“ليش فاليسا” المغربي.. محمد نوبير الأموي

برحيل محمد نوبير الأموي تطوى صفحة مشرقة من صفحات النضال الوطني والحزبي والنقابي في المغرب، فهو ثالث الثلاثة الذين بصموا بقوة تاريخ الحركة العمالية في المغرب العربي، بعد التونسي فرحات حشاد (1914 - 1952) والمغربي المحجوب بن الصديق (1922- 2010).

ولد الأموي ببلدة ابن أحمد، منطقة الشاوية جنوب الدار البيضاء، وتلقى تعليمه الإبتدائي بالدار البيضاء، ليتابع دراسته بكلية ابن  يوسف في مراكش وجامعة القرويين في فاس، ثم التحق بمدرسة المعلمين في مراكش لمّا كان يديرها من سيتحول بعد سنوات إلى زعيم أكبر حركة إسلامية معارضة عرفها المغرب المستقل، مدرس اللغة الفرنسية ومفتش وزارة التربية الوطنية عبد السلام ياسين مرشد “جماعة العدل والإحسان” المحظورة.

في عمر مبكر سينتمي الأموي إلى حزب الاستقلال (1952)، وبعد قبوله في سلك التعليم انضم إلى نقابة الاتحاد المغربي للشغل. وكان من أنصار الزعيم اليساري المهدي بن بركة، لذلك أيّد الأموي الانشقاق عن حزب الاستقلال وكان ضمن المؤسسين الأوائل لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي أعلنه بن بركة.

في وقت لاحق، عيّنه بن بركة مسؤولاً عن اللجنة العمالية الحزبية، كأنما كان صاحب “الاختيار الثوري” يهيئ لتصحيح “خطأ قاتل” نتج عنه صحبة الفقيه محمد البصري في مساندتهما لكفة المحجوب بن الصديق ضد الطيب بن بوعزة أول أمين عام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، لكن بن الصديق انقلب على الحزب وهرّب النقابة إلى ما أطلق عليه “سياسة الخبز” متواطئاً مع قوى القهر والاستبداد.

لذلك عانى الاتحاديون من قمع نقابة “الجهاز البورصوي” الاسم القدحي الذي يطلقه الخصوم على نقابة ابن الصديق. بل إن الشهيد عمر بنجلون لمّا كان بنقابة البريد تعرض للاختطاف والتعذيب في قبو النقابة بشارع الجيش الملكي على يد عصابة إجرامية تتلقى التعليمات والأوامر من المحجوب بن الصديق. لكن بنجلون ظل وفياً لـ”الوحدة النقابية للطبقة العاملة”، وعارض فكرة إنشاء نقابة جديدة. كما أن علاقة نوبير الأموي بعمر بنجلون شابتها خلافات بلغت حد القطيعة، إذ حامت شكوك حول الأموي لمّا قام بمهمة حزبية داخل جزائر الهواري بومدين، لدى المناضلين الاتحاديين اللاجئين بالجارة الشرقية، ثم عاد ومعه أحد أبناء منطقته الاتحادي الجيلالي برحال وقام بإخفائه في بيت أحد المناضلين بحي “القبيبات” أولاً، قبل أن يجد له مخبأ آمناً كان مجاوراً لثكنة الإطفاء بحي أكدال بالرباط. وبعدها ظهر أن برحال كان واحداً من عملاء الجنرال أوفقير، اخترق تنظيمات الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. فألبس عمر بنجلون رفيقه الأموي تهمة التواطؤ وخدمة الأجهزة.

هكذا سيتم تجميد عضوية الأموي سنوات، عاش خلالها بمنطقة خريبكة المنجمية، ولم يعد للتنظيم الحزبي وإلى نشاطه العمالي، إلا في آخر سنة 1975، أي بعد اغتيال عمر بنجلون بأدوات إسلامية، رعاها عبد الكريمان الخطيب ومطيع، الأول من أقطاب المخزن الكبار، والثاني منشق اتحادي، من الصدف أنه ينتمي أيضاً إلى منطقة الأموي.

