هذا ما طلبته قيادة الجيش حماية لحقوق لبنان الغازية من الإستباحة الإسرائيلية

عندما تتعمّد اسرائيل الاعلان عن العقد الموقع بينها وبين شركة "هاليبرتون" الأميركية (Halliburton) للتنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة الحدودية البحرية المتنازع عليها مع لبنان، فان التفسيرات حول الأهداف والمغازي، تتركّز حول حدي الاستفزاز في التوقيت الصعب او الاستدعاء للعودة الى طاولة الناقورة التفاوضية.

هذا التطور استدعى اجتماعا رئاسيا في قصر بعبدا ضم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب، جرى في خلاله تدارس الخطوات المفترض ان يقوم بها لبنان لمنع الاستباحة الاسرائيلية، خصوصا اذا كان التنقيب سيحصل خارج النقطة (23) المحددة بالاحداثيات اللبنانية وفق المرسوم المودع في الامم المتحدة، في العام 2011، أي في زمن حكومة ميقاتي الثانية، ذلك “ان أي اعتراض للبنان من دون اجراء نوعي لن يكون في صالح الدولة اللبنانية”.

اول من سبق ونبّه الى خطورة عدم حسم الموقف اللبناني من مسألة الخط البحري الجنوبي، لا سيما الذي تم ابلاغه الى الامم المتحدة عبر المرسوم 6433 عام 2011، كانت قيادة الجيش اللبناني التي اوكل اليها التفاوض غير المباشر لترسيم الحدود فكانت مطالبتها بتعزيز موقف وفدها للتفاوض من خلال تصحيح المرسوم واعتماد احداثيات جديدة تجعل امكانية الوصول الى خط وسط يحفظ الحقوق والثروات اللبنانية اكثر من ممكن ومتاح.

في ظل تتالي المعلومات والتقارير الدبلوماسية التي اشارت صراحة الى النوايا الاسرائيلية والسعي الدؤوب للسطو على الثروة الغازية والنفطية في المنطقة بين نقطتي (23) و(29)، وجهت قيادة الجيش كتابا حمل الرقم (8270/ع م/أ س) تاريخ 27 تموز/يوليو من العام الحالي الى وزارة الدفاع الوطني، تطلب فيه سحب المرسوم 2011/6433 والمتعلق بترسيم الحدود المودع لدى الامم المتحدة وتصحيحه، وعمدت وزيرة الدفاع في حينه زينة عكر الى احالة الكتاب تحت الرقم (3631/غ ع/و) الى وزارة الخارجية (أي الى نفسها كونها الوزيرة بالوكالة) بتاريخ 26 اب/اغسطس من العام الحالي لابداء الرأي حول سحب المرسوم، الا ان تشكيل حكومة جديدة وضع كامل الملف في عهدة الوزير الجديد (بو حبيب) الذي يحتاج الى بعض الوقت للاطلاع على الملفات، الا انه جعل من هذا الملف “اولوية الأولويات” لديه.

ما استندت اليه قيادة الجيش في طلبها سحب المرسوم وتصحيحه، انه بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ‎2008/107 تاريخ 30ـ12ـ2008 وتعديلاته، والقرار رقم 34/ 2009 تاريخ 31ـ4ـ2009، ‏تم تشكيل لجنة مشتركة برئاسة مدير عام النقل البري والبحري في وزارة الاشغال العامة والنقل وتضم ممثلين عن: رئاسة الحكومة، وزارة الدفاع، وزارة الخارجية، وزارة الطاقة والمجلس الوطني للبحوث العلمية، لوضع تقرير مفصل حول الحدود البحرية الجنوبية للمنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية.

توصلت هذه اللجنة بتاريخ 2ـ4ـ2009، الى تحديد إحداثيات نقاط الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان من الجهات الثلاث ومن بينها الخط 23 الذي يحدد الحدود البحرية الجنوبية مع فلسطين المحتلة. وقد صدرت إحداثيات نقاط هذه الحدود كما هي بموجب المرسوم 6433 ‎تاريخ الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2011.

‏ بعد التدقيق في نص المرسوم 2011/6433، تبين أنه صدر بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء ووزير الأشغال العامة والنقل من دون استشارة مجلس شورى الدولة، خلافاً للاصول القانونية المتبعة في إصدار المراسيم. وبعد التدقيق من قبل مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش اللبناني بإحداثيات نقاط الحدود البحرية الجنوبية (الخط 23) ‎والحدود البحرية الجنوبية الغربية مع قبرص، تبين أن هذه الحدود يشوبها العديد من الاخطاء التقنية والقانونية وعلى الرغم من ذلك تم إيداعها لدى الأمم المتحدة بموجب المرسوم 2011/6433 وأهم هذه الأخطاء:

‎1- إن هذا الخط (الخط 23) لا ينطلق من نقطة رأس الناقورة المحددة بموجب اتفاقية بوليه- نيوكومب عام 1923 بين فرنسا وبريطانيا، والتي تعتبر النقطة ذاتها لانطلاق خط الحدود البرية، بل انطلق هذا الخط من النقطة رقم 18 التي تقع في البحر على بعد حوالي 28 متراً من نقطة رأس الناقورة مخالفاً بذلك قواعد ترسيم الحدود البحرية التي توجب إنطلاق هذه الحدود البحرية من النقطة التي تنتهي عندها الحدود البرية.

