كيف أصبحت قطر “الوسيط” بين أميركا و”طالبان”؟

تصدرت قطر عناوين الصحف بصفتها "المحاور الرئيسي" مع حركة طالبان. ولكن لماذا انتهى الأمر بالدولة الصغيرة إلى مثل هذا الدور في المقام الأول؟ هذا ما تحاول دانيا العقَّاد، من موقع "ميدل إيست آي"، الإجابة عليه في هذا التقرير الذي يكشف تفاصيل سعي قطر للتميز عن باقي دول الإقليم، وكيف ساعدها "دور الوساطة" أثناء الحصار الذي تعرضت في العام 2016.

في خريف عام 2010، أي بعد تسع سنوات من الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في أفغانستان، جلس مَنْ كان يُعتبر الرجل الثاني في حركة طالبان، المُلا منصور، إلى طاولة حوار في مدينة قندهار، كانت تضم أيضاً مسؤولين أفغان وآخرين يمثلون حلف شمال الأطلسي (الناتو).

في اجتماعات سابقة، بما في ذلك اجتماع ضم الرئيس الأفغاني الأسبق، حامد كرزاي، في قصر الأخير في كابول، كان المُلا منصور قد طرح، وبشكل مفاجئ، مَطَالب أُعتبرت “معتدلة”، من أجل عقد اتفاق سلام وتحقيق المصالحة في أفغانستان.

يومها، قال المُلا منصور للمجتمعين، بما معناه، إن القوات الأجنبية، التي كانت تُشكل، ولفترة طويلة، مصدر الخلاف الأكبر بالنسبة لطالبان، يمكن أن تبقى في أفغانستان. وأن الجماعة لن تُطالب بمناصب في الحكومة.

تلك المحادثات جاءت في وقت كانت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها يبحثون عن “مخرج” مِنْ ما كان يُشار إليه في ذلك الوقت على أنه “حرب دائمة”. وكان بعض المسؤولين يدركون أن تحقيق مثل هذا المَخْرَج سيتطلب التعامل مع طالبان وفتح قنوات حوار ومناقشات مباشرة معها.

لكن، ما اتضح لاحقاً هو أن المُلا منصور لم يكن عضواً في طالبان. فالرجل الذي انسحب بشكل عرضي من الموقف، وفي جعبته مئات الآلاف من الدولارات قدمتها له وكالات الاستخبارات الغربية، كان على الأرجح صاحب متجر باكستاني.

وتعليقاً قال أحد المسؤولين للصحافيين: “لقد كان إخفاقاً مُحرجاً للغاية، إنها لعنة كُبرى”. وعلَّق متحدث باسم طالبان قائلاً: “الأميركيون وحلفاؤهم أغبياء جداً.. بإمكان أي شخص أن يخدعهم”.

لكن الحادث العرضي كان أيضاً عاملاً مساعداً لتوضيح كيف، ولماذا أصبحت دولة خليجية صغيرة مثل قطر، التي بالكاد يكون لديها حصة في أفغانستان، أصبحت “المُحاور المُفتاح” بين الولايات المتحدة وطالبان!

العثور على شخص ثقة

مع نهاية العام 2011، عندما تم الكشف عن هوية المُلا منصور المزيفة، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في حاجة ماسة إلى خط اتصال مع طالبان، وكانوا شبه يائسين من إمكانية تحقق ذلك.

قبل ذلك بعام، وتحديداً في حزيران/ يونيو2009، غادر جندي أميركي، يُدعى بووي بيرغدال، موقعه العسكري في إقليم باكتيكا في شرق أفغانستان من دون أن يخبر زملاءه. في غضون ساعات، وقع بيرغدال في قبضة عناصر من طالبان.

داخل مقر القيادة المركزية في فلوريدا، وبعد فترة زمنية أمنية، تم تعليق يافطة تُحصي أيام الجندي بووي في الأسر. كان الضغط مستمراً لإعادته إلى منزله سالماً، لكن الولايات المتحدة لم يكن لديها وسيلة قوية كفاية للتحدث مع خاطفيه.

“إذا كنت مسؤولاً أميركياً، فأنت واثق من أن هناك شخصاً ما في الدوحة يمكنك التحدث إليه” – كريستيان كوتس أولريشسن، معهد “بيكر” للشرق الأوسط

كان هناك الباكستانيون الذين لا يمكن الوثوق بهم. وكان هناك أيضاً السعوديون والإماراتيون، الذين أبدوا استعدادهم للعمل كمحاورين وسطاء، كلٌ في نقاط مختلفة، لكن المشكلة أن كلا البلدين كانا من بين الدول التي كانت قد دعمت طالبان في تسعينيات القرن العشرين. لذلك، لا يمكن أن يكونا محايدين، من وجهة نظر الأميركيين. ثم كان هناك المحتالون.