***

بعد اغتيال المحامي عمر بنجلون زاد إلحاح النقابيين في صفوف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وكثفوا من الضغط على قيادة حزبهم، وحثوها من اجل منح الضوء الأخضر لتشكيل نقابة مركزية بديلة. تسارعت وتيرة الانشقاق بتأسيس نقابات وطنية في عدد من القطاعات الحيوية، لتلتحق بنقابتي البريد والتعليم المنشقتين في الستينيات الماضية عن الاتحاد المغربي للشغل. وفي آخر أيام شهر نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1978 التقت ثماني نقابات وطنية، (أهمها نقابات البريد والتعليم والفوسفات والتبغ والصحة والكهرباء)، والتحمت في مؤتمر وطني احتضنه المكان نفسه الذي أطلق فيه الاتحاديون الاسم الجديد لحزبهم سنة 1975، ليتحول من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو “قاعة الأفراح” بشارع الجيش الملكي بمدينة الطبقة العاملة الدار البيضاء، في نقطة غير بعيدة عن المبنى الشاهق للاتحاد المغربي للشغل، بجانب حانة “تور حسان” التي كانت تحتضن بعض المواعيد المسائية لرموز من نقابة بن الصديق. وبتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1978 تأسس البديل النقابي الجديد ممثلاً في “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”.

خلال مشاورات وأعمال المؤتمر التأسيسي، كانت الأنظار متجهة صوب عبد الرحمان شناف كاتب عام النقابة الوطنية للتعليم، ثم إلى أحمد البوزيدي كاتب عام النقابة الوطنية للبريد، ليتولى أحدهما زعامة المركزية الوليدة، إلا أن الرجلين معاً تهيبا المسؤولية الكبرى، ومهدا الطريق للأموي ليصبح أول كاتب عام للكونفدرالية.

بعد أعوام صار خصوم الأموي الحزبيين يقولون بأن “سليل منطقة ابن أحمد” قام بـ”السطو” على منصب الكتابة العامة من شناف والبوزيدي، ويزيدون أن زعيم الاتحاد عبد الرحيم بوعبيد رسم على وجهه علامات الامتعاض لمّا أبلغ باسم من أصبح على رأس الكونفدرالية.

إلا أنها تبقى مجرد مزايدات تدخل في سياق البولميك والصراع الداخلي الحزبي والنقابي الاتحادي، فقد تبادل الأموي وبوعبيد الاحترام الكبير، وكان من خلف بوعبيد الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي يضع صورة صغيرة لنوبير الأموي على رف فوق مكتبه.

بمجرد انتهاء أشغال المؤتمر التأسيسي للكونفدرالية، شرع الأموي كزعيم للكونفدرالية الحديثة، في تأجيج جذوة الصراع النقابي والاجتماعي، وطرح الملفات المطلبية الأساسية للطبقة العاملة المغربية. وبعد أقل من أربعة أشهر دعا إلى إضراب وطني بتاريخ 30 مارس/آذار 1979 بمناسبة يوم الأرض الفلسطيني، وبعد أسبوعين دعت الكونفدرالية إلى إضرابات وطنية 9 – 10 أبريل/نيسان 1979 في عدة قطاعات حيوية. وكان رد فعل السلطات هو شن حملة اعتقالات واسعة، شملت من بين الموقوفين محمد نوبير الأموي، تلتها حملة قرارات التشطيب على الآلاف من المضربين في القطاعات العمومية، خاصة التعليم والصحة. ولم يتراجع الملك الحسن الثاني عن قراره إلا بعد أزيد من سنة.

سوف لن يكون الاعتقال الأخير للأموي، الذي اعتاد على السجون منذ الستينيات، ومنها اعتقاله السري وتعذيبه في 1974، لمدة سنة ونصف، ومنذ هذا الاعتقال لم يعد الأموي يخشى شيئاً، حسب تصريح صحفي أدلى به لمجلة فرنسية: “بعد الاعتقال المرعب سنة 1974، لم أعد أخشى شيئاً، وقناعتنا الوحيدة كانت أن واجبنا هو أن نتطور. فلو توقفنا أو سكتنا في ذلك الوقت لكانت الوضعية اليوم أسوأ، فقد كنا مدفونين وفي قبورنا دفنّا الخوف. والذي يرغب في تحمل المسؤولية عليه أن يكون مستعداً للمعاناة من جرائها”.

***

في أول ظهور إعلامي لنوبير الأموي مع الصحافة الدولية، تصدرت صورته غلاف المجلة الباريسية “جون أفريك”، أيام كان يرأس تحريرها الاتحادي القديم حميد برادة، وفي تقديمه لحواره مع الأموي كتب برادة: “وجه مستدير، شارب كبير كثيف، جسم ممتلئ، ذلك هو محمد نوبير الأموي (41 سنة) الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل والذي لم يفقد أي شيء من أصوله الفلاحية. يحدث له أن يستشهد بماركس، ولكنه لم يتعلم الصراع الطبقي في الكتب، كان معلماً في بداية الاستقلال، ثم أصبح مفتشاً في التعليم بعد 10 سنوات. لقد ناضل الأموي أولاً في صفوف المركزية النقابية (الاتحاد المغربي للشغل) والتي كانت آنذاك المنظمة الوحيدة للشغيلة المغربية، ولكنه كان من بين الأوائل الذين حاربوا سياسة “السلم الاجتماعي” التي مارستها قيادة الاتحاد المغربي للشغل”.

