تحذير دولي: رئيس للبنان في 9 ك2.. أو إلى الفراغ الطويل!

أعاد سقوط النظام السوري بقيادة بشار الأسد تحديد الاتجاهات والأولويات في ما يخص الواقع السياسي اللبناني، كأنّها لعبة الأواني المستطرقة، من بيروت إلى بغداد مروراً بدمشق.

وكما في عهد النظام السوري السابق أو زمن “الوصاية السورية” على لبنان، كذلك في العهد السوري الجديد، أعادت القوى الإقليمية والدولية ربط استقرار الوضع اللبناني الداخلي بالمعطى السوري الجديد، ولكن مع فارق بسيط هذه المرة، هو أن على اللبنانيين أن ينتخبوا رئيساً لجمهوريتهم في ٩ كانون الثاني/يناير.. وإلا فإن البلد سوف يعيش في فراغ طويل من شأنه أن يؤثّر سلباً ليس فقط على العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وباقي الدول لا سيّما تلك التي قاطعته في السنوات الأخيرة، لكن أيضاً على الأمن الداخلي ومشروع إعادة الإعمار المنتظر في لبنان والقرار ١٧٠١.

إلا أن لبنان لا يملك ترف الوقت في معالجة التحديات الكبيرة بدءاً من إعادة إعمار ما هدّمتنه الحرب الإسرائيلية الأخيرة وصولاً إلى إعادة انتظام المؤسسات السياسية وتثبيت الاستقرار الداخلي. فالفساد والانقسام السياسي من جهة، وارتهان الطبقة السياسية للمحاور الخارجية ورهانها عليها لمعالجة المشاكل الداخلية من جهة ثانية، جعلا من لبنان ساحة مكشوفة وهشّة أفقدته كل عناصر القوة التي يمكن أن يفاوض عليها كدولة لتحسين شروطه تحديداً في ما يخص القرار ١٧٠١. من هنا، فإن الأحزاب السياسية التي فوّتت الفرصة أكثر من مرة للقيام بالإصلاحات اللازمة ولإنهاء الفراغ الرئاسي، ملزمة اليوم بتحمّل المسؤولية لمرة واحدة وقد تكون الأخيرة لانتخاب رئيس للجمهورية لتفادي الفراغ الذي سيُشرّع لبنان مجددا أمام خطر الانزلاق إلى أشكال متعددة من الاقتتال الداخلي ومن عودة الانقسام الطائفي والمذهبي. بالطبع هذا الخطر ليس بجديد، وفي العقلية اللبنانية التقليدية في التعامل مع التحديات السياسية والاقتصادية، يراهن السياسيون أو رؤساء الأحزاب في لبنان دائماً على الدعم الخارجي أو بالحدّ الأدنى التدخل الخارجي لانتشاله من السقوط ولو في اللحظات الأخيرة اعتقاداً منهم أن لبنان يشكّل أولوية على أجندات الدول في المنطقة. هذا الأداء، حوّل الاستثناء إلى قاعدة في العمل السياسي القائم على الشخصانية والرهانات الحزبية والفئوية. لكن مع التغيير الذي تحقّق في سوريا، لم تعد خيوط اللعبة نفسها قائمة، وهي بدأت أساساً في التفكك في السنوات القليلة الماضية بأشكال مختلفة لا سيّما عربياً إذ أوقفت معظم الدول العربية دعمها للبنان والبعض الآخر قاطعه باستثناء دولة قطر التي تستمرّ في تقديم المساعدات إلى مؤسسة الجيش اللبناني بالإضافة إلى المساعدات الإغاثية والإنسانية لا سيّما في القطاع الطبي بناء على طلب الحكومة اللبنانية وبالتنسيق مع الوزارات المعنية.

