وفق استطلاعات الرأي، يتقدم ترامب على بايدن، لدى الجمهور الروسي، تماماً كما كانت الحال قبل أربع سنوات حين كان الرئيس الأميركي الحالي متقدماً على منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون. لكن المسألة تختلف لدى دوائر القرار في روسيا. بالرغم من الضبابية التي تحيط بالمواقف الرسمية في روسيا إزاء مرشحي الرئاسة الأميركية، إلا أن ثمة نقطة أساسية يمكن أن تجعل الكرملين يفضل ترامب على بايدن. حقيقة أن بايدن كان نائب الرئيس في عهد باراك أوباما تجعله بالفعل شخصية غير ودية في روسيا، فالأخير كان ينظر بازدراء لروسيا، وقد جانب قواعد الاحترام في الكثير من تصريحاته، وهو ما ولّد شعوراً بالإهانة من جانب روسيا. حتى في المرحلة التي سعت فيها إدارة أوباما إلى “إعادة ضبط” العلاقات مع الكرملين، أدلى نائب الرئيس الأميركي آنذاك بتصريحات مهينة حول دور روسيا كقوة عالمية ، قائلاً إن لديها “اقتصادًا متدهورًا” و”تتمسك بالماضي”.
علاوة على ذلك، لا تبدو مواقف بايدن أقل سلبية من فلاديمير بوتين بالذات، ففي زيارة لموسكو في العام 2011، قال نائب الرئيس الأميركي السابق إنه سيكون أمراً سيئاً لروسيا إذا ترشح بوتين لولاية ثالثة (الرئيس الروسي الآن في ولايته الرابعة ويتطلع إلى ولايتين أخريين”.
في الزيارة ذاتها، روى بايدن أنه قال لبوتين: “أنا أنظر في عينيك، ولا أعتقد أن لديك روحا”، وأن الرئيس الروسي ردّ بابتسامة على مضيفه قائلاً “نحن نفهم بعضنا البعض”.
بعد ثلاث سنوات على هذه الواقعة، حدث ما حدث في أوكرانيا، وأصبح بايدن رجل أوباما الرئيسي في الجمهورية السوفياتية السابقة.
برغم ذلك، فإنّ موقف الرئيس الروسي من الانتخابات الرئاسية الأميركية لا يكشف عن الخيار المفضل للكرملين، ففي رد على سؤال في هذا الإطار، خلال مقابلة صحافية أجريت معه في مطلع تشرين الأول/اكتوبر الحالي، قدّم بوتين جواباً دبلوماسياً: “سنعمل مع أي رئيس مستقبلي للولايات المتحدة، أي مع الشخص الذي سيحظى بثقة الشعب الأميركي”.
وأضاف بوتين “نحن نعلم أن الرئيس ترامب تحدث مرارا وتكراراً لصالح تطوير العلاقات الروسية – الأميركية ونحن بالتأكيد نقدّر ذلك كثيراً”، كما ذهب إلى ما يشبه تبرير عدم قدرة ترامب على احداث الاختراق المطلوب، حين عزا السبب إلى “اجماع الحزبين (الديموقراطي والجمهوري) على ضرورة احتواء روسيا” ما ساهم في الحد من مساحة ترامب للمناورة.
في المقابل، انتقد بوتين إدارة ترامب لتوقيعها على عقوبات جديدة وانسحابها من معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة المدى.
أما في ما يخص بايدن، فقال بوتين إن المرشح الديموقراطي استخدم “خطاباً حاداً مناهضاً لروسيا”، لكن الكرملين ينظر بإيجابية إلى اهتمام بايدن بالحفاظ على معاهدة ستارت الجديدة للحد من الأسلحة – التي تفاوضت عليها إدارة أوباما في الأصل – والتي تنتهي في شباط/فبراير المقبل.
التأرجح الرسمي الروسي بين بايدن وترامب عبّر عنه بشكل اكثر تفصيلاً ايغور ايفانوف، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الروسية ووزير الخارجية الأسبق، الذي كتب في صحيفة “روسيسكايا غازيتا” انه “إذا حكمنا من خلال بعض التصريحات التي أدلى بها ممثلون رسميون، هناك آمال معينة في موسكو في أن يحتفظ دونالد ترامب بمنصبه، وفي النهاية سيكون من الممكن الاتفاق على شيء معه”، وبأن “الموقف تجاه الديموقراطيين في شخصية بايدن في روسيا هو، بعبارة ملطفة: الحذر. فهم يتوقعون على الأرجح مشاكل جديدة أكثر منها فرص جديدة”.
