سعد محيو14/08/2024العزيز جورج؛
صحيح أننا نبكي بحرقة، لكننا واثقون ومؤمنون بأنك باقٍ معنا روحاً وفكراً وقيماً وأخلاقاً وعطاءً بلا حدود. باقٍ معنا كمنارة ومرجعية ثقافية، كما كان يُردّد دائماً زميلك المفكر وصديقنا العزيز عبد الإله بلقزيز.
العزيز جورج؛
كثيرون لا يعلمون أن القوى الدولية المُسيطرة عرضت عليك مراراً في باريس وخارج باريس اغراءات لا حدود لها سلطةً ومالاً، مقابل اندراجك في جيوش العولمة النيوليبرالية. غيرُكَ قبِلَ ذلك وصعد وترقى، لكنك قمت بالرد على هذه العروض بالدعوة إلى الثورة على هذه الجيوش وعلى كل تراكيب العولمة التكنو رأسمالية.
حين صدر كتابك “حكم العالم”، الذي وردت فيه هذه الدعوة. قلتُ لكَ: ألا تعتقد أن دعوتك إلى الثورة ضد أعتى وأخطر قوة في كل التاريخ البشري هي مجرد حلم ليلة صيف؟ أجبت بلا تردد: دعنا نحلم ونحلم ونحلم، ولا بد أن يتحول هذا الحلم في يوم ما إلى حقيقة. أما إذا استسلمنا للكابوس البيئي والتكنولوجي الرأسمالي الراهن، فهذه قد تكون نهاية الجنس البشري وحتى نهاية حزينة لكل أنواع الحياة على كوكب الأرض.
عزيزي جورج؛
أتذكُر الندوة المشتركة التي شاركنا فيها أنت وأنا حول كتاب الصديق العزيز د. عبد الحليم فضل الله “العلم والعولمة”؟ حينها، حين كنت أنت تستفيض في الإشادة بالكاتب والكتاب، وكان د. عبد الحليم وأنا نستفيض بالاحتفاء بك قدوةً أخلاقيةً ونبراساً فكرياً، مع تصفيق حاد من الحضور. كانت حقاً لحظة فارقة وجميلة ومعبّرة.
عزيزي جورج؛
هل نسمعك تقول وأنت في عليائك: لا أريد أن أرى دموعاً، فيما فلسطين ولبنان وبقية منطقتنا تنزف دماً؟
أجل. حتماً ستقول ذلك. كنت تقول هذا دائماً. وهذا ليس غريباً على من كان مثلك من قماشة القديسين الحقيقيين.
كل الوفاء والحب لك أيها القديس الحقيقي.
