اليمن: عملية نجران تكشف “التحالف”.. وفساد قوات هادي

Avatarخاص 18030/09/2019
في غضون شهرٍ واحد، تعرضت المملكة العربية السعودية لضربتين عسكريتين مؤلمتين، منذ بداية حربها على اليمن في العام 2015. فرض إستهداف حقل بقيق (14 أيلول/ سبتمبر الجاري) ثم سقوط ثلاثة ألوية عسكرية في نجران (أُعلن عنها السبت في 28 أيلول/ سبتمبر)، على الرياض و"التحالف العربي"، تكثيف العمليات الحربية، وبالتالي، صار السؤال المطروح هل تنجح محاولات بعض العواصم من أجل "التهدئة" بين السعودية والحوثيين؟  

في العملية العسكرية الأولى للحوثيين قبل أكثر من أسبوعين، استهدفت طائراتٌ مسيّرةٌ حقلين لـشركة “أرامكو” النفطية العملاقة، في بقيق وخريص، شرق المملكة العربية السعودية، لتنكشف مع هذه الغارات هشاشة شبكة حماية حقول وخطوط أنابيب توفر 10 في المئة من النفط الخام في العالم (أكثر من خمسة ملايين برميل يوميا من بقيق وحده، أي نصف الإنتاج السعودي و5 في المئة من الإنتاج العالمي).

فجأة إنكشف ضعف الدفاعات الجويّة السعودية، برغم إنفاق الرياض مليارات الدولارات على ذخائر وأسلحة وترسانة صاروخية، أبرزها “منظومة باتريوت” (منظومة دفاع جوي صاروخي، من نوع أرض- جو  تستخدمها الولايات المتحدة وعدد من حلفائها).

في العملية الثانية التي أعلن عنها أمس السبت، يتحدث الحوثيون عن سقوط ثلاثة ألوية عسكرية، بقيادة “التحالف العربي”، بكامل عتادها العسكري ومعظم أفرادها وقادتها، وهي عملية بيّنت أيضاً وجود خلل في غرفة عمليات رسم الخطط العسكرية وبناء الخطوط الدفاعية، والتي سقطت أمام تقدم المقاتلين الحوثيين.

حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن العمليتين كبير للغاية، إذ بلغت خسائر الأولى – حتى الآن – أكثر من 5 مليارات دولار، أما  في الثانية، فإن حجم ما جرى، يكشف عن خلل ميداني والأخطر إستخباراتي.

وتشير الوقائع الميدانية إلى أن ثمة فارقاً زمنياً بين العمليتين، فـ”الثانية سبقت الأولى، بستة أسابيع على أقل تقدير”، بحسب مصدر يمنيّ تحدث إلى “موقع 180″، ذلك أن “العملية الأولى (أرامكو)، أُعلن عنها مباشرةً بعد ساعاتٍ من وقوعها، لارتباطها بالدورة الاقتصادية العالمية، وإرتداداتها المباشرة على سعر النفط عالميّاً”.

وبحسب المصدر اليمني، فإن الحوثيين سيكشفون تفاصيل العملية، اليوم، بما في ذلك عرض  مشاهد مصوّرة توثّق ما جرى، وكيفية استسلام أكثر من 2500 عسكري من “قوات التحالف”. ونقل المصدر عن مصادر الحوثيين أنهم سيعلنون عن وقوع 25 ضابطاً سعودياً أسيراً بأيدي مقاتليهم، بينهم 5 من كبار الضباط، كما غنموا ما يقارب 250 آلية عسكرية من مختلف الأنواع.

الحوثيون: حررنا مئات الكيلومترات

يذكر أن الحوثيين أعلنوا في بيانهم، أمس، أنهم أطلقوا عملية “نصر من الله”، العسكريةِ الواسعة والنوعية في محور نجران. وهي “أكبر عملية استدراجٍ لقوات العدو منذ بدء العدوان، وقد استمرت لعدة أشهر… وتكبد فيها خسائر كبيرة جداً في العتاد والأرواح”، وأضاف متحدث رسمي أن قوات الحوثيين “غنمت كميات كبيرة من الأسلحة، تضم مئات الآليات والمدرعات… إضافةً إلى وقوع آلاف منهم في الأسر، بينهم أعدادٌ كبيرةٌ من قادة وضباط وجنود الجيش السعودي”. وأشار إلى أنه “وبعد مرور 72 ساعة فقط من بدء العملية، قامت قواتنا بإطباق الحصار على العدوّ بشكلٍ كامل.. وتم تدميرها (الألوية الثلاثة) وكسرها وأسرها بالكامل، وتم تحرير مئات الكيلومترات طولاً وعرضاً ضمن مسرح العمليات”، حيث بلغت المساحة المحرّرة في مديرية كتاف، شرق محافظة صعدة قبالة نجران السعودية، حوالي 500 كيلومتر من الأراضي المحاذية للحدود مع السعودية.

وفق المصدر اليمني “فقدت قوات “التحالف”، في هذه العملية، معظم المكاسب التي حققتها منذ فتح جبهة كتاف في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، بهدف تخفيف الضغط على مجموعاتها في نجران.