ويضيف ايفانوف “في الولايات المتحدة نفسها، يعتقد الكثيرون أن الكرملين يراهن بشكل لا لبس فيه على فوز الرئيس ترامب، حيث يتم تقديم الرئيس الأميركي الحالي كصديق للرئيس الروسي تقريباً، بل أكثر من ذلك، ثمة من يصنفه في خانة جماعات الضغط المتسقة ذات المصالح الروسية”.
ويتساءل ايفانوف “هل انتصار الرئيس الحالي مفيد لموسكو؟”، فيجيب “لقد أعرب ترامب بالفعل مرات عديدة عن تعاطفه غير المقنع مع الزعيم الروسي.. وفي الوقت نفسه لم يبخل بالنقد الحاد وحتى الفاحش لجميع حلفاء الولايات المتحدة – والاتحاد الأوروبي وحتى حلف شمال الأطلسي تقريباً – لقد ألحق ترامب ضرراً كبيراً بوحدة الغرب، بالرغم من أنه لن يكون من العدل إلقاء اللوم عليه في جميع المشاكل عبر الأطلسي”.
لكن السؤال المركزي وفق ايفانوف “هل تغيرت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة للأفضل خلال السنوات الأربع الماضية؟ لسوء الحظ، يجب الإجابة على هذا السؤال بالنفي”.
يرى ايفانوف أن “تجربة إدارة ترامب تظهر أن رئيساً أميركياً قوياً يحظى بدعم محلي واسع ومستمر، هو وحده القادر على توجيه العلاقات بين واشنطن وموسكو في اتجاه بناء. ولكن تبين أن دونالد ترامب، بشكل عام، رئيس ضعيف، ليس لديه برنامج خاص ولا دعم مستقر في المجتمع، وظلت النخبة الأمريكية منقسمة طوال هذه السنوات الثلاث ونصف السنة الماضية”.
استكمالاً لما سبق، يتساءل ايفانوف “هل ذلك يعني أن انتصار بايدن مفيد لروسيا؟ ليس بالضرورة على الإطلاق. بعد كل شيء، لن يتم التغلب على الانقسام السياسي بشكل خاص، والانقسام الاجتماعي للولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر، ولن يكون مؤيدو الرئيس الحالي مستعدين للاستسلام غير المشروط”.
ويضيف “في الوقت نفسه، وبالنظر إلى الاعتماد الكبير لبايدن على جهاز الحزب الديموقراطي، يمكن للمرء أن يتوقع أن تكون سياسته تجاه روسيا أكثر قابلية للتنبؤ. بعبارة أخرى، إلى جانب الموقف المتشدد بشأن العديد من مشاكل السياسة العالمية، لا يمكن استبعاد موقف متوازن بشأن بعض قضايا الاستقرار الاستراتيجي، وقبل كل شيء، في ما يتعلق بالحد من التسلح”.
ويختم ايفانوف مقاله بالقول “بصرف النظر عمن سيحكم في البيت الأبيض ويسيطر على الكابيتول هيل، يجب على المرء أن يكون مستعداً لحقيقة أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في السنوات المقبلة ستظل في المقام الأول علاقات مواجهة وتنافس، وإلى حدٍ ما علاقات تعاون متبادل المنفعة فحسب. وبالتالي، فإن مهمة السنوات الأربع المقبلة للدبلوماسية الروسية في الاتجاه الأميركي ستختصر بشكل أساسي في تقليل المخاطر والتكاليف المرتبطة بهذه المواجهة والتنافس”، مشيراً إلى أن الأمر “سيتطلب أقصى درجات رباطة جأش والانتباه والمرونة من جانب موسكو، ذلك أن المخاطر في هذه اللعبة أكبر من الخضوع للاستفزازات وإطلاق العنان للعواطف على حساب المصالح الاستراتيجية”.