في هذا الخصوص، قال كريستيان كوتس أولريشسن، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد “بيكر” للسياسات العامة التابع لجامعة “رايس”: “كان هناك رجال يظهرون بين فترة وأخرى بشكل عشوائي، ويقدمون أنفسهم على أنهم يمثلون طالبان. وبعد أن يحصلوا على مبالغ كبيرة من المال، كانوا يختفون بشكل عشوائي مثلما ظهروا”.

لسنوات طويلة، لم ير أحدٌ زعيم حركة طالبان في أفغانستان، المُلا محمد عمر. وهناك الكثير من قادة الجماعة الذين لم يشاهدهم شخصياً أي من المسؤولين الأميركيين أو مسؤولي “الناتو” أو حتى المسؤولين الأفغان، وفقاً لما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز” يوم كان “المزيف” المُلا منصور يتصرف كممثل لطالبان.

وأضاف أولريشسن: “إن إمكانية ملاحقة قيادات طالبان في دولة حليفة، حيث يكون لهم عنوان، يُعد إجراء منطقياً بالنسبة للولايات المتحدة. وقد أبدت دولة قطر بالفعل استعداداً صريحاً لجعل الأمر ينجح. فالأميركيون لديهم تجربة سابقة مع قيادات حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين (حماس). وهم بالطبع كانوا يفضلون أن يقيم خالد مشعل في الدوحة على أن يكون مقيماً في دمشق على سبيل المثال. فوجوده في الدوحة يعني أنهم يستطيعون الوصول إليه متى ما أرادوا، حتى ولو عن طريق وسيط”.

كانت قطر على استعداد لفعل شيء ما، وجاهزة للعب هذا الدور. وبحسب ما جاء في كتاب “مديرية إس” Directorate S للصحافي ستيف كول، نُشر في عام 2018، وتضمن تقارير خاصة من داخل المفاوضات التي كانت تجري، فإن حاكم قطر (السابق) الشيخ حمد بن خليفة أخبر الأميركيين أنه “لن يُخدع”. وقال “قد يخدعونكم أنتم، لكن مع كل الاحترام، فإن طالبان ليست في وضع يمكنها من خداعي”.

لهذه الدولة الخليجية تاريخ من الوساطة في لبنان واليمن والسودان. لقد كان دوراً أرادته قطر وطورته في فترة التسعينيات كوسيلة لتتميز عن باقي دول الإقليم، ولو جزئياً، على أمل أن تصبح من بين القوى التي لا يمكن الإستغناء عنها، والتي يمكن إستدعاؤها للمساعدة في حل أي أزمة مستقبلية. حتى أنها أدرجت إشارة إلى هذا الدور في دستورها كهدف من أهداف السياسة الخارجية لدولة قطر.

حمد بن خليفة للأميركيين: “قد يخدعونكم أنتم، لكن مع كل الاحترام، فإن طالبان ليست في وضع يمكنها من خداعي”

لكن بحلول العام 2013، عندما كان من المقرر أن تبدأ المحادثات في الدوحة، كان على قطر أن تُعيد فرض نفسها كـ”وسيط” بعد أن كانت قد انجرفت، خلال الربيع العربي، في “تدخل أكبر” في ليبيا وسوريا، على حد قول أولريشسن.

ومع ذلك، أوضحت حركة طالبان، بشكل علني تارة وسرّي تارة أخرى، أنها لن تعمل إلاَّ مع قطر.

وبحسب ما جاء في كتاب الصحافي ستيف كول، فإن ممثل المجموعة التي شاركت في محادثات أدَّت في النهاية إلى فتح مكتب سياسي لطالبان في الدوحة، الطيب آغا أخبر مسؤولين أميركيين “أن الجماعة لن تفتح مكتباً لها في أي دولة لديها قوات عسكرية في أفغانستان، ولا في أي بلد مجاور لأفغانستان، أو في أي بلد قد يتسبب وجود مثل هذا المكتب فيه إلى ردّ فعل عنيف ضد حركة طالبان. فاختيار السعودية، على سبيل المثال، كان من شأنه أن يثير ردّ فعل سلبي من إيران. وكانت حكومتا الإمارات وتركيا قريبتين جداً من باكستان. لذا كان خيارنا الوحيد هو أن يكون مكتبنا في قطر”.

