مالك أبو حمدان, Author at 180Post - Page 5 of 11

3ed8c3796ef27ba19cf1499940b4256c.jpg

بعد أن تناولنا بعض التّصوّرات التّاريخيّة ونقدها (ونقد نقدِها) في الجزأين السّابقين، نتناول في هذا الجزء جانباً أساسيّاً يُعنى بتحوّل قضيّة وشخصيّة "عَلِيّ" إلى رمز صوفيّ (Mystique)، داخل الثّقافة الإسلاميّة بمختلف مذاهبها. سنرى أيضاً كيف أنّ الأسئلة المتأتّية من مقابلة التصوّرين السّائدَين حول شخصيّة "عليّ" من جهة، وشخصيّة "معاوية" من جهة أخرى: تدفع وعيَ الإنسان ولا-وعيَه (الفرديَّ والجماعيَّ) بقوّة مؤلمة واقعاً إلى طرح أسئلة حول الوجود نفسه وحول المعنى الكامن والباطن وراء تواجدنا في هذه الدّنيا.

الله.jpg

عرضنا في ما سبقَ بعضَ الجوانب التي تدفعنا إلى ترجيح ضعف فرضيّة أنّ الإمام عليّ بن أبي طالب إنّما وصل إلى ما تسمى "الهزيمةَ السّياسيّة" أمام مختلف خصومه بسبب عدم درايته باللّعبة السّياسيّة العمليّة (كما تدّعي هذه الفرضيّة "العبّاسيّة الطّابع التّأريخيّ" بشكل خاصّ)، أو بسبب عدم تمكّنه منها ومن ألعابها المبنيّة على الحنكة والدّهاء، كما تدّعي أيضاً كثيرٌ من أدبيّاتنا العربيّة والإسلاميّة والتّأريخيّة وإلى يومنا هذا (ومن جميع الفرق تقريباً).

سلايدر-5.jpg

"الإمام عليّ بن أبي طالب الهاشِميّ القُريشيّ لم يُخلق للسّياسة". أو بطريقة هي أقلّ تهذيباً للمضمون المقصود واخفاءً لبعض جوانبه: "إنّ عليّاً، للأسف، لمْ يكنْ أهلاً للسّياسة". أو بطريقة هي أقرب إلى التّعبير العلميّ الذي نفضّله طبعاً في هذا المقام: "من المرجّح - أو من الواضح - أنّ عليّاً لم يملك الحنكة الكافية للنّجاح في السّياسة وفي الحكم.. وبالأخصّ، للنّجاح ضدّ خصومه الأساسيّين داخل الأُمّة الإسلاميّة الفتيّة".

حضارة-اسلامية.jpg

التّاريخ: مساء الإثنين الواقع في ٢٩ كانون الثاني/يناير ٢٠٢٤. المكان: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلاميّ (بيروت). الموضوع: التّحدّيات التي تواجه الفكر الإسلاميّ المعاصر. الدّعوة تلقيتها من الصّحافي والكاتب الأستاذ الحبيب الحاج قاسم قصير. وقد سُررتُ أشدّ السّرور بفرصة كهذه لزيارة هذا المركز الفكريّ الرّاقي واللّقاء مجدّداً بالحاج قاسم طبعاً، وبالعالِم الجليل، والباحِث الرّفيع، والمدرّس المهنيّ: سماحة الشّيخ محمّد زراقط.

النهار.jpg

إنّنا أبناء بلد واحد، ولبنان هو وطننا النّهائيّ جميعاً. قدرُنا أن نعيشَ مع بعضنا البعض حتّى يأذن الله بغير ذلك أو يُحدثَ بعد ذلك أمرا. ولا بدّ، إذا تحاوَرنا من أن نقوم بذلك بطريقة حضاريّة وضمن إطار هدفٍ مركزيٍّ يتمثّلُ في تحقيق المصالح الوطنيّة المشتركة.. وعلى اختلافها.

325-2.jpg

لا شكّ في أنّ هزيمةً عسكريّة وجيوسياسيّة بيّنة أصابت الجيوش والدّول العربيّة المعنيّة خلال حرب حزيران/يونيو ١٩٦٧. لا شكّ عندي طبعاً في حصول ذلك في العالم الموضوعيّ إن صحّ التّعبير. ولا رَيب أنّ نتائج هذه الأحداث العسكريّة والسياسيّة كانت ذات تأثير كبير على أوضاع هذه المنطقة وموازين القوى فيها.

0-8.jpg

ندافعُ في هذا المقالِ عن أطروحةٍ تأويليّةٍ-فَهميّةٍ مفادُها أنّ الرّسالة المسيحيّة، من زاوية المعاني والمقاصد الباطنيّة، أي الكامنة خلف أو تحت الخطاب والصّورة والرّمز والسّرديّة والطّقوس إلخ.. هي رسالة كونيّة. ويعني ذلك بالنّسبة إلينا أنّها، أي هذه الرّسالة:

636775426920997852.jpg

بدأنا في الجزء الأوّل برسم المعالم الجوهريّة والنّموذجيّة والمميِّزة لما سمّيناه: "العقل الجيوسياسي الإيراني". وقد بدأنا بسِمَتَين مهمَّتين وأساسيَّتين جدّاً برأينا وهما: أولاً؛ السّمة المتعلّقة بمقاربة مسألة الزّمن (إذا صحّ التّعبير)، وضمنها أبواب التّروّي والجلَد والتّحمّل والصّبر وما إلى ذلك؛ وثانياً؛ السّمة المتعلّقة بما سمّيناها "المدرسة الإيرانيّة في العقلانيّة-الواقعيّة".