
ما هو تقويم باريس للمئة اليوم الأولى من حكم الرئيس اللبناني جوزاف عون ورئيس وزراء الحكومة الأولى للعهد نواف سلام، وكيف تنظر فرنسا إلى مسار الأمور داخل "وطن الأرز" سياسياً وأمنياً ومالياً؟
ما هو تقويم باريس للمئة اليوم الأولى من حكم الرئيس اللبناني جوزاف عون ورئيس وزراء الحكومة الأولى للعهد نواف سلام، وكيف تنظر فرنسا إلى مسار الأمور داخل "وطن الأرز" سياسياً وأمنياً ومالياً؟
يكثر أهل السلطة الجديدة في لبنان من الحديث عن الإصلاح، والحقيقة أنه ما حلّ عهد جديد، رئاسي أو وزاري، في لبنان إلا وكانت الأولوية في خطابه للإصلاح. نادراً ما عرض القادمون الجدد برنامجاً للإصلاح، عدا الرئيس الشهيد رفيق الحريري في حكومته الأولى. لكن أهم ما عنده أنه كان يعتبر الإصلاح ليس إعادة ترتيب هيكلية السلطة وكوادرها وحسب، ولا محاربة الفساد وحسب، بل هو أساساً في الشغل والإنتاج.
يتصرّف البعض في لبنان وكأنّ قضيّة سلاح المقاومة هي قضيّة حزبٍ بِعَينه أو منظّمةٍ بِعَينها، مع الاحترام كلّه لتضحيات كلّ أحزاب المقاومَتَين اللّبنانيّة والفلسطينيّة طبعاً، أو يتصّرف هذا البعض وكأنّ قضيّة السّلاح هذه هي قضيّة دولة اقليميّة؛ أو قضيّة رجل سياسيّ أو مَوقع سياسيّ معيّن؛ أو قضيّة قائد حزبيّ بذاته، أو قضيّة طائفة تُريد بعض نخبها "التّشبيح" على الآخرين، وتلك مقاربات بعيدة عن جوهر القضيّة يقيناً. لماذا؟
يُواجه الرئيس اللبناني جوزاف عون معضلة محيّرة "من وُلدَ قبل الآخر؟ الدجاجة أم البيضة"؛ فمن جهة يواجه ضغطاً دولياً وعربياً ولبنانياً عنوانه أولوية نزع سلاح المقاومة وحصرية السلاح بالدولة اللبنانية، وهو ما كان تعهد به في خطاب القسم الدستوري. ومن جهة أخرى، يواجه ضغطاً من المقاومة وحلفائها بأن تكون الأولوية لفرض الانسحاب "الإسرائيلي" من لبنان.
لا يخلو نقاش بين معارض للمقاومة وآخر مؤيد لها، من تبنّي الأول لنظرية حصرية السلاح بيد الجيش وقرارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي للدفاع عن لبنان، فيما يعتبر الثاني أن التجربة بيّنت أن المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لتحقيق الردع مع إسرائيل.
في الذكرى الخمسين لـ"الحرب اللبنانية" (على اختلاف مُسمياتها من حرب أهلية إلى حرب لبنانية فلسطينية إلى حروب الآخرين على الأرض اللبنانية..) التي انطلقت في 13 نيسان/أبريل 1975، وفي ضوء تداعيات ما أسميت بـ"حرب الإسناد" لغزة، كيف يبدو المشهد اللبناني وما هو الدور المستقبلي المرجو من الفريق الأبرز في المعادلة اللبنانية، أي "حزب الله"؟
بعد حرب الإبادة المستمرة على غزّة، وبعد عدوان الـ٦٦ يوماً المتجدّد على لبنان، وبعد الانقلاب التّركيّ-السّلفيّ-الاخوانيّ المسنود أميركيّاً في سوريّا (في سياق غير منفصل عن الطّوفان الفلسطينيّ، أغضبنا ذلك أم لم يُغضبنا، أحزننا أم لم يُحزنّا).. بعد هذه الأحداث، يَعتبر البعض ويُعبّر، اليوم، أنّ وقت "تسليم" أو "نزع سلاح" الجماعات المُقاوِمة بالتّحديد قد حان.. في المنطقة عموماً ولبنان خصوصاً.
مع ولادة كل عهد رئاسي جديد وانطلاقة كل حكومة جديدة في لبنان، تدمغ النبرة الإصلاحية الخطاب السياسي لأهل السلطة الجديدة، ليلتقي مع مناداة الخارج ـ طبعاً المنخرط في الشأن اللبناني - بخطوات إصلاحية تُشكّل، بالنسبة إليه، ممراً إلزامياً لمساعدة لبنان!
الغارة التي شنّتها الطائرات "الإسرائيلية" على الضاحية الجنوبية لبيروت فجر عيد الفطر والتأييد الأمريكي لها كما للغارة التي سبقتها قبل أسبوع وما تسرّب من شروط طرحتها الإدارة الأمريكية على لبنان، تُذكرُنا بقصة "أزعر الحي" ومعلمه.
برغم كلّ الاتفاقيات والوساطات، عادت إسرائيل إلى وتيرة إبادتها الجماعيّة للفلسطينيين في غزّة وتدمير مخيمات ومدن الضفّة الغربيّة. كما أغارت طائراتها على الضاحية الجنوبيّة في بيروت، بحجّة حادثة مشبوهة، لتُعكّر أجواء زيارة الرئيس اللبناني جوزاف عون إلى باريس واللقاء الذي رعاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بين الرئيسين اللبناني والسوري أحمد الشرع.