الرحابنة Archives - 180Post

film-amerci.jpg

كثيرون اعتمرتهم الدهشة وانبعثت من دواخلهم تساؤلات لا أول لها ولا آخر، وهم يتابعون البيانات والمواقف الناعية للراحل زياد الرحباني الصادرة عن حزب الله ونوابه ووسائل إعلامه، وإذ تساكنت الدهشة والحيرة في سابقة غير معهودة لدى الحزب كما يتساءل المتسائلون، إلا أن تساؤلاً واحداً تقدم على غيره ومضمونه: كيف ينعي حزب الله فناناً وموسيقياً ونصيراً لعقيدة مناقضة لعقيدته ومغايراً في الدين والمذهب؟

800-30.jpg

نحبّ زياد لأنه يذكرنا بإنكساراتنا لا بإنتصارتنا- هذا إن وجدت – ولا سيما عند جيلنا، جيل الثمانينيات الذي وُلدَ في خضمّ انهيار النموذج السوفياتي. نرى فيه تماثلاً مع حالتنا كأفراد مسحوقين في نظام وضع كل قيوده لأجل خنقنا. نحبُّ زياد الرحباني لأنه يُذكرنا بذواتنا المسروقة ومجتمعنا الغارق في الاستهلاك حتى الثمالة.. لهذا كله، تحب الناس زياد الرحباني.

801-1.jpg

لم يكن زياد الرحباني يومًا فنانًا عابرًا في المشهد اللبناني، ولا مبدعًا يختبئ خلف الأسلوب أو الظرف أو حتى السلالة الفنية. بل كان دائمًا صانعًا لنمط خاص من المعرفة الفنية، متجذّرة في تفاصيل الحياة اليومية، ومشبعة بفهم نفسيٍّ وثقافيٍّ عميق للواقع الذي يعيشه ويعيد إنتاجه. من هنا، لا تُقرَأ أعماله بوصفها تعبيرات جمالية فحسب، بل كـنظامٍ معرفيّ متكامل ينشأ من الذات وينفذ إلى بنية المجتمع.

mag-293-137.jpg

للرحابنة عاصي ومنصور وفيروز دور كبير في الترويج للهويّة اللبنانيّة في خمسينيات وستّينيات القرن الماضي، من خلال نتاجهم الفني، مسرحاً ولحناً وفيلماً وأغنية. نتاج نهضوي أشعل مشاعر الإعتزاز بالهوية الوطنية اللبنانية.

30441137_867339733477189_3351666205759897600_o-1280x960.jpg

لطالما تغنّى اللبنانيون (وبالغوا) بنصائح جبران خليل جبران القائل "ويل لأمة ..."، ورنّموا مع "فيروزتهم"  ما آلت إليه تلك الكلمات - النصائح إلى أغنية مزجت النصح باستنهاض الهمم، والإنذار بمصائر منتظرة من الويلات في حال التخلف عن القيام بالواجب.