ملاحظات برسم قيادة حزب الله.. تصويب مسار “توتال”!

"الذين ما زال عقلهم برأسهم وجاهزين أن يأخذوا ويعطوا ويناقشوا يجب أن نحترمهم ويجب أن نُجيبهم أيضاً على ملاحظاتهم". هذه الكلمات للسيد حسن نصرالله في افتتاح معرض "أرضي"، أمس الأول.

انطلاقاً من هذا الإلتزام بالنقاش والإجابة على الأسئلة والمحاذير، وبعدما أُشبع ملف الترسيم لجهة ما سبقه وما رافقه وما انتهى اليه، بالكثير الكثير من الملاحظات، من واجبي كصحافي لفت انتباه الأمين العام لحزب الله الى نقاط اساسية يجدر التوقف عندها ومعالجتها قبل فوات الأوان.

ما قبل 27 اكتوبر/تشرين الأول 2022، يوم تبادل رسائل ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي في الناقورة، ليس كما بعده. قبل 27 الحالي، كنا ننتقد الإتفاق بشكل موضوعي لكي نُحسّن ونُعظّم المصلحة الوطنية. ومن جملة ما أضأنا عليه الإصرار على إبعاد هذه الوثيقة (الرسالة) عن شبهات المعاهدة التي يسعى الإسرائيلي والأميركي والعديد من الدول لاستغلالها مع ما يُمكن أن تُحمّله للبنان من التزامات وترتيبات، وذلك بالدعوة إلى تصحيح بعض التعابير ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

-بدلاً من أن يُكتب “جمهورية لبنان ودولة إسرائيل”، كان من الأفضل أن يُكتب “الجانب اللبناني والجانب الإسرائيلي”.

-بدلاً من أن يُكتب “يتفق الطرفان” كان يمكن أن يُكتب “يتفاهم الجانبان”.

-بدلاً من أن يُرسل الإتفاق بكامله ويُسجل في الأمم المتحدة، كان من الأفضل الإحتكام الى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تدعو كل طرف لكي يُودع ـ من جانب واحد ـ الدوائر الرسمية لدى الأمم المتحدة الخرائط والإحداثيات اللازمة لنقاط الحدود البحرية.

-بدلاً من وضع شروط على شركات لبنانية تمنعها من العمل في البلوك 9 الممتد الى صيدا، كان يُمكن حصر هذا الموضوع فقط في حقل قانا وبالتفاهم مع شركة “توتال” دون ان يُذكر ذلك في نص الإتفاق مع العدو الإسرائيلي، كون النص الحالي ينتقص من السيادة اللبنانية ويحرم لبنان الى الابد من حق عمل شركات لبنانية في كامل البلوك 9، فهل يقبل العدو مثلاً بأن نضع شروطاً مماثلة على البلوك 72 المحاذي للخط 23 بحرمان الشركات الاسرائيلية من العمل في هذا البلوك؟.

-هذه الملاحظات باتت وراءنا بعد 27 الحالي، لأن ما كُتِبَ قد كُتِبَ، وكان الهدف هو التصحيح والتصويب وليس المزايدة.. لا سمح الله.

في حال تمت خطوة تعديل الإتفاق مع “توتال” الآن، وقبل البدء بالحفر، نكون قد حصلنا على حقوقنا كاملة في كامل حقل قانا، وفي حال امتناع “توتال” عن هذه الخطوة، أو إعتراض اسرائيل عليها، حينها تكون النية مبيتة للعرقلة بعد إكتشاف الحقل وتقييم الكميات الموجودة فيه، وذلك بعد حوالي سنتين تقريباً، وبالتالي نقع في نزاع قانوني

ما أود أن أتوقف عنده راهناً يتعلق فقط بالفقرة “هـ” من الجزء الثاني من الاتفاق، عسى أن يتم تدارك ما يمكن أن يوقعنا به العدو في المستقبل ولعدم تمكينه من أن يتحايل علينا بعدما يبدأ الحفر وقبل البدء بتطوير حقل قانا في حال تم إكتشاف مخزون ذات طابع تجاري. وهذا ببساطة من خلال بعض الإجراءات الضرورية والعادية والتي سوف نذكرها بعد قراءة وتحليل هذه الفقرة. أما باقي الثغرات فسوف نتطرق إليها لاحقاً في الوقت المناسب.

جاء في الفقرة “هـ” من الجزء الثاني ما يلي:

“1- يدرك الطرفان أن إسرائيل ومشغل البلوك رقم 9 يخوضان بشكل منفصل نقاشات لتحديد نطاق الحقوق الاقتصادية العائدة لإسرائيل من المكمن المحتمل”. وهذا يعني أن إسرائيل شريكة في هذا المكمن ولها حقوق اقتصادية دون تحديد أو شرح ماهية هذه الحقوق، إنما تُرك هذا الموضوع ليُحدّد لاحقاً عندما تريد ان تُعوّض “توتال” لإسرائيل عن هذه الحقوق.

“2- ستعقد إسرائيل ومشغل البلوك رقم 9 اتفاقية مالية قبيل اتخاذ مشغل البلوك رقم 9 قرار الاستثمار النهائي”. وهذا يعني أن هذا الإتفاق سيعقد بعد اتمام عملية الحفر وتقييم المكمن التي قد تحتاج إلى ما بين سنة إلى سنتين. وبالتالي كل الوعود الشفهية الحالية لن يكون لها أي اعتبار بعد عامين، بل سيتم العودة إلى ما هو وارد في النص.

