“المركز اللبناني للطاقة”.. إدارة رديفة بموازنة بلا رقابة!

هكذا يبدأ الخبر: في 4 نيسان/أبريل 2023، قرّر رئيس المركز اللبناني لحفظ الطاقة (LCEC) بيار الخوري ومستشار وزراء الطاقة داني سماحه خلق شركة. وهكذا صار. فكانت(Energy 1618 SAL)، ونشاطها الرئيسي أنشطة الخبرة الاستشارية.. وغيرها.

بين 20 و22 أيلول/سبتمبر 2023، نظّمت (1618 Energy) مؤتمر بيروت للطاقة “(Beirut energy week) بالشراكة مع المركز اللبناني لحفظ الطاقة.

كان بيار الخوري إذاً متواجداً في (Energy 1618) كشريك، وفي الـ(LCEC) كرئيس. بعد المؤتمر، استُدرك الوضع وما قد يستتبعه من شبهات فساد وتضارب مصالح.. سُحب اسم بيار الخوري من سجلّ الشركة التجاري، واستبدل بالمحامي فيليب مخيبر.

ليس المؤتمر، وكيف هُرّب تنظيمه لصالح (1618 Energy)، وكيف غُيّر اسمه من (International Beirut Energy Forum)، وما يدور في فلكه من أموال طائلة ورعايات تنوّعت بين ذهبية وفضية وبرونزيّة من كارتل الشركات المستوردة للنفط، هو موضوع حديثنا. القضيّة تتمحور حول النهج الذي يتبعه رئيس المركز اللبناني لحفظ الطاقة بيار الخوري في قطاع الطاقات المتجدّدة.

“المركز” يحل محل مديرية الطاقة المتجددة

في العام 2002، وقّعت وزارة الطاقة والمياه وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) اتفاقية لإنشاء مشروع “كفاءة الطاقة الشاملة”.

انتهى المشروع في العام 2007. وحتى لا يبقى عاطلاً عن العمل ويضطر إلى إغلاق أبوابه، أمّنت وزارة الطاقة في العام 2008 للمركز تمويلاً من الاتحاد الأوروبي، فضمنت ديمومته وذلك للعمل على قانون حفظ الطاقة، والطاقة المتجدّدة ومأسسة المركز اللبناني لحفظ الطاقة. أنجز مشروع القانون لكنه بقي في الأدراج. أما المركز، فلم يتمأسس وبقي يعمل في إطار غير مقونن وبلا اية رقابة.

في العام 2011، أُسست الجمعية المسمّاة “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” (The Lebanese Center For Energy Conservation). كان الهدف الأبرز من وراء إنشائها مساعدة الجهات الرسمية، بالأخص وزارة الطاقة والمياه في إعداد التشريعات المتعلّقة بحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها وترشيد استهلاكها، وتلك المتعلّقة أيضاً بالطاقات المتجدّدة. أما عنوان الجمعيّة الرئيسي فكان ولا يزال وزارة الطاقة والمياه، الطابق الأول.

في كانون الأول/ديسمبر 2023، أقرّ مجلس النواب اللبناني قانون الطاقة المتجدّدة الموزّعة. لكنّ المريب هو حصر تطبيقه بوجود الهيئة الناظمة للكهرباء (المفترض تعيينها منذ العام 2002 سنداً إلى القانون 462/ 2002)، وبإنشاء مديريّة الطاقة المتجدّدة ضمن مؤسسة كهرباء لبنان. وإذا كانت الحكومات المتعاقبة منذ 22 عاماً قد عرقلت تعيين أعضاء هيئة تنظيم القطاع لانتزاع صلاحياتها، فلا شكّ أنّ “المركز” يريد الحلول مكان مديريّة الطاقة المتجدّدة.

منذ اليوم الأول لتأسيس “المركز” وهو يتخطى المواضيع المُناطة به؛ فنراه يؤدي دور إدارة رديفة. بالتالي هكذا ارتكابات تُرتّب على صاحبها وعلى من فوّضه، وفقاً للقانون، عقوبات جزائية بجرم انتحال صفة رسمية ومصادرة صلاحيات وظيفية تعود إلى الإدارة العامة وذلك لأهداف الاستفادة في قطاع الأعمال “الخاصة”

في 11 كانون الثاني/يناير 2024، وبعد صدور قانون الطاقة المتجدّدة، تغيّرت غاية جمعيّة “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” لتصبح على النحو التالي:

– الاهتمام بجميع الأمور المتعلّقة بالطاقات المتجدّدة (الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، الطاقة الكهرومائية، وغيرها) وبحفظ وكفاءة الطاقة وترشيد استهلاكها، والانتقال الطاقوي.

– مساعدة الجهات الرسمية وخصوصاً وزارة الطاقة في إعداد التشريعات المتعلّقة بحفظ الطاقة.

– إعداد واقتراح “الخطة الوطنية لكفاءة الطاقة” و”الخطة الوطنية للطاقة المتجدّدة”، وسائر الخطط اللازمة.

– إعداد وتدريب المهتمين بحفظ الطاقة والتدقيق الطاقوي.

– تنفيذ المهامّ والمشاريع ذات الصلة بحفظ الطاقة.