بصرف النظر عمن سيحكم في البيت الأبيض ويسيطر على الكابيتول هيل، يجب على المرء أن يكون مستعداً لحقيقة أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في السنوات المقبلة ستظل في المقام الأول علاقات مواجهة وتنافس
بين السياسة والاقتصاد
الخيار الصعب بين ترامب وبايدن ينسحب على مجتمع الخبراء والباحثين الروس، الذين تبدو مواقفهم حذرة للغاية لا سيما في الشق السياسي.
على سبيل المثال، يقول الأستاذ في قسم العلوم السياسية في الجامعة المالية التابعة لحكومة الاتحاد الروسي كيفورك ميرزيان لصحيفة “فيتشرنيايا موسكفا”، رداً على سؤال “بين ترامب وبايدن من الأفضل لروسيا؟” إن “الأمر يتوقف على الهدف: إذ كان هدفك تدمير الولايات المتحدة، وأنت تعتبرها عدواً وجودياً، فإن مصلحة روسيا تتمثل في فوز بايدن، لأنَّ كمالا هاريس والديموقراطيين اليساريين تحت قيادته سيضعفون الولايات المتحدة بشكل كبير، وسيتسببون في اندلاع موجة للحركة البيضاء، وبعد ذلك قد يأتي إلى الحكم شخص أكثر خطورة من ترامب عدة مرات. كل هذا سيفجر النظام السياسي الأميركي”.
ويضيف “أما إذا كنت تعتقد أن روسيا بحاجة إلى أميركا المتعاونة، فإن ترامب هو الأنسب هنا”، مشيراً إلى أن “التفاوض مع الرئيس الجمهوري الحالي أسهل من التفاوض مع رئيس ديموقراطي، إذ من الممكن التحدث مع ترامب بلغة براغماتية”.
أما نائب رئيس الرابطة الروسية للشرق الأوسط ألان لولاييف فيقول لـ”فيتشيرنيايا موسكفا” إنّ “ميزة بايدن بالنسبة إلى روسيا تكمن في حقيقة أنه سيكون من الممكن الاتفاق معه على تخفيض الأسلحة والأمن العالمي”، مضيفاً أن “ثمة ميزة واضحة لبايدن هي أنه لن ينكث بالاتفاقيات الدولية”، لكنه يرى أن “كلا المرشحين لن يجلب أية فائدة لروسيا”، موضحاً “بالنسبة إلى روسيا، الاختيار بين ترامب وبايدن يشبه الاختيار بين تسونامي أو زلزال: كلاهما أسوأ. بعد كل شيء، سيتم ضمان استمرارية الدورة المعادية لروسيا”.
ثمة في روسيا من يفضل فوز بايدن من منطلق ضمان وضوح السياسات الأميركية أياً كانت سلبياتها، فعلى سبيل المثال يرى المدير التنفيذي لرابطة المراقبة الدولية ستانيسلاف بيشوك في مقابلة مع موقع “أورا.رو” أنه “سيكون من الأفضل للروس فوز بايدن، المعروف باسم أمين الاتجاه الأوكراني في السياسة الأميركية”، موضحاً “ربما يكون من المريح أكثر أن يكون لديك رئيس يتحدث بصرامة بطريقة معادية لروسيا، لأن هذا يتوافق مع الخط السياسي العام في الولايات المتحدة، فنحن اعتقدنا أن ترامب يستطيع فعل شيء ما لتطبيع علاقاتنا، لكن تبيّن أنه غير قادر على ذلك”.
لا يتفق آخرون، أمثال الخبير الاقتصادي ديميتري بابين، مع الرأي السابق، إذ يرى في حديث إلى صحيفة “فزغلياد” أن ترامب لا يزال هو الأفضل بالنسبة لروسيا في ما يتصل بمخاطر السياسة الخارجية.
ينطلق بابين في ذلك من حقيقة أنه “منذ أيام الاتحاد السوفيتي، تدهورت العلاقات مع الولايات المتحدة حين بات مرشح ديمقراطي رئيساً”.
الحيرة الروسية بين ترامب وبايدن في السياسة تبدو أقل وطأة حين يتعلق الأمر بالاقتصاد. هنا يبدو بايدن أكثر فائدة لروسيا مقارنة بترامب.
