تركز الصحافة الإسرائيلية، يومياً، على أبعاد قرار الضم، سواء في الداخل الإسرائيلي أو ما يمكن أن يتركه من تداعيات على صعيد العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية، أو على صعيد الدول التي ترتبط إسرائيل معها بمعاهدات سلام، لا سيما مصر والأردن، فضلا عن السلطة الفلسطينية.
وفيما يجري ملك الأردن عبد الله الثاني إتصالات دولية وإقليمية لإعادة التأكيد على المكانة السيادية الخاصة للأردن كوصي على الأماكن المقدسة، الإسلامية والمسيحية، في مدينة القدس، بموجب إتفاقية وادي عربة (1994)، محذراً من أن المس بهذه المكانة سيؤدي إلى صدام كبير وانفجار غضب في المنطقة بأسرها، عرض يونا بن مناحيم، المحلل السياسي الإسرائيلي في “مركز القدس للشؤون العامة والسياسات” لما أسماها السيناريوهات الثلاثة المحتملة للرد الأردني إذا ضمت إسرائيل مناطق في الضفة الغربية، وتتضمن الآتي:
أولا، استدعاء السفير في تل أبيب وتجميد اتفاقية السلام.
ثانياً، إلغاء اتفاقية الغاز مع إسرائيل.
ثالثاً، إلغاء اتفاق السلام.
وأضاف بن مناحيم انه “سيكون من الصعب على الأردن إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل والعودة إلى حالة العداء. يوجد بين الدولتين تعاون أمني وثيق من أجل محاربة الإرهاب، ولديهما حدود مشتركة طويلة يجب المحافظة عليها من الجانبين”. ويشير إلى أنه “إذا ألغى الأردن اتفاق السلام مع إسرائيل، سيعرض مكانته الخاصة في القدس كوصي على الأماكن المقدسة للخطر، وسيلحق الضرر بمكانة العائلة الهاشمية، ويمكن أن يخسرالمياه التي يحصل عليها من إسرائيل”.
وفي ما يتعلق باتفاق الغاز بين الدولتين، فقد إتخذ البرلمان الأردني قراراً بإلغاء الاتفاق، لكن المحكمة الدستورية في عمّان قررت في الشهر الماضي إبقاء الاتفاق ساري المفعول، لأن إلغاءه يتعارض مع حاجات المملكة ومصالحها، بالإضافة إلى ذلك، الأردن بحاجة إلى الاتفاق في ظل أضرار الكورونا، على حد تعبير المحلل الإسرائيلي.
مركز القدس: من غير المجدي للملك عبدالله الدخول في مواجهة حقيقية مع إسرائيل، هو فقط سيخسرها، لقد حافظت إسرائيل سراً وعلناً على استمرار حكم العائلة الهاشمية في الأردن خلال فترات صعبة جداً، مثل فترة “أيلول الأسود”
وإذا كانت ردة الفعل الأردنية تتكىء بالدرجة الأولى على طبيعة ردة فعل الإدارة الأميركية الحالية، سلباً أم إيجاباً أم تجاهلاً، “يجب أن ننتظر كي نرى ما إذا كان الملك الأردني سيستخدم الاعتبارات الاستراتيجية الصحيحة. من غير المجدي للملك عبدالله الدخول في مواجهة حقيقية مع إسرائيل، هو فقط سيخسرها، لقد حافظت إسرائيل سراً وعلناً على استمرار حكم العائلة الهاشمية في الأردن خلال فترات صعبة جداً، مثل فترة “أيلول الأسود” في سنة 1970، ومن غير المناسب أن يخسر الدعم الإسرائيلي”، ويختم يونا بن مناحيم بالقول “إذا جرى الضم على مراحل وامتد على فترة زمنية تستمر بضعة أشهر، فإن ذلك سيجعل من الصعب على الأردن ـ أصلاً فرص رده محدودة للغاية ـ اتخاذ خطوات جذرية في مواجهة إسرائيل”.
ماذا عن الموقف المصري؟
تقول الخبيرة الإسرائيلية في الشؤون العربية والكاتبة في “يديعوت أحرونوت” سمدار بيري إن المشاكل تقع تباعاً على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ فمن الجنوب، تهدد إثيوبيا بإقامة سد جديد على نهر النيل، الذي يغذي 105 مليون من سكان بلاده، وتحويل مجرى مياهه(…) وبالتوازي، فتحت جبهة جديدة في الشمال؛ عندما ظهر السيسي وليس بالصدفة، في قاعدة عسكرية على مقربة من الحدود مع ليبيا، وأعلن بأن مدينتي سرت والجفرة خط أحمر”.
وقالت سمدار بيري “هذه ليست مواجهة بين السلطات الليبية والمصرية؛ فمن خلف الحاكم الليبي (فايز السراج) تقف الآن تركيا، التي دخلت فجأة إلى ليبيا بذريعة الإعمار والتنمية”، وتشير إلى أن “السيسي يشتبه في النوايا الحقيقية لأردوغان (الرئيس التركي)، عندما ينقل قوات تركية إلى الحدود المشتركة مع ليبيا، كي يخلق مواجهات ضده”. وقالت إن السعودية والإمارات “تضغطان على السيسي للدخول في مواجهة في الحدود الشمالية، لتصفية حساباتهما مع تركيا”.
وذكرت يديعوت أن “هذا هو الرابط بين السعودية، الإمارات ومصر في مواجهة قطر وتركيا، حين يدفع حكام أبو ظبي والرياض، لتنسيق كامل مع نتنياهو، باتجاه إعداد خليفة لمحمود عباس، بينما مصر تجاه الخارج على الأقل، تصر على ألا تنشغل إلا بحماس في غزة”، وختمت بالإشارة إلى تفاقم أوضاع البيت الداخلي في مصر مع إرتفاع أرقام البطالة بسبب كورونا.
بدوره، نقل موقع “إسرائيل هيوم” أن اتصالات مكثفة تجري حالياً بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، “عبر أجهزة الاستخبارات والأمن على أرفع مستوى وبدرجة عالية من السرية”. ونقل عن “دبلوماسي عربي رفيع”، أن الاتصالات السرية تجري بين رئيس “الموساد”، يوسي كوهين ورئيس جهاز المخابرات المصرية كمال عباس، وأنهما التقيا مؤخراً عدة مرات، وتوصلا إلى تفاهم يسمح بإعلان السيادة الإسرائيلية من جهة، ومعارضته رسمياً من قبل الدول العربية من جهة أخرى”. المصدر نفسه أكد أن مصر “تمكنت من إقناع الأردن، بأن يعلن الملك عبد الله الثاني إدانته لعملية الضم الإسرائيلية دون اتخاذ أي إجراءات عملية أخرى مثل الغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل” (المصادر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، إسرائيل هيوم، يديعوت أحرونوت).