ماذا يعني إصدار مرسوم قبول استقالة الحكومة.. لبنانياً؟

وفق الدستور اللبناني فإن الحكومة اللبنانية تتكوّن بصدور مرسوم تشكيلها موقعاً من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وفق الفقرة الرابعة من المادة 53 التي تنصّ على أن يصدر مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء.

بالاستناد إلى قواعد القانون الإداري، فإن مرسوم تأليف الحكومة هو بمثابة الرخصة التي بمقتضاها تمّ منح الأشخاص المعيّنين صفة الوزراء وعلى أساس هذا المرسوم أصبح بإمكان هؤلاء الوزراء ممارسة صلاحياتهم سواءً أكانت صلاحيات ضيقة (تصريف الأعمال إلى حين نيل الحكومة ثقة مجلس النواب) أو الصلاحيات الكاملة بعد نيلهم هذه الثقة.

ومن دون هذا المرسوم لا يتشكّل الكيان الدستوري المسمى بالحكومة، بل إن هذا المرسوم هو الهوية الرسمية لها وبدونه لا تستطيع الاستمرار ولا لدقيقة واحدة. والدليل على ذلك أنه عندما تكون الحكومة معتبرة مستقيلة فإنها تستمر بتصريف الاعمال، وهذه الاستمرارية تجد سندها في أن مرسوم قبول استقالتها لم يصدر بعد، وهذا ما يستفاد من اجتهاد مجلس شورى الدولة الذي ورد فيه أن “اجتهاد هذا المجلس مستقر على القول بوجوب التفريق بين استقالة الوزير الإلزامية التي يَفرض عليه الدستور تقديمها عند نزع ثقة المجلس النيابي وفق المادة 68 منه بحيث يفقد مرتكز الصلاحية الدستورية الممنوحة له من خلال جوهر النظام البرلماني ويحتم عليه الامتناع عن ممارسة أية صلاحية وزارية، وبين الاستقالة الطوعية التي يتقدم بها من تلقاء نفسه والتي غالباً ما تُعبر عن موقف سياسي معين، حيث يظل متمتعاً بثقة المجلس النيابي أي أنه يظل مسؤولاً تجاهه عن الأعمال التي يقوم بها كوزير وبالتالي تظل الاعمال الإدارية الصادرة عنه صادرة عن صاحب صلاحية، وذلك الى حين صدور مرسوم قبول استقالته (قرار رقم 246 تاريخ 2017-2018).

يمكن القول إنه من الناحية الدستورية، فإن مرسوم قبول استقالة الحكومة هو عمل قانوني مكتمل الأركان ومشروع ويكون من آثاره إزالة الحكومة القائمة وحرمانها من الحق بالاستمرار في تصريف الأعمال

بحسب هذا الاجتهاد فإن استمرارية أي وزير في ممارسة شؤون وزارته معلّقة على شرط أن لا يحجب مجلس النواب الثقة عنه أو أن لا يصدر مرسوم قبول الاستقالة.

فإذا صدر مرسوم قبول استقالة الحكومة أو الوزير فإنه حتماً يتوجب عليه أن يتوقف عن ممارسة أي مهام دستورية أو إدارية لأن هذا المرسوم يُسمى في القانون الإداري بالقرار المعاكس الذي يضع حداً لآثار قرار إداري سابق، وبصدور قرار قبول استقالة الحكومة تزول الصفة الوزارية وتلتغي الحكومة القائمة من المنتظم القانوني، وتفقد قدرتها على التقرير أو الاستمرارية في الحكم.

وبحسب الدستور اللبناني، فإن المرجع الذي يحق له قبول استقالة الحكومة هو رئيس الجمهورية مُنفرداً وذلك وفقاً للفقرة 5 من المادة 53 من الدستور التي تنصّ على أن “يصدر (أي رئيس الجمهورية) منفرداً المراسيم بقبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة”.

وهذا المرسوم بقبول استقالة الحكومة هو عمل حكومي ولا يحق لمجلس شورى الدولة التحقق من مشروعيته أو دستوريته، إذ تقتصر صلاحيته على التحقق من صدور العمل عن المرجع الدستوري المختص.

لذا وبمعزلٍ عن المفاعيل السياسية التي تنجم عن هكذا قرار، يمكن القول إنه من الناحية الدستورية، فإن مرسوم قبول استقالة الحكومة هو عمل قانوني مكتمل الأركان ومشروع ويكون من آثاره إزالة الحكومة القائمة وحرمانها من الحق بالاستمرار في تصريف الأعمال.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  مئوية لبنان الكبير تستحق الإحتفال أم الجنازة؟
عصام نعمة إسماعيل

أستاذ مادة القانون الدستوري في الجامعة اللبنانية

Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  فرنجية.. شهية مفتوحة على "لقمة الرئاسة"!