ما حدث في سوريا ربحٌ صافٍ لرجب طيب أردوغان. مشاهد عودة السوريين من تركيا إلى وطنهم بعد "فتحها المبين"، تعطي الرئيس التركي دفعًا معنويًا وسياسيًا كبيرًا داخل أسوار تركيا وكذلك خارجها.
ما حدث في سوريا ربحٌ صافٍ لرجب طيب أردوغان. مشاهد عودة السوريين من تركيا إلى وطنهم بعد "فتحها المبين"، تعطي الرئيس التركي دفعًا معنويًا وسياسيًا كبيرًا داخل أسوار تركيا وكذلك خارجها.
هي لحظاتٌ مصيريّة يمرّ بها وطننا لبنان عمومًا، والطائفة الشيعيّة تحديدًا، ومنها يطفو ألف سؤال وسؤال. عن ما سُمي جبهة الإسناد بداية (وجب تسميتها منذ اللحظة الأولى جبهة الدّفاع عن لبنان أولًا وقبل أيّ شيء آخر)، عن مآلات الحرب، عن القدرة على الإحتمال والصمود، والأثمان التي بُذلت والتي لم تُبذل بعد.
"أبي كان يقول، إنّ الضّربات التي لا تقصم ظهرك.. تُقوّيك". كلمة منسوبة لشيخ المجاهدين عمر المختار.
تركيا بلد التحولات والتفاعلات والتناقضات والمفارقات. هي مزيجٌ من كلّ شيء، من الشّرق والغرب، من الإسلام والمسيحية، من الدّين والعلمانيّة، من الديكتاتورية والديموقراطية، من حبّ فلسطين والتودّد لإسرائيل.
للمرّة الأولى منذ أكثر من عقدين من الزّمن، يمكن رؤية الإبتسامة الواسعة على وجوه قادة حزب الشعب الجمهوري في تركيا؛ ابتسامةَ من استطاع تحقيق نصره الإنتخابي الأكبر منذ عقود عديدة، تحديدًا منذ العام 1977. في المقابل، فإنّ تحالف الجمهور بقيادة حزب العدالة والتنمية، تلقى هزيمة غير مسبوقة منذ دخوله الساحة السياسيّة التركيّة؛ هزيمة يُمكن القول إنّها مذلّة بكلّ ما للكلمة من معنى.
لطالما تمكن بعض الحكام والزّعماء العرب والمسلمين، من امتصاص نقمة الجماهير وغضبها، من خلال مسرحيّات خطابيّة ليست فقط خارج أي تأثير أو فعل، بل على العكس، كانت تَسْتر السلوك الشائن والخائن لهؤلاء تجاه القضيّة الفلسطينيّة.
ما أن إنتهيت من كتابة هذه المقالة، حتى بدأت تتوالى الأنباء عن المجزرة الوحشية المروعة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي، ليل أمس، في المستشفى المعمداني في غزة وذهب ضحيتها مئات الشهداء؛ وأول تعليق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان هذا: "قصف مسشفى فيه نساء وأطفال ومدنيون أبرياء هو آخر مثال على الهجمات الإسرائيلية المجردة من أبسط القيم الإنسانية". حتمًا ما بعد هذه المجزرة ليس كما قبلها، فإذا لم يتحرك الشارع الدولي والإسلامي والعربي، فسيكون موت الشهداء.. إيذاناً بموت ما تبقى من ضمير عالمي وإنساني.
ليس من المبالغة القول إنّ احتفالات فوز "غالطا سراي" ببطولة الدوري التركي بكرة القدم، هنا في حي "شيشلي" في اسطنبول، تفوّقت على احتفالات أنصار الرئيس رجب طيب إردوغان بفوزه في الإنتخابات الرئاسية. فلنفترض، وهي فرضيّة ممكنة، أنّ اسطنبول التي انقسمت بشكلٍ حادٍ وعامودي في الإنتخابات، عادت لتتوحّد خلف ناديها العريق اليوم، ولعلّها من المرّات النادرة التي يجتمع فيها إردوغان وكمال كليتشدار أوغلو على تهنئةٍ هذا النادي على إنجازه الكبير.
الجمهور التركي سيكون يوم الأحد في 28 أيار/مايو المقبل على موعد متجدد مع صناديق الإقتراع الرئاسية، لكن من كان ليُصدّق قبل أكثر من عشرين عامًا، أنه سيرى كل هذا الإهتمام العالمي بالإنتخابات التركية؟
هناك مثل شعبي تركي يقول: "ليس المهم خديجة، بل المهم النتيجة". بهذا المعنى ليس مهمًا أن تشهد تركيا غداً (الأحد) أهم انتخابات رئاسية وبرلمانية في العقود الأخيرة. الأهم ما ستسفر عنه من نتائج إما تعيد رجب طيب إردوغان إلى الحكم أو تحيله وحزب العدالة والتنمية إلى صفحات التاريخ التركي.. ولطالما كانت حافلة بالشخصيات والأحداث!