مالك أبو حمدان, Author at 180Post - Page 5 of 10

0-8.jpg

ندافعُ في هذا المقالِ عن أطروحةٍ تأويليّةٍ-فَهميّةٍ مفادُها أنّ الرّسالة المسيحيّة، من زاوية المعاني والمقاصد الباطنيّة، أي الكامنة خلف أو تحت الخطاب والصّورة والرّمز والسّرديّة والطّقوس إلخ.. هي رسالة كونيّة. ويعني ذلك بالنّسبة إلينا أنّها، أي هذه الرّسالة:

636775426920997852.jpg

بدأنا في الجزء الأوّل برسم المعالم الجوهريّة والنّموذجيّة والمميِّزة لما سمّيناه: "العقل الجيوسياسي الإيراني". وقد بدأنا بسِمَتَين مهمَّتين وأساسيَّتين جدّاً برأينا وهما: أولاً؛ السّمة المتعلّقة بمقاربة مسألة الزّمن (إذا صحّ التّعبير)، وضمنها أبواب التّروّي والجلَد والتّحمّل والصّبر وما إلى ذلك؛ وثانياً؛ السّمة المتعلّقة بما سمّيناها "المدرسة الإيرانيّة في العقلانيّة-الواقعيّة".

امير-عبد-اللهيان.jpg

من المرجَّح أن يستفزَّ بعضُ الخطاب السّياسي والدّبلوماسي الإيراني أغلبَ الأفراد المتابِعين من ذوي العقول الغربيّة التّكوين تحديداً (أي، ومع التّبسيط: "العقلانيّة" على الطّريقة الدّيكارتيّة كما فصّلنا في السّابق من المقالات)، وكذلك الحال بالنّسبة إلى ذوي العقول العربيّة التّكوين والتّنشئة (أي، ومع التّبسيط أيضاً: القريبة جدّاً من النّزعة الأوروبيّة السّالفة الذّكر).

غزة.jpeg

أحزنُ كثيراً، في داخلي، عندما أتحاور مع بعض أهلي اللّبنانيّين، خصوصاً منهم الشّباب، وفي سياق ما يجري حولنا اليوم، لا سيّما في غزّة الحبيبة وفي فلسطين المحتلّة. لا أُبدي هذا الحزنَ أمامَهم دائماً، ولكنّني مقتنعٌ بأنّنا أمام مشكلة حقيقيّة وعميقة.. وكبيرة في هذا المجال.

slider.jpg

رأينا في الجزء السّابق من هذا المقال أنّ صرحَ لايبنيتز الفلسفي-الذّهني-النّظري جدّيٌّ ومتينٌ وقويٌّ جدّاً برأينا. بل إنّه، وبسبب انطلاقه من صفات الكمال المُطلَق، يكاد يبدو وكأنّه.. "كامل"، لكن ذلك قد يصحّ فقط من وجهة النّظر المفاهيميّة (Conceptuelle) كما رأينا أيضاً، أي من زاوية عالمَي الأفكار والمفاهيم (وبشكل غالب).

tumblr_loar4sHOXa1qbcporo1_640.jpg

رأينا في المقال السّابق حول الألم أنّ كلّ هذه التّساؤلات الأساسيّة لا بدّ وأن توصل إلى سؤال "وجود (أو تواجد) الشّرّ"، وبالتّالي إلى الاصطدام الفلسفي القديم-العظيم: إنّه الاصطدام أو الارتطام الموجع جدّاً – بالنّسبة إلى الكثيرين – بسؤال الثيوديسا La Théodicée. إذ: مهما كانت نظرتنا الوجوديّة (Ontologique) فيما يخصّ وجود أو تواجد الألم والشّرّ، لا بدّ وأن نرتطم بعاملٍ مهمٍّ متأتٍّ من معتقدات الأديان السّماويّة الإبراهيميّة بشكل خاص: الخير والعدل المُطلَقَين "للإله".