“علمت صحيفة “يسرائيل هَيوم” من مصادر إسرائيلية أن الذخيرة التي تحتفظ بها الولايات المتحدة منذ سنوات عديدة في مستودعات الطوارىء في إسرائيل تقلصت، وليس معروفاً متى سيتم تجديدها. وكما نُشر في مطلع هذا العام أن جزءاً من الذخيرة المحتفَظ بها في البلد منذ سنوات عديدة نُقل إلى أوكرانيا لمساعدتها في حربها ضد روسيا.
رسمياً، المقصود هو مخازن سلاح تابعة للجيش الأميركي ومخصصة لاستخدامه وتعتبر منشآت تتمتع بحصانة ديبلوماسية أميركية. مع ذلك، فقد كان هناك تفاهم صامت بين الدولتين لسنوات طويلة بأن الغرض من مخازن السلاح في إسرائيل هو مساعدتها في حالة الطوارىء، كوقوع هجوم مشترك للجيوش العربية، كحرب يوم الغفران (حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973).
ووفقاً لعدد من المصادر، جرى إخراج جزء من محتويات هذه المخازن من البلد خلال الأشهر الأخيرة عبر ميناء أشدود. وكانت تجري عمليات النقل خلال أمسيات يوم السبت من أجل عدم لفت إنتباه الناس بالقدر الممكن إلى وجودها. استمر إخراج الذخيرة الذي بدأ خلال ولاية حكومة بينت – لبيد حتى الأسابيع الأخيرة. وقالت مصادر إسرائيلية وأجنبية لـ”يسرائيل هَيوم” إن خلفية الخطوة الأميركية هي النقص في الذخيرة والاحتياط في الغرب كله بسبب استمرار الحرب في أوكرانيا.
“تغيير في الأولويات“
وأشار مصدر أمني إلى أن ما يجري هو قرار من البيت الأبيض بنقل الموارد من إسرائيل إلى جبهة أخرى. مع ذلك، وعلى خلفية تصاعد التوترات الأمنية في الأسابيع الأخيرة، أخذ إخراج الذخيرة الأميركية من إسرائيل مغزى مختلفاً. وبحسب المصدر فـ”المقصود هو احتياط من الذخيرة موجودة في إسرائيل في وقت الحرب. وهذه الخطوة تتخذ مغزى أكبر بكثير إزاء التهديدات التي تواجهها إسرائيل في مختلف الساحات”.
وقد وافق مصدر أميركي على هذا الكلام، وقال للصحيفة إنه من غير المعروف في هذه المرحلة متى سيُجدّد المخزون، ورأى أن هذا الأمر يتعلق بوتيرة إنتاج السلاح في الولايات المتحدة، ومعنى ذلك أنه ستستغرق وقتاً طويلاً. وما يجري لا يتعلق بموضوع القدرة الأميركية فقط، بل أيضاً بتغيير أولويات الولايات المتحدة على الساحة الدولية في الوقت الذي تُحوِّل إدارة جو بايدن قدرتها واهتمامها من الشرق الأوسط نحو المواجهة مع الصين وأوكرانيا.
ووفقاً لمصادر رفيعة المستوى سابقة في المؤسسة الأمنية، فإن سُلّم الأولويات الجديد لبايدن في الشرق الأوسط – كالبرودة التي أبداها هو نفسه حيال بنيامين نتنياهو عندما أعلن أنه لن يدعوه قريباً إلى زيارة البيت الأبيض – ستكون له تداعيات مباشرة على إسرائيل في مواجهة دول المنطقة. كما أن سلوك البيت الأبيض إزاء السعودية ودول الخليج يسمح لإيران بالاستمرار في تعاظم قوّتها، ويدفع بدول الخليج إلى حضنها، ويحوّل الصين إلى اللاعب الأكثر أهمية في الساحة.
على خلفية تصاعد التوترات الأمنية في الأسابيع الأخيرة، أخذ إخراج الذخيرة الأميركية من إسرائيل مغزى مختلفاً. وبحسب المصدر فـ”المقصود هو احتياط من الذخيرة موجودة في إسرائيل في وقت الحرب. وهذه الخطوة تتخذ مغزى أكبر بكثير إزاء التهديدات التي تواجهها إسرائيل في مختلف الساحات”
إن القلق الأساسي في إسرائيل ناجم عن “توحيد الساحات”، حيث ستجد إسرائيل نفسها في إطاره في مواجهة تحرك أعدائها في الداخل والخارج في آن معاً ضدها بتوجيه من إيران. في وضع كهذا، ستجد إسرائيل نفسها في مواجهة مع حزب الله وسوريا في الشمال، وفي مواجهة “حماس” في غزة وفي الضفة الغربية.
تطرّق رئيس “الشاباك” رونين بار في يوم إحياء ذكرى قتلى الجيش الإسرائيلي إلى هذا الواقع الأمني المُعقد الذي يمكن أن تجد إسرائيل نفسها فيه، وقال: “إنه أمر معقد؛ مِنْ خلاف قوي داخلي وتطور تهديدات جديدة من الخارج، وتخوف من توحيد الساحات وتزايد التحديات”.
ذخائر بـ 47 مليار دولار
أصبح الاستخدام الكثيف لسلاح المدفعية من الخصائص البارزة التي تميز الحرب الأوكرانية. وقد اضطُرت الولايات المتحدة، من أجل تأمين قذائف من عيار 155 ملم، إلى مد يدها إلى مخازن الاحتياط الموجودة على أراضي الدول الحليفة لها. بالإضافة إلى إسرائيل، توجهت واشنطن إلى سيول، وقد أعربت كوريا الجنوبية عن استعدادها لإخراج الذخيرة من مستودعاتها، لكن بسبب القيود المفروضة على التصدير الأمني، عارضت سيول نقل القذائف مباشرة إلى أوكرانيا.
تُعتبر الولايات المتحدة المزود الأكبر لكييف بالمساعدة العسكرية. وبالاستناد إلى معهد كيل للاقتصاد العالمي (Kiel Institute for the World Economy) الذي يتابع المساعدة إلى أوكرانيا، فقد زودت إدارة بايدن خلال السنة الأولى للحرب، أو وعدت بتقديم ذخيرة تُقدّر قيمتها بـ47.7 مليار دولار. وكانت الولايات المتحدة هي الأولى في تقديم ناقلات الجنود المدرعة (2960 من مجموع 4697)، والمنظومات المدفعية (214 من مجموع 675)، والمنظومة الصاروخية (38 من مجموع 125)، والطوافات (20 من مجموع 44). (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).