أشكال وألوان.. الصيام

يتوقف الإنسان عن الطعام لألف سبب وسبب، وإذا استثنينا الامتناع القسري عن الطعام في ظروف الشحّ والفقر، فإننا نجد، منذ فجر التاريخ، أنواع صوم كثيرة. هناك الصوم الديني والصوم الروحاني والصوم السياسي والصوم العلاجي وأنواع من الصيام المتقطع الذي يجري على قاعدة صوموا تصحوا.

جميع الشرائع المعروفة في التاريخ اعتمدت الصوم كوسيلة عبادة. وصام المؤمنون يوم يطلع القمر ويوم يصبح بدراً، ويوم خسوف أو كسوف الشمس. وفي فجر الإنسانية صام المصريون على شرف الآلهة. وارتبط صوم اليونانيين باحتفالات وطقوس غامضة شاركت بها النخبة. أفلاطون وسقراط صاما لمدة عشرة أيام. وبيتاغورس مارس الصوم وألزم تلاميذه بالصوم 40 يوماً قبل قبولهم في الصف. وشهدت روما القديمة تنظيماً لصوم العامّة على شرف آلهة الحصاد. وخصّصت الطوائف الهندوسية أياماً محددة للصيام الذي كان يتم في النهار والتعبّد في الليل. طائفة منهم حدّدت أياماً لصوم النساء فقط. كما تنوّعت أشكال الصيام بحسب الطبقات الاجتماعية والعمرية، وأيضاً، بدرجة تقوى الصائمين. وفي كل هذه الحالات كانت أيام الصيام مبعثرة على مدى السنة.

***

في التاريخ الحديث، إستعمل الصيام كأداة احتجاج وضغط على السلطة بهدف تحقيق أهداف سياسية. هذا ما فعله مارتن لوثر كينغ وكثيرون في خضم النضالات السياسية. وهذا ما يلجأ إليه باستمرار الأسرى الفلسطينيون في معارك “الامعاء الخاوية” في السجون الإسرائيلية، وفعله السجناء السياسيون في إيرلندا، كما الأب بيار في فرنسا. ولا بد من التذكير أن غاندي صام 17 مرة في نضاله من أجل استقلال الهند، ودام أطول صومٍ له 21 يوماً.

وتشترك الأديان، اليهودية والمسيحية والإسلامية، في وضع الصيام في صلب الممارسة الدينية للمؤمنين. فكان على الدوام بمثابة اختبار طوعي لتقرّبهم من الخالق ومدرسة روحية لتهذيب النفوس أو مناسبة لتوطيد التألف بين فئات المجتمع الغنية والفقيرة.

الصوم في الديانة اليهودية

في تاريخ الدين اليهودي، أن النبي موسى صام أربعين يومًا قبل أن يتلقى وصايا الله. وكان الصيام عندهم يرمز ويتوافق مع مناسبات الحداد والحزن أو كوسيلة تضرّع لدرء الأخطار والنكبات. واقتصر الصوم المقرّر في الديانة الموسوية في يوم الكفّارة أو عيد الغفران بقصد التطهّر من الخطايا. وقد عرفوا أياماً مُحدّدة للصوم كانت ترتبط بذكرى حوادث تاريخية أليمة في تاريخهم، لكنها لم تكن إلزامية. وشاعت أيامٌ يكون الصيام فيها كفّارة لأسباب شخصية أو إثر رؤية أو وفاءً لنذر. كما نجد أيام صيام تشترك فيها جميع الفئات الشعبية لكنها كانت تختلف باختلاف الأقاليم الجغرافية.

باختصار، يبدأ الصوم عند اليهود عند شروق الشمس وينتهي في الليل، ويمتنع خلاله المؤمنون عن الأكل والشرب والعمل والاستحمام وممارسة الجنس.

الصوم يُسلّط الضوء على مسؤولية الصائم تجاه صحته. فالصوم سيُدخل الجسم في نظام غذائي جديد. وستكون كل العادات الغذائية تحت المجهر. وهي فرصة ثمينة للاستفادة من الطاقة النفسية التي يُوفّرها الصوم لبناء عادات غذائية جديدة ونمط سلوكيات صحية حميدة

الصوم في الديانة المسيحية 

في التاريخ ثمة رواية أن السيد المسيح صام عن الطَّعام لِمُدَّة أربعين يوماً، لكِنَّهُ لَم يَصُم عن الماء. وضع المسيح مبادئ الصوم ولم يُشرّع أحكاماً تطبيقية. ويُعتبر الكتاب المقدس الصوم وسيلة توبة وتقرّب من الروح القدس، وطريقاً إلى الروحانية.