بحثا عن المصالحة

بحلول العام 2013، كان أكثر من 20 من ممثلي حركة طالبان وبعض أفراد أسرهم يعيشون في مجمع خاص خارج الدوحة. ومن وقت لآخر، كانوا يشاهَدون إما في أحد الفنادق التي كانوا يقصدونها لعقد اجتماعاتهم، أو في أحد المراكز التجارية المحلية التي كانوا يقصدونها للتسوق. لكن في أغلب الأوقات كانوا يبقون منعزلين عن محيطهم، بحسب مراقبين.

كان الهدف هو تحقيق المصالحة في أفغانستان من خلال تسهيل المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان.

الأميركيون احتسوا الشمبانيا احتفالاً في واشنطن بينما كانت طالبان والوسيط القطري يناقشون “إمارة أفغانستان الإسلامية”

وفي هذا الخصوص، يقول أندرياس كريغ، كبير المحاضرين في كلية “كينغز كوليدج” للدراسات الأمنية في لندن، والذي كان من بين المراقبين الذين أشرفوا على سير المفاوضات عن قرب ولسنوالت عديدة: “كان هناك الكثير من النجاحات والإخفاقات التي حصلت على مر السنين، بحيث لم يكن من السهل أبداً معرفة من أين كان يأتي الاختراق، أو إذا كان الاختراق سيحدث من أساسه”.

تمثلت إحدى الإخفاقات الرئيسية في الإعلان عن تأسيس المكتب السياسي في 18 حزيران/ يونيو 2013.

يتحدث كول في كتابه عن كيف كان مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية يحتسون الشمبانيا في واشنطن “إحتفالاً” وهم يتابعون تغطية مباشرة لقناة “الجزيرة” تُظهر ممثلين من طالبان ونائب وزير الخارجية القطري يجلسون خلف منصات مُغطاة بالورود، وخلفهم يافطة كبيرة كُتب عليها “إمارة أفغانستان الإسلامية”. الاسم الرسمي لأفغانستان عندما كانت تحت حكم طالبان.

وفي الخارج، رُفعت الراية البيضاء الخاصة بالمجموعة على سارية كبيرة، لكن خُفضت في وقت لاحق إلى النصف ووضعت خلف جدار.

الرئيس الأفغاني حامد كرزاي – الذي لم يكن يثق بقطر في الأساس- قال إنه وافق على المحادثات فقط بشرط ألا تستخدم طالبان مكتبها كمنصة سياسية. ثم انسحب من المفاوضات بعد أقل من يوم واحد.

كانت إحدى نقاط النجاح – على الأقل من منظور الأميركيين وطالبان – هي إتفاقية تبادل الأسرى في آذار/ مارس 2015، والتي تضمنت إطلاق سراح الجندي الأميركي بووي بيرغدال مقابل خمسة من أعضاء طالبان كانوا محتجزين لدى الأميركيين في سجن خليج غوانتانامو، وجميعهم أصبحوا الآن جزءاً من حكومة طالبان الوليدة حديثاً في كابول.

إقرأ على موقع 180  فتور العلاقات الأردنية ـ السعودية.. ماذا بعد؟

لم تكن حرية بيرغدال، التي تحققت بعد خمس سنوات في الأسر، هي ما شكل النجاح. فاتفاقية التبادل كانت أيضاً إجراءً مهماً لبناء الثقة بالنسبة للولايات المتحدة، في أعقاب الصخب الذي أحاط بافتتاح المكتب السياسي لطالبان في قطر.

وعن هذه التطورات يقول أولريشسن: “لقد تبين أن وجود مكتب لطالبان في قطر يمكن، إلى حدٍ ما، أن يفي بما وعدوا به. لقد كانوا جديرين بالثقة إلى درجة أنهم سينفذون ما قالوا إنهم سيفعلونه”.

الأزمة الخليجية

من منظور قطر، فإن دورها كمحاور ومُضيف لحركة طالبان، قد اكتسب أهميته وقيمته الكبرى، رغم كل شيء، وخصوصاً بعد الحصار الذي تعرضت له في حزيران/ يونيو 2017 من قبل خصوم إقليميين.

ففي ذلك التاريخ، أعلنت كل من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر قطع العلاقات التجارية والدبلوماسية مع قطر، وفرضوا حظراً على مجالها الجوي، كـ”عقاب” على علاقتها بإيران وعلى دعمها للجماعات المسلحة المتشددة، وذلك من بين تُهم أخرى بحسب زعمهم.

وقال أولريشسن: “في يوم 6 حزيران/ يونيو، أي بعد يوم واحد فقط من بدء الحصار على قطر، بدأ الرئيس الأميركي (السابق) دونالد ترامب يتحدث في تغريداته عن حق السعودية والإمارات في فعل ما يشاءان. ومثل تلك التغريدات كانت كفيلة لكي يدب الذعر في أرجاء قطر”.

