“مامالا” هاريس.. الأميركية المتصالحة مع ذاتها

الشعب الأميركي قرر من يريد وإنتخب جو بايدن رئيساً وكامالا هاريس نائبة له "وهذا تعبير بحق عن أميركا المتنوعة". بهذه الجملة إختصرت الإعلامية الأميركية مارا لايسون (تعمل في راديو NPR) نتائج الإنتخابات الأميركية. من هي كاميلا هاريس؟

تعبّر هاريس فعلاً عن أميركا المتنوعة بثقافاتها وشعبها الذي إختار للمرة الأولى نائبة للرئيس سوداء ومن أصول أسيوية. كامالا هاريس إبنة شيامالا جوبالان هاريس. طبيبة تاميلية هندية أتت الى الولايات المتحدة في سن الـ 19 لكي تحقق أحلامها التي ما كانت لتستطيع أن تحققها في الهند. والدها أستاذ الإقتصاد الإفريقي الأصل، هاجر من جامايكا بحثاً عن فرصة لم يجدها، فإلتقى بالأم  على أرض الفرص والأحلام، وتشارك بحكايته معها وأنجبا بنتين (كامالا الكبرى ومايا الصغرى)، وهذه بحد ذاتها تجربة إنسانية ما كانت لتحصل في أي مكان آخرغير الولايات المتحدة. تجربة إنتهت إلى طلاق لكنها أنتجت نائبة رئيس أقوى دولة في العالم. دولة تحاول بصورة دائمة أن تتخطى ماضيها القاسي وتمضي نحو المستقبل بثقة. ثقة تجعل سيدة مثل كامالا هاريس تجسد أيقونة حقيقية للتنوع. تنوع عرقي ـ ثقافي. نصف افريقية. نصف اسيوية. لاتينية. متزوجة من محام يهودي.

وُلدت كامالا هاريس في 20 تشرين الأول/أكتوبر عام 1964 في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا. شاركت مع أمها وأختها (الصورة أعلاه) ـ حتى قبل أن تتعلم المشي ـ في مظاهرات حقوق النساء والسود. درست في جامعة هاورد الخاصة ذات الأكثرية السوداء وتخرجت من كلية الحقوق في جامعة هاسيتنغز العامة في سان فرنسيسكو، وأصبحت النائبة العامة عن المقاطعة عام 2003 ومن بعدها المدعية العامة في كاليفورنيا عام 2010 وأصبحت عام 2016 أول إمرأة في الحزب الديموقراطي من أصول أسيوية تُنتخب الى عضوية مجلس الشيوخ الأميركي عن كاليفورنيا.

إختيارها كان بمثابة جائزة ترضية للشباب اليساري الغاضب من مؤسسة الحزب الديمقراطي التي حالت دون وصول ممثل الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي بيرني ساندرز في الإنتخابات التمهيدية عامي 2016 و2020

كامالا هاريس ليست بيرني ساندرز في ميولها السياسية، فعندما كانت مدعية عامة لم تتردد في تنفيذ قوانين كانت موضع إنتقاد من السود. الأولوية لتطبيق القانون وإن كان مجحفاً بحق الأقليات. كامالا “ليست إشتراكية الهوى”، كما يحب أن يصفها دونالد ترامب واليمين الأميركي المتطرف، ولكنها بالتأكيد تقف الى يسار بايدن ومواقفها أكثر وضوحاً في دعم حقوق السود والأقليات وحقوق المثليين والنساء. يقول البعض إن إختيارها كان بمثابة جائزة ترضية للشباب اليساري الغاضب من مؤسسة الحزب الديمقراطي التي حالت دون وصول ممثل الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي بيرني ساندرز في الإنتخابات التمهيدية عامي 2016 و2020.

كامالا تقول عن نفسها “أنا كما أنا. متصالحة مع ذاتي”. هي التي وقفت في مجلس الشيوخ، قبل أكثر من سنة، وتصدت لقاضي المحكمة العليا الجمهوري المعيّن بريت كافانو بسؤال واضح: “هل إعتديت على الآنسة كريستين بلاساي فورد”، وهذه الأخيرة زميلته لكافانو، يوم كانا سوية على مقاعد الدراسة؟ صوتها في مجلس الشيوخ بحد ذاته كان بمثابة تحدٍ للمؤسسة السياسية وللمحكمة العليا.

وقفت هاريس إلى جانب نظام ضريبي أكثر عدالة للفقراء وهي ستدفع أكثر فأكثر نحو أجندة أكثر تقدمية وأكثر عدالة وليس بالضرورة إشتراكية. ذكّرت بالناشط الأسود وعضو الكونغرس الراحل جون لويس، عندما قدمت بايدن قبل خطاب إعلان فوزه في الإنتخابات أمس (السبت). نقلت عن لويس قوله إن الديموقراطية ليست دولة. إنها فعل. قالت هاريس للجموع إننا “إنتخبنا بايدن لأنه يمثل أفضل ما فينا”.

هذه “السيرة اليسارية الملتبسة” لم تمنع أستاذة القانون في جامعة سان فرانسيسكو لارا بازيلون من القول إن كامالا هاريس تتهرب من المعارك التقدمية الجدية التي تنطوي على قضايا مثل إصلاح سلك الشرطة وإصلاح القوانين المتعلقة بتجارة المخدرات والإدانات الخاطئة.

ثمة ما يسمى “السلاح السري” الذي يقول عارفو هاريس إنه أحد أسرار صمودها بوجه الحملات التي تعرضت وتتعرض لها. هذا السلاح هو زوجها المحامي اليهودي دوغلاس إيمهوف. بالأمس، وبعد إعلان النتائج بصورة غير رسمية، كتب على حسابه في “تويتر”: “أنا فخور جدا بك”، ونشر صورة وهو يحتضن فيها زوجته، الزوجة التي تبنت إبنه (كول) وإبنته (إيلا) من زوجته السابقة كرستن إمهوف وهما ينادونها منذ تعرفهما عليها قبل ست سنوات: “مامالا”.

“مامالا” سابقة تاريخية أميركية. نموذج ساطع لكل سيدة تحلم أن تكون قوة تغيير في حياة الناس.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  إيران الإلكترونية تكتفي ذاتياً.. و"الحرب" تطال كل منشآتها
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
free online course
إقرأ على موقع 180  إيران الإلكترونية تكتفي ذاتياً.. و"الحرب" تطال كل منشآتها