تشير المصادر الديبلوماسية إلى أنه بعد نجاح قطر وتركيا في إعادة تثبيت نفوذهما في سوريا، تستعدّ دولٌ عربيةٌ أخرى لفتح صفحة جديدة مع النظام السوري الجديد بعدما عوّمت بشار الأسد في السنتين الأخيرتين. من هنا، على اللبنانيين استغلال هذه الفرصة المتجددة والتي قد تكون الأخيرة في ظلّ إعادة ترتيب المشهد الإقليمي الذي يبدأ من سوريا ويمتدّ إلى الدول المجاورة

وتشير مصادر ديبلوماسية فاعلة إلى أن الوضع السياسي في الدول المجاورة لا سيّما في سوريا يُلزم اللبنانيين بإنهاء الفراغ الرئاسي وتطبيق القرار ١٧٠١ للحفاظ على الاستقرار الأمني الداخلي. وفي ما يخصّ الانتخابات الرئاسية المرتقبة في ٩ كانون الثاني/يناير، تشير هذه المصادر إلى أن الأحزاب السياسية في لبنان أبدت التزامها بتسهيل العملية الانتخابية، إلا أن هذه المصادر نفسها تتخوّف من بروز شخصية سياسية تجد في التبدّل الحاصل في ميزان القوى في المنطقة لا سيما بعد خسارة حزب الله للحرب في لبنان وبعد تغيير النظام في سوريا، أن الفرصة سانحة وقد لا تتكرّر للترشّح إلى رئاسة الجمهورية بعد ما كان هذا الأمر أشبه بالمستحيل قبل الحرب. من هنا، تتخوّف هذه المصادر من محاولة ما لعرقلة الانتخابات وربما تطييرها لا سيّما بعدما كبرت طموحات هذه الشخصية الحزبية. ولكن حتى هذه اللحظة، تبدي الأحزاب السياسية في اجتماعاتها التزامها بتمرير الانتخابات الرئاسية.

كما تلفت هذه المصادر الإنتباه إلى أن العمل يجري على تعبيد الطريق لعودة العلاقات بين لبنان وسوريا على أساس الندية والاحترام المتبادل. في هذا الصدد، ثمّة ارتياح عربي ودوليّ للزيارة التي قام بها الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للقاء زعيم “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع وللمواقف التي أطلقها الأخير حول حماية الأقليّات، أكانت المسيحية أو الدرزية في سوريا، وحول رغبته في إعادة العلاقات مع لبنان كدولة مستقلّة لا تخضع للتدخل من سوريا في القرار السياسي.

الأولوية الإقليمية اليوم هي لسوريا وليس للبنان، تشير المصادر الديبلوماسية. فبعد نجاح قطر وتركيا في إعادة تثبيت نفوذهما في سوريا، تستعدّ دولٌ عربيةٌ أخرى لفتح صفحة جديدة مع النظام السوري الجديد بعدما عوّمت بشار الأسد في السنتين الأخيرتين. من هنا، على اللبنانيين استغلال هذه الفرصة المتجددة والتي قد تكون الأخيرة في ظلّ إعادة ترتيب المشهد الإقليمي الذي يبدأ من سوريا ويمتدّ إلى الدول المجاورة. تراهن المصادر على جلسة ٩ كانون الثاني/يناير لتمرير الاستحقاق الرئاسي ذلك أن المجتمع الدولي يشترط انتخاب الرئيس للمساعدة في إعادة إعمار لبنان عبر آلية محددة تعمل عليها بإشراف دوليّ، بالإضافة إلى الترتيبات المتعلّقة بالقرار ١٧٠١ كأساس لاستقرار لبنان بما فيها ترسيم الحدود مع سوريا وحلّ المشاكل العالقة بين البلدين. ولإعادة الحضور العربي في لبنان بعد سنوات من المقاطعة الديبلوماسية. فهل ينقذ اللبنانيون أنفسهم هذه المرة؟

إقرأ على موقع 180  السودان يتشظى الآن.. هل "تُفلحُ عربٌ ملوكها عَجَمُ"؟

Print Friendly, PDF & Email
حياة الحريري

كاتبة وباحثة سياسية، لبنان

Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  "شيطَنَة" جان لوك ميلانشون واليسار الفرنسي.. ما هي الأهداف؟