القاسم المشترك بين إستهداف أرامكو ونجران هو تبلور قناعة لدى المحققين السعوديين أن خرقا أمنيا ساهم في تحقيق إصابات دقيقة في الضربتين

بدورها، كانت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، قد نشرت تقريرا عن العملية في 20 أيلول/ سبتمبر  الجاري، إذ أفادت أن قائد محور كتاف (في نجران)، والمُعيّن من قِبَل حكومة عبد ربه منصور هادي، رداد الهاشمي، اعترف بفقدان لواء الفتح، المكوّن من 3000 فرد مدجّجين بمختلف أنواع الأسلحة الحديثة بكامل قوته البشرية ومعدّاته”. وبحسب الصحيفة، فإن الهاشمي، عزا ذلك إلى “أخطاء”، موضحةً أن “لواء الفتح، حاول التواصل مع غرفة عمليات التحالف لإنقاذ أفراده بعدما وقعوا في كمّاشة قوات صنعاء، إلا أنه لم تتم الاستجابة لنداءاته، بل وأثناء قيام مقاتليه بتسليم أنفسهم باغتهم طيران التحالف، بسلسلة غارات لتصفيتهم، في وقت عمدت فيه القوات السعودية في نجران إلى دهس بعض الفارّين بإطارات الآليات العسكرية”.

فساد على أعلى المستويات

وفي هذا الإطار، أكّدت مصادر خليجية لـ”موقع 180″، أن القاسم المشترك بين إستهداف أرامكو ونجران هو تبلور قناعة لدى المحققين السعوديين أن خرقا أمنيا ساهم في تحقيق إصابات دقيقة في الضربتين، “ففي حقلي البقيق وخريص، تتبلور يوما بعد يوم، شبه قناعة بوجود مجموعات على الأرض ساهمت في الإستطلاع وتحديد الأهداف ومساعدة المُسيرات سواء أكان مصدرها إيران أم العراق أم اليمن”.

تضيف المصادر أن الهجوم الذي وقع في محور نجران قبل أقل من أسبوعين، “كان كمينا حوثيا محكما، تواطأ في غض النظر عنه ضباط وجنود ينتمون إلى قوات عبد ربه منصور هادي”، وأضافت أن الفساد ينخر هذه المجموعات، وكشفت أن المملكة العربية السعودية وضعت يدها على معطيات تؤكد وجود مظاهر للفساد على أعلى المستويات، وأعطت مثالا على ذلك، قيام أحد الوزراء اليمنيين في حكومة عبد ربه منصور هادي بتأجير الغرفة التي تحجزها له الحكومة السعودية في أحد الفنادق الفخمة في الرياض، وذلك منذ أكثر من سنتين، علما أنه يحصل على راتب شهري وكل مصاريفه الشخصية والعائلية”.

إقرأ على موقع 180  رحلة الحج الصينية إلى الرياض.. وإنزعاج طهران!

هل تسقط التهدئة؟

سياسياً، كان للضربتين انعكاساتٌ على خط “التهدئة” ومساعيها. الجانب الحوثي، المتمثّل برئيس “المجلس السياسي الأعلى” مهدي المشاط، أطلق مبادرةً لـ”وقف استهداف الأراضي السعودية بالطيران المسيّر والصواريخ الباليستية والمجنحة، وكافة أشكال الاستهداف”، لكنه حدد سقفا للرد السعودي لا يتعدى الأيام القليلة. في المقابل، يواصل الأميركيون والسعوديون تحميل طهران مسؤولية ما جرى (ضربة “أرامكو”)، بالتوازي مع رسائل وجهتها الرياض، عبر وسطاء، أكّدت فيها أنّها “لن تقف مكتوفة الأيدي بعد الآن”.

من الواضح أن مسار الأمور لن يكون مرهونا بسعي الرياض إلى “الثأر” للعمليتين، إذ أن المصدر الخليجي نفسه قال لموقع 180 إن أربع دول على الأقل بينها العراق وباكستان دخلت على خط الأزمة وهي تحاول إيجاد مخرج يحفظ ماء وجه جميع الأطراف المتصارعة ولا سيما السعودية.

وفيما لم يصدر أي بيان عن السعودية أو قوات “التحالف” أو حكومة هادي بشأن عملية نجران، أشارت وكالة أنباء بلومبرغ الأميركيّة إلى إحتِمال قُبول الرياض بوقفٍ جُزئيٍّ لإطلاق النّار، وإعتبرت أن ذلك يُؤكّد أنّ هُناك قناعة سعوديّة تتبلور يوما بعد يوم بحتميّة إنهاء الحرب اليمنيّة تقليصًا للخسائر، ووضع حدٍّ لهذا الاستنزاف الماديّ والبشريّ المُكلِف جدًّا للمملكة.

هل ينفذ الحوثيون بعد إنتهاء “مبادرتهم” عملية نوعية جديدة، يُتوقع أن تتجاوز هذه المرة الجغرافية السعودية؟

إن حصل ذلك، فإنه سيؤدي إلى خلط الأوراق مجدّداً، وبالتالي، فرض قواعد اشتباكٍ جديدة بين المحورين المتصارعين في الشرق الأوسط: الرياض ومعسكرها، وطهران ومعسكرها، لعل أبرز نتائجها بدء العد العكسي لإنتهاء حرب اليمن.

 

Print Friendly, PDF & Email
Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  لقاء باريس المُخصص للبنان "ينتهى قبل أن يبدأ"!