في هذا السياق، أفردت صحيفة “فزغلياد” المقربة من الكرملين حيزاً واسعاً للحديث عن التداعيات الاقتصادية لفوز بايدن، مشيرة إلى أن المرشح الديموقراطي، وعلى عكس الرئيس الحالي، لا يرى صناعة النفط والغاز أولوية، وبالتالي فهو “سيستبدل بكل سرور الهيدروكربونات التقليدية بالطاقة الخضراء”.
وتضيف “لقد كان ترامب حاداً للغاية في ما يتعلق بنورد ستريم 2، فهو مؤيد لتوسيع تصدير الغاز الطبيعي المسال الأميركي، لذلك فهو يرى غاز خط الأنابيب الروسي كمنافس”، مشيرة إلى ان “معركة ترامب ضد نوردستريم هي معركة اقتصادية، في حين أنها مع بايدن معركة سياسية”.
على النحو ذاته، يرى عالم السياسة الروسي مارات بشيروف، في مداخلة عبر قناته على موقع “يوتيوب”، أن “انتصار بايدن سيكون كارثة على صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة التي تنافس المنتجين الروس في السوق العالمية”، مشيراً إلى انه “إذا خسر ترامب، فسيعود الحزب الديمقراطي إلى مشاريع الطاقة المتجددة”.
ويتوقع بشيروف أن يفرض بايدن ضرائب إضافية على شركات النفط الأميركية، ويحظر الإنتاج في ألاسكا، ويرفع الحظر عن إمدادات النفط الإيراني، موضحاً أنه بالنسبة إلى روسيا، فإن مثل هذا المسار للأمور يجلب الكثير من الفوائد.
لكن ما سبق لا يعني أن بإمكان موسكو أن تطمئن إلى التوجهات الاقتصادية لفوز ترامب، فبحسب ما يقول رئيس صندوق أمن الطاقة الوطني الروسي كونستانتين سيمونوف لـ”فزغلياد” فإن “الديمقراطييين يعتبرون روسيا إمبراطورية شر ويجب سحقها بأي وسيلة، ومن المؤكد أن أفضل طريقة لذلك هي محاربة مشاريع الطاقة الروسية”.
يتوافق بشيروف مع هذا الرأي إذ يقول إن “فوز بوتين لا يعني أنه لن يكون لقطاع النفط الروسي ما يفعله سوى الابتهاج”، فهو يعتقد أنه كتعويض، يمكن للولايات المتحدة أن تفرض عقوبات على الشركات الروسية.
بصرف النظر عن التوقعات، ربما يكون سيرغي لافروف أفضل من اختزل الموقف الروسي من الانتخابات الأميركية. حين سئل وزير الخارجية الروسي، خلال مقابلة اجرتها معه قبل أيام محطات “سبوتنيك” وكومسومولسكايا برافدا” و”موسكفا” الإذاعية قبل أيام، عن الخيار الأفضل لروسيا بين ترامب وبايدن، اقتبس رئيس الدبلوماسية الروسية مطلع اغنية للكوميدي الروسي الشاب سيميون سليباكوف: “اميركا لا تحبّنا”.