فضلاً عن الصوم الكبير الذي يدوم أربعين يوماً تسبق عيد الفصح، ظهرت نزعة مغالاة في الممارسة نبذت الاعتدال ورفعت القطاعة عن اللحوم إلى مستوى المثل العليا. ففرضت القطاعة عن اللحم نحواً من نصف أيام السنة. وبانتهاء القرن المسيحي الأول ونصف قرن، أضاف عدد من رجال الكنيسة صوماً لمقاومة الإغراءات المادية والجنسية.

وكان المسيحيون الأوائل يصومون يومي الأربعاء والجمعة. لكن مع مرور الزمن، برزت اختلافات جزئية في طرق الصوم بين المذاهب المسيحية. بعضها كان يُنهي ويفطر عند الفجر، والبعض الآخر عند حلول الليل. ومنهم من يُمسك عن تناول أية لحوم خلافاً للذي يجتزئ بالسمك والطيور، أو يُضرب عن البيض. واختلفت عادات الصيام باختلاف الأقاليم، فكان صيام روما مختلفًا عن صيام الاسكندرية.

وفيما بعد حدّدت الكنيسة الانجليزية أيام الصيام، لكنها لم تضع قواعد للصائمين تاركة المسؤولية لضمائرهم. لكن البرلمان الانجليزي فرض الإمساك عن اللحوم بشكل غير مباشر، عبر تشجيع صيد الأسماك والتجارة البحرية لأسباب اقتصادية.

والجدير ذكره أن القواعد الحالية للصيام والامتناع عن ممارسة الجنس، وضعت في عهد البابا بولس السادس. فبات المؤمن يمتنع عن أكل اللحوم أو يتناول وجبة واحدة فقط وبدون أي قيد على الشراب، كل يوم جمعة خلال الصوم الكبير، ويصوم يوم أربعاء الرماد ويوم الجمعة العظيمة.

الصوم في الإسلام

وكان العرب يصومون في الجاهلية صوم الرمضاء وهي عادة كانت دارجة في الجاهلية وعندما جاء الإسلام فرض الصيام طوال شهر رمضان من كل عام.

والصوم هو أحد أركان الإسلام الخمسة. جعله القرآن الكريم فريضة على المسلمين بدلالة آياته التي فصّل فيها قواعده التطبيقية:

(يَا أَيُّها الَّذِين آمَنُوا كُتبَ عَلَيكمُ الصِّيَامُ كما كُتِبَ على الَّذِينَ مِن قَبلِكم لَعَلَّكمْ تَتَّقُون)،(أَيَّامًا مَعدوداتٍ فمَن كانَ مِنكمْ مَرِيضًا أَوْ على سَفرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طعامُ مِسْكِينٍ فمَنْ تَطَوَّعَ خيرًا فهو خيرٌ لَهُ وأَنْ تَصُومُوا خيرٌ لَكمْ إِنْ كنتمْ تَعْلمونَ)،(شَهرُ رمضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وبيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى والفُرقَانِ فمَنْ شَهِدَ مِنكمُ الشَّهْرَ فليَصُمْهُ ومنْ كان مَرِيضًا أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيد اللَّهُ بِكمُ الْيُسْرَ وَلَا يُريدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ولعَلَّكُمْ تَشْكُرونَ).

لكن بالإضافة إلى صوم شهر رمضان نجد أيام صيام مستحبّة أو صوم النفل الزائد عن الفرض، منها صيام ستة أيام من شهر شوال، وشهر محرم، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم يوم عرفة لغير الحجيج. بالإضافة إلى صوم القضاء عن الأيام التي لم يستطع المرء الصيام فيها أو الصوم لوفاء النذر أو الكفّارة. لكن الإسلام حرّم الصوم في أيام عيدي الفطر والأضحى. ووضع الإسلام شروطاً للصيام من الواجب توفرها، وهي البلوغ والعقل والصحة والإقامة. وعفا من صيام شهر رمضان الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات والنساء خلال فترة الحيض ومن كان على سفر.

