ستارة الميثاقيّة اللبنانية.. ونقطة البيكار!

الميثاقيةُ في لبنان هلاميّةٌ. السريعةُ الانزلاقِ إلى المآزق.بدأتْ ستاراً طائفيَّاً مع حكومة رياض الصلح وبشارة الخوري عام 1943. ولم تتخلَّصْ من هذا الداء قط. باتت أمراً واقعاً يصعُبُ من دونها تصوُّرُ حياة سياسية في لبنان. ويستحيلُ التخفُّفُ منها، والانتقالُ من ميثقيّةِ الطوائفِ إلى ميثاقيّةِ المواطنين إلّا بمعجزة مدنية - وطنيّة، وهذا ما ليس متوافراً الآن.

أمام هذه الوضعيّةِ، يُصبحُ السلامُ الأهلي قضيةً استراتيجيّةً داخليّةً كُبرى. وبإزاء ذلك يكون احترام الميثاقيّة واجباً دستورياً. وقد نصَّ الدستور عن هذه النقطة بعد التعديلات التي أعفبت اتفاق الطائف[1989-1990]. يقولُ بعضُهُم إنَّ الميثاقيَّة عباءةٌ واسعةٌ تخبِّىءُ الاستغلال السياسي. وهذا ينسفُ مقولةَ “الميثاقية” حتى عند أصحابها فإمَّا “ميثاقية” أو لا “ميثاقية”. ولا يستقيمُ منطقياً أن يكون الحالُ “منزلةً بين المنزلتين” كي لا تُخرّبَ كلُّ المنازل إذْ إنَّ لبنانَ “بيتٌ بمنازلَ كثيرةٍ” على حدِّ تعبير د. كمال صليبي. وكارثتُهُ أصلاً أنَّه محكومٌ بديموقراطية طوائفيّةٍ – توافقيّةٍ هشَّةٍ كثيرة العطَب.

أيَّاً يكنِ الأمرُ.. الميثاقيّة واقعٌ قائمٌ. رئيسُ الحكومةِ المكلَّفُ نوَّاف سلام يعرف ذلك مثل غيره. وقد بدأ يستذكِرُ ويستخدِمُ تعابيرَ عمِّه الراحل صائب سلام حول “التفهُّمِ والتفاهم”، أو صيغة “لا غالب ولا مغلوب” التي تكرَّستْ عام 1958 في بداية عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب. ومن هنا، بالدقَّةِ التامَّة، يجري النظرُ إلى مآلاتِ العلاقة بين رئيسَي الجمهوريّةِ والرئيس المكلَّف و”الثنائي الشيعي”، ولا سيّما في مرحلةِ تأليف الحكومة الأولى بعد الانتخابات الرئاسية، وهْيَ مهمّة خطرة جداً، إذ قد تكونُ الحكومةُ المرتقبةُ هي حكومةَ إعادةِ تأسيس لبنان.

كلُّ المؤشرات حتى اللحظة تدلُّ على أنَّ تأليفَ الحكومة في هذا الظرف ليس سهلاً. لكنَّه ليس مستحيلاً. التعقيدات المحلية كثيرة، والتحدِّيات الخارجية ضاغطة، والأزمة المعيشية متفاقمة، ومن ثـَمَّ فإنَّ لبنان لا يحتمِلُ أيَّ مساسٍ بمعادلاتِ التمثيلِ السياسي والديموغرافي داخلَ أيِّ طائفةٍ من طوائفِهِ. ينطبق هذا المبدأ على الجميع. وطالما أنَّ الموضوعَ المثار في هذه الآونة يتعلَّقُ بالثنائي الشيعي: حزب الله وحركة أمل فمن يستطيع أن يتنكَّر لقوة تمثيلِهما للشيعة في لبنان؟. قد يقولُ قائلٌ إنَّ المقاومة شيءٌ والطائفة الشيعيَّة شيءٌ آخر. مثلُ هذا الكلام يشوبُه نقصانٌ، فالواقعيَّةُ تقضي بالاعتراف بأنَّ حالةَ التماهي قويَّةٌ – بسبب عوامل جغرافيو/ سياسية- بين المقاومة والطائفة الشيعية، وإنْ تكنْ للمقاومة أطياف أخرى متنوِّعة في لبنان. وبناءً عليه فإنَّ هذه المعادلة تحكم التمثيل السياسي في الحكومة المنتظرة، ما لم يَجْرِ الهربُ إلى حكومةِ تكنوقراطيين صافية، وهذه الأخيرة – ربَّما – لا تلائمُ لبنان في الوقت الحاضر، وقد تحملُ – إذا حصلت – معنى العجز السياسي في بدايةِ عهدٍ رئاسيٍّ جديد.

كلُّ المؤشرات حتى اللحظة تدلُّ على أنَّ تأليفَ الحكومة في هذا الظرف ليس سهلاً. لكنَّه ليس مستحيلاً. التعقيدات المحلية كثيرة، والتحدِّيات الخارجية ضاغطة، والأزمة المعيشية متفاقمة، ومن ثـَمَّ فإنَّ لبنان لا يحتمِلُ أيَّ مساسٍ بمعادلاتِ التمثيلِ السياسي والديموغرافي داخلَ أيِّ طائفةٍ

ما تجمَّعَ من معلوماتٍ في اليومين الأخيرين ينصَبُّ على النقاط الآتية:

1-حرص رئيسَي الجمهورية والحكومة على التعامل بدقةٍ مع قواعد التوازنات والتمثيل الصحيح العادل.

2-تماسك “الثنائي الشيعي” ومرونته في وقت واحد حفاظاً على وحدة لبنان، وقد أكَّدتْ ذلك أوساطٌ من خارج “الثنائي الشيعي”.

3- الاتجاه الحثيث إلى إنجاز التأليف قبل نهاية الأسبوعين على التكليف، أي إن انتهاء مهلة الستين يوماً لوقف إطلاق النار سيحِلُ مع وجود حكومة جديدة في لبنان.

أمَّا إذا حصلت، مفاجآت وانقضى أسبوعان من دون تأليف حكومة فإنَّ نذائر الأزمة تعود بقوَّةٍ وتعود عندئذٍ دائرةُ لبنان إلى نقطة البيكار.

 

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  "الثلاثاء الأسود".. ما هي الأهداف وما هو سر التوقيت؟
بسّام ضو

عضو الهيئة الإدارية لاتحاد الكُتّاب اللبنانيين

Download Nulled WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
free online course
إقرأ على موقع 180  روسيا وإيران تتحصنان بـ"علاقات إستراتيجية" غير مسبوقة!