حسب المصادر الايرانية، فإنّ قاعدة “عقاب 44” في “مقر خاتم الأنبياء”، ستكون قادرةً على استقبال المقاتلات الجديدة من طراز “سوخوي 35” القادمة من روسيا قريباً، ما يعطي لهذا الاعلان بعداً استراتيجياً مضاعفاً في ظل مناخ التوتر الإقليمي والدولي الحالي.
ووفق المصادر إياها فإن مثل هذه القاعدة “لا يمكن اختراقها أو تدميرها لأنها بنيت على عمق يتراوح بين مائة وخمسمائة متر تحت الارض وذلك من أجل الحفاظ على جهوزيتها الدفاعية في أصعب الظروف”.
وبحسب تصريحات اللواء محمد باقري، رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية، فإن هذه القاعدة “تقع في اعماق الجبال حيث لا يمكن ان تؤثر عليها اي قنابل أو أسلحة، ولديها القدرة على الحفاظ على المعدات الاستراتيجية وأسلحة القوات الجوية وتحسين القدرة العملانية للقوات الجوية لتدمير الأعداء”.
ولكن لماذا أزاحت إيران الستار عن هذا الإنجاز العسكري الآن؟
كما بات معروفاً، نظّم الجيشان الإسرائيلي والأمريكي، قبل حوالي الأسبوعين، مناورة عسكرية كبيرة هي الثانية في غضون أقل من ثلاثة أشهر، وصفها الإعلام الإسرائيلي بأنها “الأهم على الإطلاق”، وتحاكي هجوماً مشتركاً ضد مواقع نووية في إيران، بينها تدمير أهداف محمية تحت الأرض.
وقد جاء الاعلان عن قاعدة “عقاب 44” بالتزامن مع إنتهاء المناورات الأمريكية الإسرائيلية المشتركة، وهذا البعد ألمح إليه اللواء محمد باقري بقوله إن بلاده “لن تتوانى عن ضرب اي قاعدة عسكرية تنطلق منها اهدافاً معادية لإيران في أي بلد كان”، وتوقف عند أهمية القواعد العسكرية المحصنة تحت الأرض، قائلاً “العدو يعتقد أنه باستعمال سلاح الجو واستغلال تفوقه الجوي، يكون قادراً على تدمير القواعد الجوية والملاجئ والمدارج الجوية الايرانية وتنفيذ عدوانه بسهولة، لكن إيران لن تكون هدفاً سهلاً للعدو”، على حد تعبيره.
هل “عقاب 44″ و”آرش 2” والمناورات العسكرية المشتركة الأمريكية الإسرائيلية هي مؤشرات حتمية للحرب أم لمنع الحرب، وهل سنشهد المزيد منها من الآن وحتى 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023 موعد إنتهاء كل القيود المفروضة على إيران، بموجب إتفاق العام 2015، بحيث تصبح طهران بدءاً من 19 تشرين الأول/أكتوبر قادرة على بيع أو إستيراد الأسلحة؟
ما هو عدد القواعد التي بنتها إيران وماذا سيكون تأثيرها؟
لم يتم الإعلان عن العدد الدقيق لهذه القواعد، إذ درجت العادة أن تحافظ إيران على سرية الأمر بعنوان “مفاجآت الحرب”. ومع ذلك، كشف الحرس الثوري الإيراني والجيش الإيراني حتى الآن عن أربع مدن عسكرية تحت الأرض يتم فيها الاحتفاظ بالطائرات والصواريخ البالستية والطائرات من دون طيار والمُسيرات الاستراتيجية.
وحسب خبير عسكري إيراني، “من أهم مبادئ التفوق العسكري في أي حرب هي حماية المعدات الاستراتيجية وصيانتها، وقد حاولت إيران الامتثال لهذا المبدأ من خلال بناء قواعد عسكرية تحت الأرض للحفاظ على تفوقها في حال إندلاع أي حرب”. وفي هذا الاطار، يقول اللواء محمد باقري: “سيستمر بناء القواعد العسكرية الآمنة.. وقوة الردع ستصبح أقوى يوماً بعد يوم”، حسب تعبيره. وقبيل ساعات من إزاحة الستار عن قاعدة “عقاب 44″، كان لافتاً للإنتباه إعلان إيران عن إمتلاكها مُسيّرات بمديات إستراتيجية تصل إلى ألفي كيلومتر، في إشارة إلى قدرة المُسيّرة “آرش 2” الجديدة على الوصول إلى تل أبيب وحيفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حسب قائد القوة البرية في الجيش الإيراني، العميد كيومرث حيدري.
هل “عقاب 44″ و”آرش 2” والمناورات العسكرية المشتركة الأمريكية الإسرائيلية هي مؤشرات حتمية للحرب أم لمنع الحرب، وهل سنشهد المزيد منها من الآن وحتى تاريخ الثامن عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2023 موعد إنتهاء كل القيود المفروضة على إيران، بموجب إتفاق العام 2015، بحيث تصبح طهران بدءاً من 19 تشرين الأول/أكتوبر قادرة على بيع أو إستيراد الأسلحة؟ وهل يمكن أن تتوصل الأطراف الرئيسية في محادثات فيينا إلى نتيجة مرضية حول كيفية إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 قبل هذا التاريخ؟ وهل يمكن أن نشهد تدحرجاً بعد هذا التاريخ، وهل “الضغط على الزناد” سيكون سياسياً عبر نقل ملف إيران مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات جديدة أم ربما يتخذ الأمر أبعاداً عسكرية؟ وماذا عن جدول الأعمال الإيراني الأمريكي المتصل بقضية إستخدام الجيش الروسي مُسيرات إيرانية الصنع في الحرب مع أوكرانيا؟
في هذا السياق، يقول أبو الفضل عمووي المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي إن إيران “مستعدة لمواصلة المفاوضات. ونص الاتفاقية جاهز لكن على الطرف الآخر أن يكون مستعدا لتجاوز الضغوط السياسية”.
بدوره، يقول رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن الفضاء مناسب للتعاون والاتفاق مع إيران، ويضيف: “أنا مصمم على إحياء العلاقة مع إيران برغم هشاشة الاتفاق النووي”، مؤكداً أن المحادثات النووية “لم تنقطع، لكنها في وضع هش”.
ويؤكد جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي أن خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) لم تمت بعد، وأضاف بوريل: “الصفقة (ليست ميتة) لكن الأمر متروك لمحاولة إبقائها على قيد الحياة”.
وعلى الرغم من كل المشاكل الداخلية في إيران والأزمات الإقليمية والدولية وهتافات الحرب الإسرائيلية ضد إيران والحرب الروسية الأوكرانية، فإن إيران وأمريكا وأوروبا، ما زالوا مستعدين للتوصل إلى اتفاق لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة 2015. لكن إذا لم يحدث هذا قبيل 19 تشرين الأول/أكتوبر، هل نكون على موعد مع تطورات من نوع جديد؟