ويمتنع المسلمون عن الشراب والطعام والتدخين وممارسة الجنس، من شروق الشمس إلى غروبها.

الصوم الروحاني

ثمة من يصوم من باب الزهد والسمو كالنسّاك في الصين والهند والأولياء المتصوفين. يسعى هؤلاء للولوج إلى حالة روحية من الرضا والتصالح مع الذات والتفكّر بالنصوص المقدسة والابتعاد عن الشهوات والملذات. فالتأمل يعطي طاقة نفسية جديدة تزيد من قدرة الصائم على التحّكم بذّاته، وتُدخله في حالة من الترفع عن الماديات، تُحرّره من سيطرة رغبات الجسد وتجعله يدرك أعلى درجات السمو والإتصال الوجداني بالرب.

وعند الصوفية، نجد في «إحياء علوم الدين» للغزالي أن الصيام هو مبدأ سلوك للتقرّب من الله، وله “درجات ثلاث، صوم ُالعموم وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص. أما صوم العموم فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة. وصوم الخصوص هو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام. وأما صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية..” فالصوم إذن ليس مجرد الإمساك عن المفطرات إنما هجر مستمر للطيبات واستشعار القرُب من الله. وفيه تتغلب الروح على شيطان الجسد. وله بهذا المعنى أثرٌ عظيمٌ في تنقية النفس من الأنانية والحسد والعدوانية وفي التحلي بالأخلاق الحميدة.

وفي كتاب الطب الروحاني لمحمد بن زكريا الرازي نجد “أن الإنسان فُضّل على الحيوان بالعقل وملكة الارادة واطلاق الفعل بعد الروية. ولولا ذلك لكناّ كالبهائم والمجانين. إن أشرف الأصول قمع الهوى ومخالفة ما يدعو اليه الطباع وتمرين النفس على ذلك“. وحذّر الرازي من الشره والنهم، لأنهما من العوارض الرديئة والمضرة التي تجلب سوء الهضم.

والصيام الذي دعا إليه كمال جنبلاط يمزج الروحاني بالصحي معاً. فالتّغذية المنضبطة تُعطي الجسد فرصة أفضل للتجدد. فالصيام هو “حمّام الجسد الداخلي، ويضفي على العقل والحواس الصفاء والتجرد“، فالإنسان ”كٌّل لا ينفصُل جسدُه وحواسُه عن فكرِه“ لأنه ”نتاج ما يأكل ويشرب“. وكان ينصح بالأطعمة النباتية. لأن الغذاء الذي يُكثر اللحوم يجلب السموم. فهناك ”علاقة بين الإكثار من التغذية باللحوم ونزعات العنف التي تستشري في عالم البشر المتحضّر“. وخصّص كمال جنبلاط في كتابه الشهير “أدب الحياة” باباً تحت عنوان أدب الصيام. وفيه كتب عن الغذاء وأنواعِ الطّعام وطريقة تناولها وحاجات الجسم، وعن العلاقة الجدلية بين الغذاء الصحيح وسلوك الإنسان من خلال تنمية شخصية الإنسان، وزيادة قوة الإرادة فيه، لأنّه يُمّرن ويُرّوض النفس على الّصبر والتحّمل.. متفقاً مع الإمام الغزالي بقوله: ”الصيام زكاة النفس ورياضة الجسم، فهو للإنسان وقاية، وللجماعة صيانة، وفي جوعِ الجسم صفاء القلب وإنفاذ البصيرة“.

ثمة من يصوم من باب الزهد والسمو كالنسّاك في الصين والهند والأولياء المتصوفين. يسعى هؤلاء للولوج إلى حالة روحية من الرضا والتصالح مع الذات والتفكّر بالنصوص المقدسة والابتعاد عن الشهوات والملذات. فالتأمل يعطي طاقة نفسية جديدة تزيد من قدرة الصائم على التحّكم بذّاته، وتُدخله في حالة من الترفع عن الماديات، تُحرّره من سيطرة رغبات الجسد