إقرأ على موقع 180  فرص إسرائيل المتوسطية 2022: المغرب وتركيا ولبنان...

***

في 28 ماي/أيار سنة 1981، قررت حكومة كريم العمراني الزيادة في أسعار خمس مواد أساسية، فدعت الكونفدرالية لإضراب وطني يوم 20 يونيو/حزيران 1981، تاريخ تم وشمه في ذاكرة الأحداث المغربية. كان يوماً دامياً، أعطى القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، الحسن الثاني، الأمر بتدخل الجيش لمواجهة المتظاهرين، قتل عدد كبير بالرصاص الحي. وسيق الأموي برفقة المئات من المناضلين في النقابة والحزب إلى المحاكمات والسجن، من بينهم الأستاذ محمد كرم الكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي بالدار البيضاء، وعبد الكبير البزاوي، ومحمد المراني، ومصطفى القرشاوي رئيس تحرير جريدة “المحرر” التي جرى توقيفها بسبب تذكيرها بنضال المغاربة زمن الاستعمار الفرنسي، وزيّنت موضوع التحريض على الإضراب بصدر الصفحة الأولى، بصورتي الشهيدين محمد الزرقطوني وابراهيم الروداني. ما جعل وزير الداخلية إدريس البصري يصرخ في البرلمان، بلهجته البدوية، مندداً بالتطاول على الشهداء من أجل الاستقلال ومقارنتهم بـ”شهداء كوميرا” (قطعة الخبز). ومن يومها دخلت كلمة البصري قاموس الطرائف السياسية الساخرة في المغرب.

ظل نوبير الأموي ورفاقه في السجن أكثر من عامين، وبعد إطلاق سراحه توجه من الزنزانة إلى “قاعة الأفراح” التي شهدت ميلاد الكونفدرالية ليستقبل استقبال الأبطال ويلقي خطاب “الصمود والتحدي”، مما أكسبه والكونفدرالية شرعية نضالية وبوأها مكانة ممتازة في الحقلين النقابي والسياسي على السواء. ففي حقبة قيادة الأموي للكونفدرالية تضاعفت قوة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. صارت السلطات العليا تحسب له ألف حساب. كما حظي الاتحاد بتعاطف جماهيري واسع وسمعة دولية محترمة. وهو ما سينتفي تدريجياً بعد انسحاب الأموي من الاتحاد الاشتراكي الذي كان أحد قادته البارزين والمؤثرين.

***

في المؤتمر الوطني الخامس للاتحاد الاشتراكي بالرباط، (30-31 ابريل/نيسان 1989)، انتخب محمد نوبير الأموي عضواً بالمكتب السياسي، وتزايدت شهرته حتى أطلقت عليه الصحافة لقب “ليش فاليسا” المغرب.

ثم بدأت الفجوة تتسع وتكبر بين الأموي ومحمد اليازغي الرجل القوي والمسؤول عن التنظيم الحزبي، وبدأ الأموي يهيء للانقضاض على الاتحاد. لكنه أخفق، كما أخفق رفاق عبد الرحمان بنعمرو وأحمد بنجلون حين سيطروا على المؤتمر الوطني الثالث في الدار البيضاء (ديسمبر/كانون الأول 1978)، وذهبت جهودهم ضحية الوساطة التي قادها بينهم وبين جماعة بوعبيد واليازغي، الأستاذ محمد عابد الجابري. ليجدوا أنفسهم بعد خمس سنوات مطرودين خارج الحزب ومضطرين لإنشاء حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

فكر الأموي لدعم توجهه الراديكالي داخل الحزب في تأسيس صحيفة تتبنى سياسته ومواقفه، لكنه رغب أن لا يُعرف أنه يقف وراءها. ولم تظهر صحيفة “الفجر” التي استصدر ترخيصها أحد المقربين من الأموي سنة 1989. وبالمناسبة أذكر أني كنت واحدا من اثنين طرح عليهما الأموي الفكرة منفردين. وفي الوقت الذي كنت أتردد فيه على شقة الأموي المتواضعة في أحد الأزقة المتفرعة عن شارع بئر أنزران بحي المعاريف، لاستكمال تفاصيل إصدار المشروع الإعلامي، حدث اعتقال زعيم الكونفدرالية بعد إدلائه بحوار للصحفي الاسباني المشهور “دومينغو ديلبينو”، مراسل صحيفة “البايس” المدريدية بالرباط في الثمانينيات والتسعينيات. حوار قوي، وصف فيه الأموي وزراء الحكومة باللصوص وقطاع الطرق، وقال إنهم لن يجدوا غداً قارباً يهربون به، كما يفعل “الحراكة” المغاربة في قوارب الموت باتجاه الضفة الشمالية في أوروبا. وأعاد الأموي ما صرح به للمناضل اليساري عبد الله زعزاع مدير جريدة “المواطن”، حين أكد على “ملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم”.

