حزب الله واسرائيل: الحساب المفتوح
Marun Al-Ras, LEBANON: In this photo released by the Israeli army, Israeli soldiers take a house during an operation to take the southern Lebanese village of Marun al-Ras 29 July 2006. General Udi Adam, the commander of Israeli forces in the north, told reporters the Israeli army had killed at least 70 Hezbollah fighters in battles in southern Lebanon over the past three days. AFP PHOTO/HO/IDF/Abir Sultan (Photo credit should read ABIR SULTAN/AFP via Getty Images)

لا تزال حادثة اغتيال المقاوم علي كامل محسن، في استهداف إسرائيلي لمطار دمشق الدولي قبل ستة اسابيع، تلقي بظلالها على مشهد الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.

تتنوع التكهنات في ما إذا كان “حزب الله” قد حاول مرتين أن يثأر لكامل محسن، ليثبت، من خلال ذلك الثأر، قاعدة الردع المعتمدة مع إسرئيل، دون أن ينجح، أم أن القلق الذي يعتري الإسرائيليين جراء الرد المتوقع جعلهم “يحسبون كل صيحة عليهم”، كما جاء في بيان سابق للحزب، أعاد أمينه العام السيد حسن نصرالله تأكيده في كلمة له أمس (الأحد) بمناسبة ذكرى عاشوراء.

حرب لا يريدها أحد

لم يحسم نصرالله في كلمته ما إذا كانت خلية للمقاومة حاولت استهداف موقع اسرائيلي في مزارع شبعا في السابع والعشرين من شهر تموز/يوليو الفائت، كما لم يصادق على الرواية الإسرائيلية التي زعمت أن قناصة المقاومة أطلقوا رصاصتين على جنود إسرائيليين كانوا يتولون إصلاح أحد الأجهزة على مقربة من الحدود يوم الأربعاء الماضي.. لكنه بالمقابل لم يبد حرصاً على نفي تلك المزاعم، هو آثر ترك الحقائق معلقة على فرصة الإحتمال، غامزاً من قناة الإرباك الإسرائيلي:”العدو يقصف المناطق المحيطة بمواقعه لأبسط إحساس يتوفر عنده بأن هناك أحداً ما. مع أنه من المفترض أنه يمتلك سيطرة معلوماتية”.

الصحافة الإسرائيلية تتعامل مع الحادثتين بوصفهما حقائق مؤكدة.. يجزم رون بن يشاي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن المقاومة حاولت مرتين استهداف القوات الإسرائيلية دون أن توفق في ذلك.. ويحذر من أن احتمال الحرب قائم بالرغم من أن الطرفين لا يريدانها.. “بوسع الموقف أن يتدحرج نحو الحرب إذا أصر حزب الله على الإنتقام لكادره الذي خسره في القصف على مطار دمشق”. مهدداً بأن الرد الإسرائيلي سيكون أخطر في المرة القادمة. ومصراً على أن مقرات منظمة “أخضر بلا حدود” التي استهدفها القصف الإسرائيلي مؤخراً هي مواقع مراقبة لحزب الله.

الحساب المفتوح

كذلك يكتب ألون بن دافيد في صحيفة “معاريف” أن نصرالله يعرف جيداً أنه لو أنه لو أمكن لرصاصتي القناصة أن تقتلا جندياً إسرائيلياً لجاء الرد الإسرائيلي أكثر قوة.. لكه كان على استعداد لتحمل المخاطرة.

بدوره، يؤكد يوأف لايمور في “يسرائيل اليوم” أن محاولتي حزب الله تشيرا إلى أن الحساب لا يزال مفتوحاً.. ويفصّل الموقف: “وحدة المراقبة (العسكرية) أرسلت لإصلاح عطل وقد عملت في الظلام، في لحظة تعين على أحد الجنود أن يظهر جزءاً من جسده فأطلقت عليه رصاصتان من قناص كان يتمركز في أحد منازل قرية حولا اللبنانية على بعد مائتي متر”. يكشف لايمور أن اختيار اسرائيل الرد على أهداف هامشية انطوى على رسالة مفادها أنها غير معنية بالتصعيد. مذكراً أنه للمرة الأولى منذ كانون الثاني/يناير 2015 ترد اسرائيل بقصف أهداف داخل لبنان.

ثبوت المعادلة

حرص السيد نصرالله على تأكيد خيار حزبه بالرد على عملية الإغتيال في اللحظة المؤاتية، ولم تفته الإشارة إلى أن التأخر في الرد لا يعني ضعفاً أو تهاوناً، مذكراً بأنه كان يكفي المقاومة أن تصدر بياناً تعلن من خلاله سقوط شهيد لها في قصف اسرائيل لمطار دمشق حتى يبادر الإسرائيليون للإحتماء في الأماكن الآمنة.. ذلك “أنهم يعلمون جيداً أن المعادلة ثابتة وليس من الوارد الرجوع عنها”.

ثمة في كلام الإسرائيليين ما يتفق مع طرح نصرالله في تأكيده على عدم توافر النية لديه في طي الصفحة، حيث يؤكد لايمور أنه ما دام انفجار المرفأ لم يدفع حزب الله للتخلي عن رده، فليس هناك ما يدعو للإفتراض أنه سوف يفعل ذلك مستقبلاً.