هناك من يلوم قطر على مساهمتها في تمكين طالبان ومساعدتها على أن تصبح أكثر قوة ومقدرة

يُذكر أن ترامب قال في إحدى تغريداته ما معناه: “خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط، ذكرت أنه لم يعد مسموحاً أن يكون هناك أي نوع من التمويل للجماعات المتطرفة. ومن الجيد جداً أن نرى أن زيارتنا للمملكة العربية السعودية واللقاءات التي أجريناها مع الملك ومع 50 دولة أخرى تؤتي ثمارها بالفعل. للقد أكدوا أنهم سيتخذون موقفاً متشدداً بشأن تمويل الجماعات المتطرفة، وكل الدلائل كانت تشير إلى قطر. ربما تكون هذه بداية النهاية لرعب الإرهاب!”

وعلَّق أولريتشسن، قائلاً: “لقد كانت صدمة. لأن قطر منذ العام 1990، مثلها مثل باقي دول الخليج، تنظر إلى العلاقة مع الولايات المتحدة على أنها حجر الأساس لشراكتهما الأمنية والدفاعية. ولكن أن يصبح ذلك فجأة موضع تساؤل، فهذا كان بمثابة صدمة كبيرة بالفعل”.

منذ ذلك الحين، صعَّدت قطر من لعبتها في واشنطن. ففي عام 2017، دفعت 13 مليون دولار لشركات الضغط الأميركية – أي ثلاثة أضعاف المبلغ المُحدد في العام السابق – وقد أنفقت 10 ملايين دولار أو أكثر كل عام منذ ذلك الحين، بحسب بن فريمان، مدير مبادرة الشفافية في مركز السياسات الدولية غير الربحي.

وأضاف فريمان: “الإمارات والسعودية زادتا من إنفاقهما على شركات الضغط في عام 2016. فمن كان الفائز بالحصار؟ K Street؟”، في إشارة إلى شارع في واشنطن مشهور لكونه يضم عدداً كبيراً من شركات الضغط.

وبالإضافة إلى زيادة إنفاقها على شركات الضغط في أعقاب الحصار الذي فُرض عليها، بادرت قطر لإطلاق مشروع توسيع قاعدة “العيديد” الجوية، أكبر منشأة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط، وتكفلت بدفع كل التكاليف. كما زادت قطر تعاونها في قضايا عديدة تهم الحكومة الأميركية لضمان علاقتها مع الولايات المتحدة بغض النظر عن من يشغل البيت الأبيض.

وعن تلك الفترة يقول ديف دي روش، المسؤول السابق في وزارة الدفاع والبيت الأبيض، والأستاذ في جامعة الدفاع الوطني: “كان حصار قطر بمثابة جرس إنذار. كان الحصار حدثاً تحولياً”.

الخروج من أفغانستان

واحدة من البطاقات القوية التي كانت بيد قطر هو دورها في أن تكون “القناة” التي تستطيع من خلالها الولايات المتحدة الوصول إلى طالبان.

بعد ما يقرب من ثلاث سنوات على تغريداته، وجد ترامب نفسه بحاجة أن يستخدم موضوع أفغانستان في حملته الانتخابية من خلال إطلاق وعد بإنهاء الحرب الأميركية هناك. في العام الماضي، اجتمع الطرفان في الدوحة (الولايات المتحدة وطالبان)، ووقعا اتفاقية تقضي بسحب جميع القوات الأميركية بحلول شهر أيار/ مايو 2021.

كانت الصفقة بعيدة كل البُعد عن المصالحة الأفغانية التي تم تصورها في الدوحة ذات مرة: الحكومة في كابول لم تكن على طاولة المفاوضات.

البعض طرحوا تساؤلاتهم عمَّا إذا كان ذلك الاتفاق ضرورياً. ومن بين هؤلاء سارة تشايس، الصحافية التي غطَّت سقوط طالبان لحساب الإذاعة الوطنية العامة، وقدمت لاحقاً نصائح لمسؤولين عسكريين أميركيين رفيعي المستوى يعملون في أفغانستان.

فقد كتبت سارة مؤخراً تقول: “ما الذي كان يمنعنا من تنفيذ إنسحاب من جانب واحد – وهو ما فعلناه في النهاية؟ ما تم انتزاعه من طالبان مقابل إجبار الحكومة الأفغانية على إطلاق سراح الآلاف من مقاتلي العدو، من بين تنازلات أخرى، ومنح طالبان أكثر من عامين لعرض قضيتهم على القادة المحليين، كانت نتيجته التالي: “الولايات المتحدة سترحل. لماذا لا تنضم إلينا؟”.