الصوم العلاجي

إقرأ على موقع 180  روسيا في لبنان: حزب الله.. وموطىء قدم إستثماري

منذ القدم يُعالج الطب الأمراض بالحمية الغذائية، على قاعدة أن الحمية رأس كل دواء. ففي القرن الحادي عشر، اعتمد الفيلسوف الطبيب ابن سينا خيار الصوم لمعالجة الأمراض. وصفه في كثير من حالات المرض لمدة ثلاثة أسابيع. الحجة المضمرة في ذلك، أن الامتناع عن الأكل يضع الجسم في حالة استقلابية مختلفة عن تلك التي اعتادها. وهي حالة من الحماض عرفها الأسلاف طويلاً بسبب الفاصل الزمني الطويل الذي كان بين وجبات الطعام عندهم. هذه الحالة تُنشّط عمليات الاستقلاب الحيوية داخل الجسم فتُستهلك الطاقة الحرارية من احتياط الدهون مباشرة، مما يخفض مستوى الدهنيات في الدم. وهي حالة يتجدّد فيها النشاط داخل أجهزة الجسم وتساعده على التخلص من الفضلات المتراكمة.  ​​

وبعد القرن التاسع عشر، كرّس الكثير من الأطباء والباحثين أنفسهم لدراسة فوائد الصيام العلاجية. وأقرّت الدراسة المتعمقة لفسيولوجيا الجسم قبلَ وبعدَ الصيام بأن الصوم هو ممارسة صحية طبيعية، وتشكل علاجاً تكميلياً للكثير من الأمراض المزمنة. فصار الصيام يعتمد كعلاج للسمنة. بعد أن جُرّب على الفئران السمينة وفقدوا من وزنهم وتحسن ضغط الدم والكوليسترول والسكريات في الدم لديهم.

علاج نفساني

وفي عصرنا الراهن، حيث يغرق النظام الغذائي في عشوائية وجبات الطعام وفي التخمة، تصبح عمليات الهضم شاقة بالنسبة للجسم. وتحصل اضطرابات في تفكيك وامتصاص الأطعمة، وتتكوّن النفايات والسموم بكثرة.. لذا يبدو طبيعياً، أن يلجأ الإنسان إلى الصوم كخيار وقائي لطرد السموم وإراحة الجهاز الهضمي.

بإلإضافة إلى ذلك، يلفت المختصون في علم النفس الإنتباه إلى أثر الصوم على معالجة الاضطرابات النفسية. وقام معهد الطب النفسي في موسكو منذ أكثر من عقدين من الزمن باجراء دراسات جادة تتعلّق باضطرابات النوم كالأرق وغيره من صعوبات النوم. أثبتت الدراسات أن الصيام يُخفّف من أعراض الإكتئاب مثل الأفكار السوداوية، الحزن، الشعور بالضيق، البكاء، والشعور بالفشل.. وأيضاً من أوجاع الصداع النصفي. وعند المسنين يساعد في مقاومة مرض الزهايمر وتحسين مستوى الأداء العقلي لديهم.

وازدهرت تجارب متنوعة من الصيام في أوروبا وامريكا. وطورت السويد والمانيا أساليب جديدة، بعد نجاح ”مسيرات الجوع“ و”الصيام والمشي“ في ثمانينيات القرن الماضي. وتتكاثر على الدوام الأبحاث العلمية واصدارات الكتب في فرنسا، كلها تشهد بفوائد الصوم الوقائية والعلاجية لأمراض القلب والأوعية الدموية. وتوصّلوا أخيراً إلى أن الجمع بين فترات صيام قصيرة والعلاج الكيميائي يُعزّز بشكل كبير فرص الشفاء من السرطان.

الصوم المتقطع

تظهر في السنوات الأخيرة موضة صيام تُفتح لها الأبواب في الإعلام الرائج. سُميّت “الصيام المتقطع” لأنها وصفة تتمحور على تقطيع مختلف لمواقيت وجبات الطعام، بأن يكون الصيام مثلاً لمدة 12 إلى 16 ساعة أو أكثر، بما يشبه تخطي وجبة طعام. مرة أو مرتين في الأسبوع. وطرق الصيام المتقطع لا تُحدّد الأطعمة التي يمكن تناولها، بل متى نأكل. فتبدو أسهل من الريجيمات التي تستوجب العيش تحت ضغط مراقبة السعرات الحرارية على مدار الساعة. بالإضافة أنها تُحاكي حاجة المستهلك إلى نتائج سريعة تحصل بكبسة زر.