الهدوء من الماضي

من جهته، يبدو المحلل الإسرائيلي ألون بن دايفيد أكثر تشاؤماً إذ يذهب إلى القول أن أعوام الهدوء الأربعة عشر التي خيمت على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة قد انتهت، مذكراً بأن الجيش الإسرائيلي يعيش منذ ستة أسابيع في حالة طوارئ.. ويضيف: “يجب تغيير نظام الحماية على الحدود مع لبنان.. إذ لا مجال بعد اليوم للدوريات، المطلوب منظومة حدود تدار عن بعد ومواقع لإطلاق النار يتحكم بها من بعيد أيضاً.. وهذا ما يطالب به قادة المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي لكن السؤال هو ما إذا كانت الحكومة ستصرف الأموال الضرورية”.

نصرالله: عندما تقتلوا لنا مجاهداً سنقتل لكم جندياً ولن تبقوا في المخابئ.. سيأتي يوم تخرجون فيه من جحوركم وحينها ستكون لنا الفرصة لتثبيت المعادلة

كذلك رأى عاموس هرئيل في صحيفة “هآرتس” أنه من المنطقي أن تتوقع اسرائيل رداً جديداً من حزب الله.. كما أن “الأمور مؤهلة نحو وقوع خسائر في الجانب الإسرائيلي تدفع الأوضاع نحو تبادل لإطلاق النار لمدة أيام على أن يبقى ذلك تحت مستوى الحرب”.

بدوره تحدث ألون بن دايفيد عن ثلاثة تحديات يتعامل معها الجيش الإسرائيلي: منع حزب الله من تحقيق انجاز يتمثل بقتلى أو جرحى اسرائيليين، عدم الإنجرار إلى حرب، والحفاظ على توازن الردع. مشيراً إلى أن الهدف الثالث يبقى موضع تساؤل: اسرائيل لا تريد انزلاق الموقف نحو الحرب.. لكن لا يسعها بالمقابل أن تترك حزب الله يتحكم بالموقف.

إقرأ على موقع 180  بين قمتي جدة وطهران.. حروب و"جسور" وفرص!

رسائل إلى الجميع

بالمقابل، حرص السيد نصرالله على أن تكون مقاربته للتوتر الحاصل على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة موجهة لكل الأطراف المعنية بها: اسرائيل، وحلفاء الحزب، وخصومه السياسيين أيضاً. بدا مهتماً بالتأكيد أن شيئاً لم يتغير في آداء المقاومة جراء المستجدات على الساحة المحلية والإقليمة، فالمقاومة كانت دائماً تطبق معادلة الردع المتوازن ولا تزال ملتزمة بها..  والهدف ليس الإنتقام المجرد بل معاقبة القتلة وتثبيت ميزان الردع بالحماية.. وفي رد غير مباشر على أسئلة هامسة تدور في الكواليس المغلقة حول تراجع معنويات حزب الله، وبروز استحقاقات معيقة أمامه قال نصرالله: “لا يعنينا الإعلام، ولا نطمح إلى تعزيز المعنويات، هناك معادلة ردع كلفتنا الكثير ونحن معنيون بالحفاظ عليها والدفاع عنها.. لا صحة ولا مصداقية للكلام عن السلم والشجرة.. أرسل الأعداء العديد من الآليات المسيرة والدمى المتحركة وكانوا بذلك يعرضون علينا صفقة مضمرة: أن أضربوا وسوف نتكفل بالباقي، سنحضر مروحيات وسيارات إسعاف وسندع الكاميرات تصور الموقف كما لو أن هناك جرحى سقطوا، على غرار ما حصل في أفيميم (قبالة مارون الراس) السنة الماضية. المعادلة التي لن نحيد عنها هي عندما تقتلوا لنا مجاهداً سنقتل لكم جندياً ولن تبقوا في المخابئ.. سيأتي يوم تخرجون فيه من جحوركم وحينها ستكون لنا الفرصة لتثبيت المعادلة”.

تصعيد في الموقف

وإذ رأى يوسي يهوشع في افتتاحية “يديعوت أحرونوت” أن على نصرالله أن يسأل نفسه ما إذا كان الوقت مناسباً للرد على مقتل الكادر في حزب الله.. تلميحاً إلى كون اسرائيل تفترض أن الحزب يعاني إرباكاً ناجماً عن تفجير المرفأ الذي صوب الأنظار الدولية والإقليمية نحوه، فقد حرص الأمين العام لحزب الله على تضمين كلمته جرعة إضافية من القوة لا تخلو من تصعيد في الموقف قائلاً: “في الماضي كانت المقاومة تراعي أن يكون الرد على أي استهداف لكوادرها من مزارع شبعا باعتبارها محتلة ولا يمكن لأحد الإعتراض على ضرب الإسرائيلي فيها.. اليوم لم تعد الحسابات هي نفسها.. ما دامت اسرائيل قد اعتدت على المقاومة فإن الرد سيكون على امتداد الجبهة مع فلسطين المحتلة ليس عبر الحدود اللبنانية وحدها بل والسورية أيضاً.. وهذه الحقيقة لم تفت الإسرائيليين فهم ينتظرون الرد (على رجل ونصف) على كامل الجبهة من البحر إلى أعالي الجولان هم أخلوا بعض المواقع العسكرية.. وأخفوا الجنود في بعضها الآخر.. أوقفوا الدوريات بصورة نهائية. عطلوا برامج التدريب والمناورات، وأقاموا مرابض المدفعية، واستنفروا القبة الحديدية”.

Print Friendly, PDF & Email
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  الحراك الدبلوماسي لبنانيًا.. تهيب من الإرتطام الكبير