بمعنى أبسط، حرص من يمثّل الجمعيّة على ذكر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقات الكهرومائية وغيرها بصراحة. كما أدرج إعداد واقتراح “الخطة الوطنية لكفاءة الطاقة” و”الخطة الوطنية للطاقة المتجدّدة” و”سائر الخطط اللازمة” في التعديل، الأمر الذي يُجيز للمركز مستقبلاً توسيع بيكار مشاريعه. وبما أنّ المركز يُقدّم المشورة للوزارة، ويُحيطها بالخبرات المطلوبة، فذلك يعني أنّ القرار التنفيذي، سيبقى مغتصباً من قِبل الوزير و”مركزه”، طالما أن الهيئة الناظمة غير موجودة.

“المركز” نموذج الإدارة الرديفة!

تطوّرت مصالح “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” وصلاحياته خلال الأعوام التي أعقبت تأسيسه. سوّق نفسه، بالتواطؤ مع وزراء الطاقة المتعاقبين على أنه جمعية بامتيازات حكوميّة. فهو جمعيّة غير ربحية عندما تقتضي شروط التمويل. وهو منظّمة حكومية تابعة لوزارة الطاقة وذراعها الفني في ما خصّ كفاءة الطاقة المتجدّدة للقطاعين العام والخاص اذا اشترطت المنحة أو الهبة ذلك. بهذه البساطة، خُدعت غالبية الجهات المانحة التي تعاملت مع “المركز اللبناني لحفظ الطاقة”. وبهذه الطريقة أخذ “المركز اللبناني” معظم الأموال والمنح والمساعدات الدولية المخصّصة للطاقات المتجدّدة من دون أن يخضع لا لرقابة مسبقة ولا حتى رقابة لاحقة. حتى أنّه حظيَ بمساهمات من الموازنات العامة، وبالرغم من ذلك لم يتمأسس.

وما تزال جمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقـة” (LCEC) تنتحل صفة حكومية لجذب الدعم الدولي “ماليّاً”. تستبيح وضع دفاتر شروط لاستدراج عروض إنشاء معامل إنتاج كهرباء من الشمس والهواء والماء بالإنابة عن وزارة الطاقة والمياه. تسلب دور دراسة العروض المقدّمة لإجراء المفاوضات مع الشركات وإنجاز العقود. تختزل دور وزارة الطاقة ومديرياتها ومعها دور إدارة المناقصات وهيئة الشراء العام وكهرباء لبنان، حتى باتت هي من يضع الخطة الوطنية للطاقة المتجدّدة وتتفاوض مع الشركات وتُحدّد الأسعار وتُدير ملف إنشاء معامل بملايين الدولارات. وتنتهك إعطاء الرخص، بالرغم من أنّ ما أولاه القانون (288/ 2014) لمجلس الوزراء من صلاحية تعود للهيئة الناظمة في مجال إعطاء التراخيص لا يمكن فصله عن موجبات هذه الهيئة في ذات المجال، التي نصّ عليها القانون (462/ 2002)، بحيث لا يجوز اعتماد آليات خاصة من خلال لجنة تؤلّف وتضم أعضاءً من خارج الإدارة وجمعية خاصة لا تبغي الربح، تُقيم في مبنى وزارة بصيغة غير قانونية، وغير بريئة الذمة عن مساهمات حصلت عليها من الدولة تخطت الـ14 مليون دولار، ولم تقدّم حساباتها عنها إلى ديوان المحاسبة.

إقرأ على موقع 180  قراءة في الحراك الإحتجاجي: محاولة لم ترق الى إنتفاضة  

منذ تسجيله كجمعية، و”المركز الوطني لحفظ الطاقة” يحارب مأسسته بالرغم من ضمّه لأصحاب الخبرات والكفاءات التي ساهمت في تطوير القطاع في ظلّ غياب “الدولة”. منذ اليوم الأول، و”الجمعية” المسجّلة تتخطّى المواضيع المُناطة بها: فنراها تؤدي دور إدارة رديفة. بالتالي هكذا ارتكابات تُرتّب على صاحبها وعلى من فوّضه، وفقاً للقانون، عقوبات جزائية بجرم انتحال صفة رسمية ومصادرة صلاحيات وظيفية تعود إلى الإدارة العامة وذلك لأهداف الاستفادة في قطاع الأعمال “الخاصة”.

متى يُختتم الخبر بـ:”اعتبار موظفي المركز اللبناني لحفظ الطاقة، وبشكل خاص مديره، أشخاصاً مكشوفين سياسياً، ويكونون خاضعين لموجب التصريح عن الذمّة المالية، لا سيّما وأن المركز يُجري مناقصات واستدراجات عروض ويُنفّذ مشاريع لها الطابع العمومي”.

أو أن القصة، كل القصة تنتهي بـ:”تلبيس المركز دور مديرية الطاقة المتجدّدة، فتتمأسس في نهاية المطاف ويندمج فريق المركز في الإدارة الرسمية ويُبرىء ذمته عن كلّ الملايين التي تصرّف بها بلا أية رقابة”؟

Print Friendly, PDF & Email
إيڤون أنور صعيبي

كاتبة وصحافية لبنانية

Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  عيد التحرير للبنان كلّه وليس لطائفة أو حزب