
كلّ صباحٍ كان يدخل إلى كلّ البيوت في العالم العربي ليقرأوه مع قهوة الصباح. ما كتَبَهُ طلال سلمان إنما كان يستشرف المستقبل ويقول للطُّغاة اسمعوا وَعُوا، لكنّهم كانوا صُمًّا بُكماً عُمياً فهم لا يفقهون.
كلّ صباحٍ كان يدخل إلى كلّ البيوت في العالم العربي ليقرأوه مع قهوة الصباح. ما كتَبَهُ طلال سلمان إنما كان يستشرف المستقبل ويقول للطُّغاة اسمعوا وَعُوا، لكنّهم كانوا صُمًّا بُكماً عُمياً فهم لا يفقهون.
يمضي البشر إلى أقدارهم كخطوات عجّلى، مثلهم في ذلك مثل الأشياء التي تأتي وتغيب. هذا النحو المزمن من التلاحق بين بدءٍ وانتهاء، يحوّل الوجود برمته إلى حدّين متجاورين: واحدهما يفتتح المسار ويكتب الخط ويدوّن البداية، والآخر يسدل الستار ويمحو الخطو ويُحلّ النهاية.
حين تترجل وترحل عنَّا تزداد أوجاعنا.. وتزداد أحزان عروبتنا. يبدو أنه لم يعد يكفي أن تُمتهن عروبتنا وتُمتهن كرامتنا كل يوم بفضل حُكامنا؛ حُكام الطوائف والفواجع؛ فيأتي رحيلك ليزيدنا احباطاً نحن أبناء الجيل العربي الذي آمن بجمال عبدالناصر.
في إحدى الجلسات المعدودة التي تشرّفت بالمشاركة فيها، مساء الخميس من كلّ أسبوع في مبنى "السّفير" في منطقة الحمرا، طلب منّي الأستاذ طلال سلمان أن أقترب منه قليلاً ليهمس لي بأمر. كان يطلبُ أن أجلسَ بالقرب من المقعد الخاصّ به في صالون مكتبه، برغم أنّه كان قد تعرّف عليّ منذ فترة وجيزة جدّاً حينَها.
أنتمي لجيل له خصائص مختلفة عن الأجيال السابقة، التي جاءت للحياة في النصف الأول من القرن الماضي، وهي الأجيال التي عاشت أحلام السياسة، وآمال التغيير الواسع للبنى الجغرافية السجّانة لشعوبها. وربما نكون نحن أبناء ستينات القرن الماضي، آخر هذه الأجيال نحو مرحلة انتقالية، تغيب فيها السياسة كفعل مجتمعي لتيارات متنافسة، وأحياناً متصارعة على رؤيتها ومشاريعها.
في ذاكرة الحياة نقاطٌ مضيئةٌ تستعصي على الغياب. وبين أعلامها قاماتٌ شامخةٌ شاهقة أبت الإنحناءَ أمامَ رعونة الريح وعناد العاصفة ورداءة المناخ. وفي تجارب العيش أمثولاتٌ ناضحةٌ بالمعنى. ارتقت إلى ذرى الإنجاز متغاضيةً عن ضآلة القدرة وتواضع المنشأ.
في هذا الطقس الحارّ والرطب، مناخياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً، يفارقنا "نسمة" الذي لم نعرف له مهنةً سوى الحبّ.
كانت رحى الحرب العالميّة الثانية قد أنهكت القوى الاستعماريّة الكبرى، بريطانيا واليابان وفرنسا. وظهر من ثناياها قطبان أعظمان، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. لقد فرضا هيمنتهما على العالم، خاصّةً عبر امتلاكهما للسلاح النووي.
بتوقيته ورسالته لم يكن «أوبنهايمر» مجرد شريط سينمائى متقن فنيا حاز إقبالا جماهيريا حيثما عرض. إنه رسالة من الماضى المروع بقنبلتى «هيروشيما» و«نجازاكى» الذريتين إلى الحاضر المهدد بحرب نووية مدمرة على خلفية احتدام الأزمة الأوكرانية دون أفق سياسى يوقف تصعيدها.
المُلفت للإنتباه في الآونة الأخيرة أن أغلب التحاليل السياسية تتفادى لسببٍ ما مقاربة الإستحقاق الرئاسي من زاوية أن هذا الإستحقاق لا علاقة له بالمرشحين، ولا بالبرامج الرئاسية ولا حتى بمن يحمي أو لا يحمي المقاومة ولا بمن لديه رؤية إقتصادية أو خطة إنقاذ مالي.