
لا يخلو نقاش بين معارض للمقاومة وآخر مؤيد لها، من تبنّي الأول لنظرية حصرية السلاح بيد الجيش وقرارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي للدفاع عن لبنان، فيما يعتبر الثاني أن التجربة بيّنت أن المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لتحقيق الردع مع إسرائيل.
لا يخلو نقاش بين معارض للمقاومة وآخر مؤيد لها، من تبنّي الأول لنظرية حصرية السلاح بيد الجيش وقرارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي للدفاع عن لبنان، فيما يعتبر الثاني أن التجربة بيّنت أن المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لتحقيق الردع مع إسرائيل.
منذ أن أُعلن نظرياً عن اتفاق وقف النار بين لبنان و"إسرائيل" في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2024، حتى يومنا هذا، تتردد فكرة المقارنة بين ما أعقب الغزو "الإسرائيلي" للبنان في العام 1982، وما نشهده في هذه الأيام، ولا سيما عندما يجري الحديث عن مسار أمني - ديبلوماسي يفضي إلى التطبيع بين لبنان و"إسرائيل".
الغارة التي شنّتها الطائرات "الإسرائيلية" على الضاحية الجنوبية لبيروت فجر عيد الفطر والتأييد الأمريكي لها كما للغارة التي سبقتها قبل أسبوع وما تسرّب من شروط طرحتها الإدارة الأمريكية على لبنان، تُذكرُنا بقصة "أزعر الحي" ومعلمه.
في لبنان، ثمّة عنوان أساسيّ يتصدّر أي نقاش حول مستقبل الدولة؛ يسمعه المسؤولون اللبنانيون في جولاتهم العربية والدولية. إنه مطلب الإصلاح الداخلي شرطاً للمساعدات الموعودة التي يحتاجها لبنان وأوّلها إعادة الإعمار في جنوب لبنان ومناطق الضاحية وبعلبك والبقاع وغيرها من المناطق المدمّرة بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان؛ فضلاً عن معالجة الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي الذي تتحمل مسؤوليته طبقة أمسكت بمفاصل البلد طيلة عقود من الزمن.
ليس من تفسير سياسي مُقنِع للتحرّك الدولي - العربي غير المسبوق لاحتواء أزمة النظام السياسي اللبناني، سوى التحوّلات التي طرأت على موقع لبنان وجعلته لاعباً إقليمياً يُحسب له حساب؛ ويعود ذلك بصورة رئيسيّة إلى دور حزب الله والمقاومة اللبنانية في المواجهة المتشعّبة مع إسرائيل، خصوصاً منذ عملية "طوفان الأقصى" وانخراط لبنان في حرب إسناد غزة.
على المجتمع اللبناني بأكمله أن يتفهّم هواجس الجنوبيين حتماً، فإسرائيل على حدودهم. وإنّ كفاح أهل جبل عامل وقرى العرقوب بوجه اعتداءات النظام الصهيوني المستمرّة على قراهم يرجع إلى الأيام الأولى لتأسيس إسرائيل، قبل أن يكون هناك مقاومة وقبل أن يوجد شيء اسمه حزب الله.
مع اكتمال النصاب الدستوري في لبنان بانتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة برئاسة القاضي نوّاف سلام واعادة فتح أبواب مجلس النواب أمام ورشة تشريعية إصلاحية مرتقبة في المرحلة المقبلة، تواجه السلطة التنفيذية الجديدة تحديات كبيرة تفرض عليها العمل الجدي والحثيث من أجل تحقيق أماني اللبنانيين. ومن أبرز هذه التحديات الآتي:
الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسىة نوّاف سلام أمام تحديات عديدة. لن يكون سهلاً عليها أن يمرَّ الثامن عشر من شباط/فبراير الجاري من دون انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب، فماذا ينتظرنا؟
حسب المادة 64 من الدستور اللبناني، يتوجب "على الحكومة أن تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها". ويكتسب البيان الوزاري شرعيته وقوته القانونية بمجرد إقراره ومنح الحكومة الثقة بأغلبية عادية وفقاً للنظام الأكثري في البرلمان اللبناني.
لم تكن تسمية نوّاف سلام رئيساً مكلّفاً بتشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس العماد جوزاف عون، الحدث الأوحد في لبنان منذ أكثر من أسبوع، بل شكّل"غضب" كل من رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد، الحدث الأبرز الذي رافق العملية الحكومية الانتقالية.