ألقي القبض على الأموي وتمت محاكمته في الرباط في أجواء احتقان مشحونة، وسيشتهر صهر سابق لمستشار الملك، عندما وقف بصفته محامياً للدولة في وجه قرابة 1400 محام تسجلوا للدفاع عن الأموي، هذا المحامي كان محمد زيّان الذي يقود اليوم أحد الأحزاب الصغيرة في المغرب.

قضى الأموي قرابة العامين في السجن، وخرج ليمهد لما يسمى بـ”حكومة التناوب”، لمّا استضاف وزير الداخلية إدريس البصري لمؤتمر الكونفدرالية بالقاعة المغطاة لمركب محمد الخامس الرياضي بالدار البيضاء، بل أعطاه الكلمة ليخاطب المؤتمر، وهو ما خلف استياء كبيراً وانتقادات حادة ضد الأموي وصلت حد اتهامه بالعمالة للداخلية. وقد تزامن المؤتمر وقتها مع اجتماع للمؤتمر القومي العربي بالدار البيضاء الذي يعد الأموي من أعضائه ومؤسسيه.

في سنة 2001 انسحب الأموي من المؤتمر الوطني السادس للحزب ليؤسس حزبا باسم “حزب المؤتمر الوطني الاتحادي”، ما أدى بخصومه في الحزب إلى الانشقاق وتأسيس مركزية أخرى باسم الفيدرالية الديمقراطية تزعمها الطيب منشد عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي.

لقد كانت قوة الاتحاد من قوة الكونفدرالية، كما يصح العكس. وبعد الانفصال  أصاب الضعف الحزب والكونفدرالية معاً، ما انعكس سلباً على التدافع السياسي والاجتماعي في المغرب.

***

كان الأموي اشتراكياً قومياً عربياً ناصرياً مؤمناً بالمصير المشترك للشعوب العربية. في سنوات الحصار ضد العراق قام قائد الكونفدرالية باستئجار طائرتين تم تحميلهما بمساعدات إنسانية باسم الطبقة العاملة المغربية. وقد حكى من كان قريباً من الأموي كيف أدمعت عيناه وبكى بحرقة وهو يتابع مشاهد شنق الرئيس العراقي صدام حسين.

كما زار الأموي الذي كان عضوا مؤسسا للمؤتمر القومي العربي، لبنان للتضامن مع شعبه ضد الاعتداءات الإسرائيلية، واستقبل حينها من طرف الزعيم الشيعي اللبناني السيد حسن نصرالله.

***

عندما وقع الأموي في مرضه الأخير، نقل عنه زاروه قوله إن هاجسه الأول ظل دائماً هم الطبقة العاملة وقضايا الوطن والأمة.

يكفيه شرفاً أنه كان تجسيداً حياً للمبادئ والقضايا الأساسية للوطن والطبقات الكادحة، ومقارعة الفساد والانتهازية والطغيان.

وكان “أبو غيفارا” قد أوصى بألا يتم نشر خبر نعيه، وبأن يدفن جنب قبر والدته في مسقط رأسه بابن أحمد، وبأنه في غنى عن الرثاء، فأوضاع العمال والبلاد أحق منه بالرثاء. إلا أن أعداداً كبيرة توافدت على بلدة “ملكو” (الكاف تلفظ بالجيم المصرية)، برغم التدابير الاحترازية من كورونا، لتشييع آخر الزعماء النقابيين في المغرب العربي ومن بين هؤلاء المشيعين المناضل الكبير المحامي عبد الرحمان بنعمر.

تمت مواراة الأموي الثرى في يوم توجه فيه المغاربة إلى صناديق الاقتراع، يوم أبى فيه الأموي إلا أن يشارك بطريقته الخاصة، إذ رمى بورقة جسده المرسوم بندوب التعذيب، في صندوق من تربة الوطن، لتبقى روحه ترفرف عالياً في السماء تذكر الشعب المغربي بنضالاته وتضحياته.

Print Friendly, PDF & Email
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Free Download WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  السعودية... "كورونا" والصراع على العرش