“3- لا يؤثر أي ترتيب بين مشغل البلوك رقم 9 وإسرائيل على الاتفاق المبرم بين لبنان ومشغل البلوك رقم 9 ولا على حصة لبنان الكاملة من حقوقه الاقتصادية في المكمن المحتمل”. من يطلع على الإتفاق المبرم يجد أن حصة لبنان الكاملة هي فقط لغاية الخط 23، وبالتالي لا يوجد حصة للبنان جنوب هذا الخط.

“4- كما يتفهم الطرفان أنه رهن ببدء تنفيذ الاتفاقية المالية، سيقوم مشغل البلوك رقم 9 المعتمد من لبنان بتطوير كامل المكمن المحتمل حصرياً لصالح لبنان”.

وهذا يعني أنه لا يوجد أي مانع ببدء الحفر وصولا إلى تقييم المكمن وقبل التطوير، بل يهم إسرائيل أن تسرّع “توتال” في عملية الحفر، إلا أن عملية التطوير تمهيداً للإنتاج من حقل قانا، لن تتم إلا بعد موافقة إسرائيل على العقد المالي مع “توتال”، وبالتالي رهن لبنان عملية الانتاج بموافقة إسرائيلية. أما بالنسبة لموضوع عبارة “تطوير كامل المكمن حصرياً لصالح لبنان”، هذا لا يعني أن كامل حصة المكمن حصرياً تعود الى لبنان، بل فقط كامل إجراءات التطوير تكون لصالح لبنان، والكل يعلم أن مرحلة التطوير مختلفة وتسبق مرحلة الإنتاج الذي سوف يتم تقاسمه رهن الإتفاق بين “توتال” وإسرائيل التي سوف تطالب بحصتها الكاملة، وفقاً للسيادة التي تتمتع بها على الجزء الجنوبي من حقل قانا، حيث لا يوجد أي نص بهذا الإتفاق يدل على أن هذه الحصة ليست لإسرائيل وهي حصرياً للبنان كما يشاع في التصريحات الإعلامية لبعض المسؤولين.

إقرأ على موقع 180  روسيا واغتيال سليماني: أميركا أشعلت فتيل الحرب!

وبالتالي حتى يتم تدارك هذا الشرك المستقبلي ولكي لا نقع في جدال قانوني بشأن تفسير هذه الفقرة والتي سوف يكون الحكم فيها للولايات المتحدة الاميركية، وفقا لما جاء في هذا الإتفاق، والكل يعلم كيف يحكم الاميركي بين لبنان واسرائيل ولمصلحة من (خاصة في حالة “الوسيط” آموس هوكشتاين حامل الجنسية الإسرائيلية)؛ يجب على الفور أن تباشر هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان بالطلب الى شركة “توتال” بتغيير العقد الموقع معها في العام 2017 بشأن البلوك 9 ليشمل الجزء الجنوبي من حقل قانا أينما إمتد جنوب الخط 23. وفي حال رفضت “توتال” هذا الطلب نكون قد كشفنا نية “توتال” وإسرائيل حول الاتفاق المالي الذي سيعقد بينهما قبل البدء بتطوير حقل قانا في حال تم إكتشاف مخزون له جدواه التجارية. كما يجب على شركة “توتال” أن تحصل على موافقة إسرائلية لتعديل الاتفاقية مع لبنان وان لا تكون موضع نزاع مستقبلي عند توقيع الاتفاق المالي معها عند أخذ القرار النهائي بالإستثمار.

حبذا لو تم ربط استثمار لبنان لحقوله النفطية والغازية بآلية شبيهة بالإجراء الذي إعتمد في تفاهم ابريل/نيسان 1996

في حال تمت خطوة تعديل الإتفاق مع “توتال” الآن، وقبل البدء بالحفر، نكون قد حصلنا على حقوقنا كاملة في كامل حقل قانا، وفي حال امتناع “توتال” عن هذه الخطوة، أو إعتراض اسرائيل عليها، حينها تكون النية مبيتة للعرقلة بعد إكتشاف الحقل وتقييم الكميات الموجودة فيه، وذلك بعد حوالي سنتين تقريباً، وبالتالي نقع في نزاع قانوني يستلزم بدء مفاوضات جديدة برعاية أميركية، إلا أن هذه المرة يكون التفاوض وحقل كاريش خارج منطقة النزاع كونه تم التعهد بعدم تغيير إحداثيات الحدود البحرية المودعة لدى الامم المتحدة المحددة بموجب هذا الاتفاق إلا برضى الطرفين. ونكون نحن حينها تحت ضغط الحاجة لتطوير الحقل وبدء الإنتاج، على عكس ما هو عليه اليوم من حاجة إسرائيل الملحة لبدء الإستخراج من حقل كاريش، الأمر الذي بدأته إسرائيل قبيل ساعات من تاريخ إبرام الإتفاق.

تبقى نقطة أخيرة: حبذا لو تم ربط استثمار لبنان لحقوله النفطية والغازية بآلية شبيهة بالإجراء الذي إعتمد في تفاهم ابريل/نيسان 1996.

هذه الملاحظات والاقتراحات نضعها بين يدي السيد حسن نصرالله، ونعلم سلفاً انه قادر على تصويب المسار.

Print Friendly, PDF & Email
داود رمال

صحافي لبناني

Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
free online course
إقرأ على موقع 180  "المونيتور": فرصة "الترسيم" مع لبنان.. ضئيلة إسرائيلياً