لا توجد خطة صيام متقطع تُعتبر مثالية أو تناسب الجميع، بل أخذ كل من شاء باقتراح طريقته. فنجد دعوات للصيام مدة 12 ساعة، من الساعة 7 مساءً حتى الساعة 7 صباحًا في اليوم اللاحق. وشاعت مؤخراً دعوة لإطالة مدة التوقف عن الطعام إلى 16 ساعة يومياً، ويأكلون خلال الساعات الثماني المتبقية.

تتكاثر على الدوام الأبحاث العلمية واصدارات الكتب في فرنسا، كلها تشهد بفوائد الصوم الوقائية والعلاجية لأمراض القلب والأوعية الدموية. وتوصّلوا أخيراً إلى أن الجمع بين فترات صيام قصيرة والعلاج الكيميائي يُعزّز بشكل كبير فرص الشفاء من السرطان

وأخذت دعوات تلعب عشوائياً بالفاصل الزمني بين الوجبات، مثل صيام يوم أو يومين في الأسبوع أو صيام يوم بعد يوم، أو تخطي الوجبة التي لا تشعر خلالها بالجوع. وهناك أيضاً، اقتراح ”حمية المحارب“ التي تدعو إلى صوم مدّة 20 ساعة في اليوم، وتناول وجبة كبيرة في الأربع ساعات المتبقية. لكنها تسمح بتناول حصص من الخضار والفواكه، وتحرص أن تحوي الوجبة الوحيدة على البروتينات والدهون المفيدة والخضروات مع بعض الكربوهيدرات. وتُشدّد غالبية أساليب الصيام المتقطع على احتساء الماء والسوائل الخالية من السعرات الحرارية. وبعض الاقتراحات لها آثار جانبية، مثل الشعور بالجوع والتعب واضطراب في النوم وعمل الجهاز الهضمي وفي التركيز الذهني.

وبغض النظر عن الأسباب الدافعة للصوم المتقطع، فإن التباعد في مواقيت الوجبات يُحدث أثراً هاماً في الجسم. فحين يُستنفد مخزون من السكر بعد ساعات قليلة من انتهاء الوجبة، يستوفي الجسم حاجته المتواصلة للسكر، بواسطة تحويل احتياطي الدهون إلى أجسام كيتونية كمصدر للطاقة. لكن طريقة الصيام المتقطع التي تلعب بمواقيت الوجبات حتى تطيل فترة حرق الجسم للدهون، لن تكفي وحدها لخفض الوزن. وقد بات معروفاً أن أية حمية غذائية غير مدروسة بشكل مسؤول، تنتهي عاجلاً أم آجلاً، إلى العودة للوزن السابق بل على الأرجح، يَزيده. النهج الصحيح الذي يؤدي إلى خفض الوزن ودرء مرض السكري، هو أن يقترن النظام الغذائي الصحي مع نمط حياة صحية.

والعبث بتوازنات داخلية قد يُودي إلى أضرار جسيمة. بالإضافة إلى أن اتباع طريقة صيام متقطع من دون رقابة جدية، يمكنها تفعيل اضطرابات في العلاقة مع الطعام، مثل الشراهة في الطعام أو فقدان الشهية.

ولا يُنصح بالصيام المتقطع لمرضى السكري وللمصابين بأمراض مزمنة في الكبد والكلى والجهاز الهضمي.. ولا عند المراهقين والأمهات المرضعات والنساء الحوامل.

خلاصة

بعد هذا الاستعراض لأنواع الصيام وأشكاله، وبغض النظر عن دوافع الصوم أكانت دينية أو روحانية أو سياسية أو علاجية، فإن الصوم يُسلّط الضوء على مسؤولية الصائم تجاه صحته. فالصوم سيُدخل الجسم في نظام غذائي جديد. وستكون كل العادات الغذائية تحت المجهر. وهي فرصة ثمينة للاستفادة من الطاقة النفسية التي يُوفّرها الصوم لبناء عادات غذائية جديدة ونمط سلوكيات صحية حميدة.

Print Friendly, PDF & Email
حسان يحيى

طبيب فمّ وأسنان ومجاز في علوم التغذية

Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
online free course
إقرأ على موقع 180  شجرة العبادة.. وثمرة العدالة