل، سنحت الفرصة لحكومة ثروت باشا أن تسرع في تشكيل لجنة دستور 1923 ووضع قانون الانتخابات البرلمانية بشكل لم يمثل سوى رغبات الملك ومصالح كبار الطبقة البرجوازية في مصر، بينما استبعد أي تمثيل للوفد أو الحزب الوطني!
منذ قيام ثورة 1919 وحتى عام 1922، وبرغم الصلابة الشعبية والسياسية التى أجبرت لجنة ملنر على العودة إلى بريطانيا بعد ثلاثة أشهر فقط من بدء مهمتها فى مصر، حتى إن اللورد ملنر نفسه أوصى الحكومة البريطانية بضرورة رفع الحماية عن مصر؛ لأن المصريين لن يقبلوا بغير ذلك، إلا أن هذه الصلابة لم تؤد كما كان متوقعا إلى مزيد من التماسك السياسى، ولكنها أدت إلى سياسة الفرقة والانقسام وخصوصا داخل الجماعة الأبرز فى هذا الوقت، ألا وهى جماعة الوفد!
برغم فشل مهمة الوفد المصرى فى باريس حتى قبل أن يصل إلى مؤتمر الصلح، فإن سعد زغلول ورفاقه واصلوا محاولاتهم الدؤوبة للضغط على الحكومات الأوروبية من خلال مخاطبة الرأى العام فى فرنسا والولايات المتحدة عن طريق كبار الكتاب والأدباء، إلا أن ذلك لم يغير من الأمر، فبريطانيا ضغطت على جميع القوى الكبرى المشاركة فى المؤتمر للإقرار بالحماية البريطانية على مصر.. وقد كان!
عبر تاريخ مصر الحديث كان ــ ولا يزال ــ هناك جدل حول مدى ارتباط السياسة الداخلية المصرية بالقوى الكبرى والسياسة الدولية. فمصر منذ تحديث محمد على باشا كانت دائما محط أنظار القوى الأوروبية، وبعد مشروع قناة السويس، ازداد الارتباط المصرى بالقوى العظمى وبقدر ما كان لهذا من إيجابيات، كان له العديد من السلبيات أيضا!
كان العقد الأول من القرن العشرين هو عقد ولادة التعددية الحزبية المصرية وترسيخ المبادئ الدستورية والنيابية التي شكلت الأسس الحديثة للنظام السياسي في مصر.
برغم الحضور الكبير لمصطفى كامل في الحياة السياسية المصرية مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، إلا أن وفاته لم تغير كثيرا من ماكينة السياسة المصرية الوطنية المعارضة للإنجليز، فقد أكمل من بعده الزعيم محمد فريد وآخرون الطريق غير عابئين بضغوط الإنجليز وتخلى الخديوي عباس عنهم!
إذا كانت الثورة العرابية هى بمثابة الموجة الأولى للحركة الوطنية الثورية المصرية، فإن الحركة الوطنية التى قادها مصطفى كامل مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين هى بمثابة الموجة الثانية لهذه الحركة الوطنية وإن اختلفت عن الموجة الأولى (العرابية) فى كونها بالأساس حركة مدنية/سياسية لا عسكرية، كما أنها كانت أكثر تنظيما ونضوجا ولن تعارض القصر.
فور وفاة الخديوي توفيق، تم إبلاغ أكبر أبنائه (عباس باشا حلمي الثاني) والذي كان يدرس العلوم العسكرية في فيينا للعودة فورا لتولي الحكم في مصر.
بعد انتهاء مؤتمر الأستانة بخصوص تقرير مصير الوضع المصري بانتصار واضح للإنجليز، لم يتمكن الخليفة من منع البريطانيين من احتلال مصر وقد رست سفنهم حتى من قبل انعقاد المؤتمر قرب الإسكندرية!