أهوَن الشرّين يبدو إهتمام الرأي العام الروسي بالانتخابات الأميركية عموماً، اليوم، مختلفاً قياساً إلى ما كان عليه في العام 2016. هذا ما يبيّنه على سبيل المثال استطلاع للرأي اجرته مؤسسة “ليفادا” في الفترة الممتدة بين 25 و30 أيلول/سبتمبر الماضي على عينة تمثيلية تضم 1605 أشخاص فوق سن الثامنة عشرة في 50 منطقة في روسيا. يظهر هذا الاستطلاع أن الروس أقل أهتماماً بالانتخابات الأميركية مقارنة بالعام 2016. في الانتخابات الماضية كان 91 في المئة من الروس مهتمين بالسباق الرئاسي الاميركي كلياً أو جزئياً. اليوم تراجعت هذه النسبة إلى 62 في المئة. بشكل أكثر تفصيلاً فإنّ 11 في المئة من الروس يتابعون الانتخابات الأميركية عن كثب في العام 2020، في مقابل 15 في المئة عام 2016. أما المهتمون جزئياً فنسبتهم حالياً 51 في المئة مقارنة بـ 76 في المئة في العام 2016. وأما غير المهتمين كلياً فقد ارتفعت نسبتهم من 9 في المئة في العام 2016 إلى 36 في المئة في الانتخابات الحالية. ويقول مدير مركز ليفادا ليف جودكوف، إن اللامبالاة الكاملة من جانب الروس بالحملة الرئاسية الأميركية واضحة: “بشكل عام، لا أحد هنا يفهم ما يحدث في أميركا، باستثناء نسبة قليلة من الجمهور المتفاعل”. الثابت الوحيد في استطلاعات الرأي أن نسبة تأييد الروس للمرشح الجمهوري هي أعلى من نسبة تأييدهم للمرشح الديموقراطي، ففي الاستطلاع المذكور عبّر 16 في المئة عن تأييدهم لترامب، في مقابل 9 في المئة لبايدن، بينما قال 65 في المئة أنه ليس لديهم مرشح مفضل، في حين وجد 10 في المئة صعوبة في الاختيار. على نحو أكثر تفصيلاً، فإنّ نسبة التأييد لترامب في صفوف الروس المهتمين بالانتخابات بلغت 39 في المئة في مقابل 13 في المئة لبايدن، بينما بلغت نسبة التأييد لترامب في صفوف المهتمين جزئياً بالانتخابات 16 في المئة في مقابل 9 في المئة لبايدن. كذلك يحافظ ترامب على تقدم في صفوف غير المهتمين كلياً بالانتخابات بواقع 11 في المئة في مقابل 9 في المئة لبايدن. بذلك، يحافظ دونالد ترامب على التقدم في استطلاعات الرأي الروسية كما كانت الحال في الانتخابات الماضية، ففي تشرين الأول/أكتوبر عام 2016، أبدى 38 في المئة من الروس تأييدهم لترامب في مقابل 9 في المئة لهيلاري كلينتون. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2016، قال 60 في المئة من المستطلعة آراؤهم أنهم كانوا سيصوّتون لترامب لو كان لهم حق التصويت، في مقابل 5 في المئة قالوا إنهم كانوا سيصوّتون لكلينتون. وفقاً لجودكوف يُفسر تعاطف الروس مع ترامب بعض الجمود في الصورة منذ الانتخابات الرئاسية لعام 2016، عندما روجت الدعاية لترامب وسفهت منافسته آنذاك هيلاري كلينتون. يقول جودكوف: “لقد تبلورت هذه المواقف بالفعل، وبات من الصعب تغييرها”. كما أن ترامب، بحسب جودكوف، لا يزال يظهر في كثير من الأحيان على شاشات التلفزة الروسية، حيث تبدو التعليقات على أفعاله ومواقفه محايدة وحذرة. يبدو أن الدعاية الرسمية تدرك بأنّ بايدن سيكون خياراً أسوأ من ترامب، إذ ينقل موقع “اوبن ميديا” عن مصادر في الإدارة الرئاسية الروسية أن ترامب بالفعل أكثر جاذبية للكرملين من بايدن، بما في ذلك بسبب تشابه الأيديولوجيات، فهو “على الأقل لم يتحدث عن نافالني.. ومن بين الشرين هو أهونهما بالتأكيد”. على هذا الأساس، ليس من قبيل المصادفة أن تركز القنوات الموالية للحكومة الروسية عبر تطبيق “تلغرام” على انتقاد بايدن، باعتباره أحد عرابي سحب أوكرانيا من نفوذ روسيا، والتذكير بنزعته العدائية تجاه روسيا، والإشارة، في المقابل، إلى أنه برغم حقيقة عدم حدوث أي اختراق ايجابي في العلاقات الروسية – الأميركية مع ترامب، إلا أن عهده لم يشهد صراعات حادة على عكس ما كانت الحال مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. وتظهر دراسة أجرتها مؤسسة “ميديالوجيا” أن القنوات التلفزيونية الفيدرالية تتحدث عن الرئيس الأميركي أكثر من بايدن، ما يساهم في استمرارية حضوره الاعلامي في روسيا على حساب منافسه الديموقراطي. |