“نتائج الانتخابات الإسرائيلية لا لبس فيها، وهي تقدم صورة واضحة عن المجتمع الإسرائيلي: لقد عبَّر مواطنو إسرائيل بوضوح عن دعمهم الشديد لليمين، لبنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. وهو التيار اليميني الذي يقول بصوت واضح إن لدولة إسرائيل الحق في ممارسة سيادتها على أراضي الضفة الغربية وتعزيز تفوقها اليهودي ما بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن. وحتى ما قبل سنة 2015 كان يمكن لنتنياهو تشكيل حكومة يمينية بالكامل، يتولى فيها سموتريش وبن غفير مناصب رفيعة المستوى مثل الدفاع والأمن الداخلي. فهذا ما أمر به الناخب.
أمام هذه الخسارة لا يقف معسكر اليسار وحيداً يائساً، بل معه كل أفراد الوسط السياسي. هم الذين اعتقدوا أن في الإمكان الاستمرار في السيطرة العسكرية على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه تطبيق ديموقراطية مزدهرة داخل الخط الأخضر. منذ سنوات طويلة يصرخ المعسكر الذي أنتمي إليه بأن هذا مستحيل، وأن الجرح المتقيح للاحتلال والسيطرة على الفلسطينيين سوف ينفجر في وجوهنا. بالأمس حدث ذلك. وهذه ليست سوى البداية.
كثير من أولئك الذين يشعرون بالقلق حيال وضع المحاكم والمساواة بين المواطنين ومجموعة من القضايا الأُخرى التي على وشك أن تتغير، هم أنفسهم الذين تجاهلوا الفلسطينيين وأفعال إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. من الصعب الحفاظ على الاحتلال والسيطرة عسكرياً على ملايين الفلسطينيين وفي الوقت نفسه المحافظة على ديموقراطية ليبرالية.
لقد شكّل الصعود السريع لبن غفير، أحد سكان مستوطنة كريات أربع، والذي يؤمن بتعاليم مئير كهانا ويمدح الحاخام العنصري دوف ليئور، الرد على الوسطيين بقيادة يائير لبيد الذين ظنَّوا أنه من الممكن الاستمتاع بالحياة في تل أبيب والاستمرار في احتلال الخليل. هذا ببساطة غير ممكن، ونتائج انتخابات الليلة الماضية خير دليل على ذلك.
من الصعب الحفاظ على الاحتلال والسيطرة عسكرياً على ملايين الفلسطينيين وفي الوقت نفسه المحافظة على ديموقراطية ليبرالية
في النتائج المقلقة للانتخابات، هناك أيضاً نقطة مضيئة. آن الأوان لتتوقف إسرائيل عن التظاهر أمام نفسها وأمام العالم، فاعتباراً من اليوم، لم يعد من الممكن إخفاء حقيقة أن إسرائيل هي دولة عنصرية، وأن أغلبية مواطنيها تؤيد نظام الفصل العنصري في الأراضي المحتلة. في الحكومة المقبلة لن يكون من يحاول إخفاء ذلك كما فعل لبيد وبني غانتس. ومن المفترض أن تكون الحكومة التي ستتشكل قريباً وفية للمبادئ التي انتُخبت من أجلها: وهي استمرار السيطرة العسكرية على الفلسطينيين، وتوسيع المشروع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، وغياب الحل السياسي.
مرة أُخرى، الفلسطينيون هم الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات. فقد تلقى أملهم في الاستقلال والحرية ضربة قاصمة، وربما ضربة قاتلة. ومع ذلك، يمكنني أن أؤكد لهم أن هناك معسكراً في إسرائيل، وإن كان صغيراً، ومادام يعيش هنا، سوف يبذل كل ما في وسعه للنضال قانونياً دفاعاً عن حقوقهم وحريتهم واستقلالهم. سنواصل قطف الزيتون مع المزارعين الفلسطينيين الذين يعانون جرّاء عنف المستوطنين، وسنواصل المجيء إلى الحواجز لتوثيق معاناتهم، وسنواصل الصراخ داخل إسرائيل مطالبين بإنهاء الاحتلال دفاعاً عن مصلحة كل الناس الذين يعيشون هنا بين البحر والنهر” (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).
(*) نير أفيشاي كوهين – كان سابقاً عضواَ في حركة “ميرتس” وناطقاً بلسان حركة “لنكسر الصمت”.