طلبت قيادة الجيش إجراء اللازم لناحية إيداع احداثيات نقاط الحدود البحرية الجنوبية الجديدة (الخط 29) كما حددتها قيادة الجيش بموجب الكتاب رقم 2320/ع‏ م/س تاريخ الرابع من آذار/مارس 2021،‏ بهدف حفظ الحقوق، خاصة أن العدو الإسرائيلي لا يزال مستمراً في أعمال الحفر والتنقيب شمال الخط 29 على الرغم من سير المفاوضات

2- إن النقطة رقم ‎18 تم إظهارها على خريطة بحرية تم ايداعها لدى الأمم المتحدة وتبين أنها في موقع على البر يقع شرق نقطة رأس الناقورة بمئات الأمتار عكس موقعها الحقيقي وفقاً لإحداثياتها المبينة في لائحة الاحداثيات الجغرافية المرفقة بالمرسوم 2011/6433.

‏3- إن احداثيات نقاط الخط 23 لا تقع على المسافة ذاتها من أقرب النقاط على خط الأساس اللبناني وخط أساس الدول المجاورة كما تم ذكره في محضر اللجنة المشتركة المشكلة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2008/107.

إقرأ على موقع 180  كنت في إسطنبول.. وهذا ما قلته عن احتمالات الحرب المفتوحة

‏4- إن إحداثيات النقطتين 24 و25 الواقعتين بين النقطة ‎1‏ والنقطة 23 والمبينة في لائحة الاحداثيات الجغرافية المرفقة بالمرسوم 2011/6433،‏ لا تتطابق مع موقعها على الخريطة المودعة لدى الامم المتحدة، حيث تم اعطاء إحداثيات النقطة 24 للنقطة 25 وبالعكس.

بعد التدقيق بالخريطة البحرية المرفقة بالمرسوم 2011/6433 والمودعة لدى الأمم المتحدة والتي تم إظهار حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية عليها تبين ما يلي:

‎1- أنها ذات مقياس صغير جداً (1100,000/1) وهذا ما يتعارض مع ما نصت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لا سيما المادة 16 والمادة 75 بأن يكون مقياس هذه الخرائط ملائم للتثبت من احداثيات خطوط الاساس وخطوط الحدود الناجمة عنها.

‎2- أنه سجل عليها كلمة (Israel)، وهي مودعة من قبل لبنان رسمياً في الأمم المتحدة الامر الذي كان يحتم اختيار خريطة أخرى دون ذكر هذه الكلمة عليها وبالتالي وجوب إستبدالها على الفور.

‏ بموجب المرسوم ‎2011/6433 تم تحديد الحدود البحرية الشمالية مع سوريا من قبل لبنان ومن جانب واحد من دون التشاور مع الجانب السوري بهذا الشأن، ما ادى إلى اعتراض سوريا في العام 2014 بموجب رسالة موجهة الى الأمين العام للامم المتحدة على ما أودعه لبنان من تحديد وترسيم لحدوده البحرية بموجب هذا المرسوم. وبذلك يُعتبر سحب المرسوم 2011/6433 من الامم المتحدة بادرة حسن نية تجاه الجانب السوري خاصة قبل بدء المفاوضات المرتقبة بين الجانبين في المدى القريب.

وحددت قيادة الجيش ما يجب المبادرة الى القيام به بالاتي:

أ- تكليف من يلزم ليصار الى سحب المرسوم رقم 2011/6433 والخريطة المرفقة به من الدوائر المختصة في الامانة العامة لدى الأمم المتحدة، خاصة أن هذا المرسوم صدر في العام 2011 دون استشارة مجلس شورى الدولة وكونه تشوبه أخطاء كثيرة جداً لا يمكن الابقاء عليها كما أودعتها الدولة اللبنانية في الأمم المتحدة.

‏ب- إجراء اللازم لناحية إيداع احداثيات نقاط الحدود البحرية الجنوبية الجديدة (الخط 29) كما حددتها قيادة الجيش بموجب الكتاب رقم 2320/ع‏ م/س تاريخ الرابع من آذار/مارس 2021،‏ بهدف حفظ الحقوق، خاصة أن العدو الإسرائيلي لا يزال مستمراً في أعمال الحفر والتنقيب شمال الخط 29 على الرغم من سير المفاوضات.

‏ج- إجراء اللازم لناحية التواصل مع الجانب السوري لبدء التفاوض لناحية تحديد الحدود البحرية بين الجانبين على أن يتم إيداع احداثيات نقاط هذه الحدود البحرية الشمالية بصورة نهائية بعد انتهاء عملية التفاوض، خاصة أن سوريا لم تودع حدودها البحرية مع لبنان لدى الأمم المتحدة لغاية تاريخه على عكس العدو الاسرائيلي الذي قام بإيداع حدوده البحرية مع لبنان في تموز/يوليو 2011.

Print Friendly, PDF & Email
داود رمال

صحافي لبناني

Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Nulled WordPress Themes
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  "المونيتور": خطة ثلاثية لتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل