الشاعر أنسي الحاج ما يزال حياً يرزق. بعد سنين من رحيله، تقرأ شعره، تقول: رائد آفاق. وتقول أيضاً: الغضب الحقيقي. شعره يُترجم فتوحات، مقالاته: غضب وسياط. أن تستعيد تراث أنسي الحاج، يُفترض بك أن تحيط بمقالاته وقصائده ومواقفه و.. يأسه.
الشاعر أنسي الحاج ما يزال حياً يرزق. بعد سنين من رحيله، تقرأ شعره، تقول: رائد آفاق. وتقول أيضاً: الغضب الحقيقي. شعره يُترجم فتوحات، مقالاته: غضب وسياط. أن تستعيد تراث أنسي الحاج، يُفترض بك أن تحيط بمقالاته وقصائده ومواقفه و.. يأسه.
كان لبنان ولا يزال بصيغته الطائفيّة السياسيّة، شديد التأثّر بالمعادلة العربيّة والإقليميّة من حوله، بحيث أن كل تبدّل في ميزان القوى الداخلي يكون مرتبطاً بتحوّل موازٍ في ميزان القوى الإقليمي الشامل، خصوصاً عندما يتبدى هذا التحوّل بمقياس التوافق السعودي - الإيراني والتطبيع العربي مع دمشق مؤخراً.
لبنان بلد الأزمات المتراكمة، وما من أزمة حلت بهذا الوطن، إلا وسكنت فيه ولأجل غير محدد، من دون الحاجة الى إذن مسبق أو إلى تأشيرة من دوائر الهجرة والجوازات، ولما لا لطالما أبواب لبنان مشرعة دائماً لاستقبال الأزمات على أنواعها، فالأزمة التي تدخل الى لبنان يمكنها السكن والاستقرار وحتى التملك فيه، إلى ما شاء صُناعها.
في الطريق الى الوطن، يافطة ناطقة: احذر الألغام. مسموح ان تحلم قليلاً. مسموح ان تتفاءل يسيراً: "التغيير صعب". ويقال إنه مستحيل. فلبنان هو لبنان هذا. تاريخه: من سيء الى اسوأ.
الكلمات دخان وحروف. اللكمات أفعال وآثار. أسهل ما نقوم به أن نثرثر. نطرب الى سيول الكلام. نرى لبنان من خلال الشفاه الناطقة بما قيل وما يقال. كثبان من الكلام "الشافي"، في مواجهة جبهات من الكلام الطائفي. اسراب جراد تأكل المعاني وتخصي الامثال.. لبنان يتهاوى، يتمزق، يجوع، يفلس، يتسوّل، يجثو، يضيع. فساد، فاسدون، فاسقون، مستبدون، بائعو اوطان، مروضو شعوب، متسولو دعم.. ووطنهم نخاسة للبيع.
أبحث عن المؤامرة ولا أجدها. بالمؤامرة نتنصل من المسؤولية. ما يحدث في لبنان ليس نتاج مؤامرة أو مؤامرات. ما يحدث هو سياسات معلنة، مزمنة، وفاتكة.
يبدو أن الأفق مغلق. لن نستعيد لبنان الذي مضى، ولا إرهاصات تفصح عن بصيص أمل. بات معروفاً أن لبنان مات مراراً ثم عاد، لكن بصورة أكثر تشوهاً وبؤساً. دائماً، كان ماضيه البائس أفضل من حاضره التاعس ومستقبله الأعمى.
لم نصل بعد الى نهاية الأسئلة، ولا تجرأنا على طرح أسئلة جديدة. الظن الغالب أن الاسئلة السياسية كافية وفائضة. السياسة هي الأب المريض للجسد اللبناني المفتت. وإذا ما طرح سؤال، أُجيب عليه بالسياسة، وكأنه بقي بلا جواب. لا إضافة على ما قيل وما يقال وما سيقال. الاعلام يجتر المشهد المعاد والمأزوم والكارثي. السياسيون رابضون في مواقعهم. يستأسدون. يناوشون ولا يتجرأون بعد على العنف.
تجرأ اللبنانيون على المستحيل. ما كان أحد يظن أن تصل العداوة، إلى طلب الطلاق أو الهجر.
منذ زمن غير بعيد، دخل لبنان نفق اللا حلول. إنه يجتّر تجاربه السابقة، ويراهن على السقوط.. ولقد سقط نهائياً. ولا مرة كان الحل مقنعاً، علماً أن الكلام يصف العجز ويسميه. إلا أن الساحات اللبنانية الطائفية المتعددة، اختارت الحل المستحيل.