قد يُشكك البعض- كما فعل العديد من الأفغان والأميركيين في ذلك الوقت – في أين يَكْمُن المنطق عندما يتم استبدال الجندي بيرغدال بخمسة أعضاء رئيسيين في طالبان فقط من أجل أن لا يكون هناك أميركي قيد الاحتجاز كرهينة، مع إبقاء مئات الأميركيين عالقين في كابول، كما حدث في الأسابيع الأخيرة.

هناك أيضاً من يلوم قطر على مساهمتها في تمكين طالبان ومساعدتها على أن تصبح أكثر قوة ومقدرة.

فقد غرَّد جوناثان شانزر، نائب رئيس الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات (FDD)، قائلاً: “هذه الكارثة كانت من صُنع قطر”.

العلاقات العامة تنتصر

ولكن، إذا كان انتقال الولايات المتحدة والعديد من السفارات الأفغانية الأوروبية إلى الدوحة، وتعليقات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تطورات ممكن أن تحدث وتمر مثل أي شيء عادي، فإن الجهود التي بذلتها قطر واستمرارها في دور “الوسيط” لطالبان لهو انقلاب كبير في العلاقات العامة للبلاد.

قطر ستكون أكثر أماناً في أي أزمة مستقبلية لأنها باتت تتمتع الآن بسيل من الإئتمانات مع القوى الكبرى

في هذا الخصوص، يقول أندرياس كريغ (من كلية “كينغز كوليدج”): “انظر إلى ما تنفقه دول الخليج بشكل عام في واشنطن. إن عشرات الملايين من الدولارات قد تم دفعها على مدى سنوات كرسوم لجماعات الضغط فقط من أجل الحصول على اجتماع مع شخص ما. ماذا يعني إيواء [طالبان] في مجمع سكني، وإعطاءهم سيارات، وأموالاً لكي ينفقونها؟ أعني أن هؤلاء الناس ليسوا بمسرفين، فهم لا يعيشون حياة مترفة. إنه أفضل ما يمكن أن يخطر ببالك على الإطلاق إذا ما أردت إثارة الصخب من حولك للفت الأنظار وتشتيت الانتباه”.

وبعيداً عن العناوين الرئيسية، فإن النوايا الحسنة التي يعززها دور قطر في أفغانستان ستعني أن الباب أمام الاستثمارات الغربية المربحة- والمحتملة في أفغانستان – يظل مفتوحاً على مصراعيه أمام دولة تمتلك في لندن وحدها أملاكاً أكثر من ما تمتلكه الملكة البريطانية نفسها.

ولعلَّ الأهم من ذلك كله، أن هناك شعوراً بأن قطر ستكون أكثر أماناً في أي أزمة مستقبلية لأنها باتت تتمتع الآن بسيل من الإئتمانات مع القوى الكبرى.

وأضاف كريغ: “إذا حصلت أزمة أخرى – مثلاً، إذا قررت السعودية والإمارات ليس فقط محاصرة قطر بل وشن عملية عسكرية ضدها… فإن الأميركيين هذه المرة، وبالتأكيد، سيقفون إلى جانب قطر وقد يتصدون للأطراف الأخرى، حتى على نطاق أوسع مما فعلوا في العام 2017”.

ولكن، مع المكافآت عادة تهل المخاطر. فإذا أعادت طالبان فرض حكمها السلطوي المتشدد، فقد يكون ارتباط قطر بهذه الجماعة ضاراً للغاية – وسيشجع أولئك الذين يجادلون بالفعل بأن قطر تدعم الإرهاب.

وفي حين أن وجود قاعدة “العيديد” الجوية الأميركية في قطر دائم، ولا يمكن نقلها، يمكن على سبيل المثال نقل مركز القيادة Centcom الموجود الآن في قطر بين عشية وضحاها. فالقيادة المركزية لـ Centcom موجود بالفعل في فلوريدا.

وعن هذا الأمر يقول أولريشسن: “يبدو أن لدينا حكومة طالبان جديدة بالفعل، ولا تمثل ولا تشبه إلا نفسها”.

فإذا عادت الأمور كما كانت أيام النظام القمعي والسلطوي، فإن أي ارتباط بالجماعة يمكن أن تكون له تداعيات سيئة. إنها مخاطرة، ولن نعرف كيف ستؤتي ثمارها قبل مرور عام أو عامين”.

*عن “ميدل إيست آي”

Print Friendly, PDF & Email
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  فتور العلاقات الأردنية ـ السعودية.. ماذا بعد؟