قال مسؤول حكوميّ مصري إنّ هناك شروطاً عدّة أرجأت تفعيل قرض صينيّ بقيمة 3 مليارات دولار كان موجّهاً إلى تمويل منطقة الأعمال المركزيّة في العاصمة الإداريّة الجديدة، وأضاف المسؤول لجريدة “الشروق” المصرية أنّ البنوك الصينيّة الممموّلة للقرض مازالت تطلب اشتراطات من الحكومة المصريّة قبل الموافقة على صرف الشريحة الأولى منه البالغة 834 مليون دولار.
بدوره، أكّد مصدر حكوميّ مصريّ، لموقع “المونيتور”، أنّ هناك تعثّرات تكتنف إتمام تفعيل القرض الصينيّ إلى مصر والبالغة قيمته 3 مليارات دولار والذي خصّص لتصميم الحيّ الحكوميّ ومنطقة الأعمال في العاصمة الإداريّة الجديدة في شرق القاهرة وإنشائهما.
وأشار المصدر، الذي تحفّظ على نشر اسمه بسبب حساسيّة موقعه الوظيفيّ، إلى أنّ تعطّل صرف الشريحة الأولى من القرض البالغة 834 مليون دولار، جاء بسبب تعنّت البنوك الصينيّة في ما يتعلّق بضمانات السداد الُمبالغ فى تعقيدها والمطلوبة من مصر.
وأوضح أنّه كان من المتوقّع أن تتسلّم مصر الشريحة الأولى من القرض لتمويل المشروع قبل نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، لكنّ الضمانات الجديدة التى طلبتها الصين هي سبب توقّف صرف الشريحة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ الحكومة المصريّة تعمل على حلّ هذا الخلاف والتفاوض الجادّ من أجل سرعة الصرف واستكمال المشروع الذى خصّص له القرض.
وأضاف: “هناك بعض المخاوف لدى الجانب الصينيّ في شأن إمكان السداد وطريقته وجدولة المديونيّات، لكن هناك مفاوضات تجري مع الصينيين لإزالة هذه المخاوف غير المبرّرة وتبسيط إجراءات صرف القرض من تحالف المصارف الصينيّة المموّل لهذا المشروع”.
وأشار إلى أنّ الشريحة الأولى ستوجّه إلى تغطية تكلفة إنشاء 7 أبراج ضخمة، منها برجان إداريّان و5 أبراج سكنيّة، أمّا الشريحة الثانية والمقدّرة بـ1.2 مليار دولار فستخصّص لإنشاء منطقة الأعمال المركزيّة في العاصمة الإداريّة الجديدة والتي تشمل إنشاء 20 برجاً، من ضمنها البرج الأيقونيّ الذي سيكون أعلى برج في أفريقيا، والمتوقّع أن يصل إلى ارتفاع 385 متراً.
بدوره، أرجع رئيس مركز النيل للدراسات السياسيّة والاقتصاديّة الخبير الاقتصاديّ عبد الخالق فاروق تأخّر القرض الصينيّ الخاصّ بتمويل منطقة الأعمال المركزيّة في العاصمة الإداريّة الجديدة، إلى عدم التزام الحكومة في تقديم كامل ضمانات السداد للبنوك الصينيّة. وقال لموقع “المونيتور” إنّ وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانيّة عاصم الجزّار لم يكشف عن مصادر سداد القرض للبنوك الصينيّة ولم يعلن ذلك إلى الرأي العام، وهو ما أثار الجدل حول القرض، خصوصاً أنّ مصر مثقلة بالكثير من الديون بالفعل فى الفترة الأخيرة.
إرتفاع الدين الخارجيّ لمصر في نهاية شهر أيلول/سبتمبر 2019 إلى أكثر من 109 مليارات دولار، في حين وصل حجم الدين الداخليّ إلى مستويات قياسيّة، حيث تجاوز حدّ الـ4 تريليونات جنيه، أي ما يعادل 242 مليار دولار في نهاية كانون الأوّل/ديسمبر الماضي
وأشار إلى توقف المفاوضات سابقاً بين الجانب الصينيّ وشركة العاصمة الإداريّة الجديدة ووزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانيّة المصريّة، وذلك في 18 أيلول/سبتمبر 2018 في خصوص إنشاء مدينة صينيّة تجاريّة وسكنيّة في العاصمة الإداريّة الجديدة على مساحة 14 ألف فدّان، لافتاً الانتباه إلى أنّ رئيس شركة العاصمة الإداريّة الجديدة اللواء أحمد زكي عابدين قال حينها إنّ المفاوضات توقّفت لوجود خلافات على نسب المشاركة مع الجانب الصينيّ ورغبة الصينيّين فى الحصول على امتيازات أكثر من اللازم.
وانتقد فاروق تحرّكات الحكومة للحصول على ديون جديدة تضاف إلى الديون المتراكمة الكثيرة التي اقترضتها مصر في الآونة الأخيرة، حيث أظهرت آخر بيانات البنك الدوليّ، ارتفاع الدين الخارجيّ لمصر في نهاية شهر أيلول/سبتمبر 2019 إلى أكثر من 109 مليارات دولار، في حين وصل حجم الدين الداخليّ إلى مستويات قياسيّة، حيث تجاوز حدّ الـ4 تريليونات جنيه، أي ما يعادل 242 مليار دولار في نهاية كانون الأوّل/ديسمبر الماضي.
وأضاف: “مصر دولة مستدينة إلى هذا الحدّ، كيف لها أن تسعى إلى مديونيّات جديدة، في ظلّ هذه الارتفاعات غير المسبوقة في حجم الدين الخارجيّ والداخليّ أيضاً”؟ متسائلاً عن كيفّية سداد المديونيّات السابقة، فضلاً عن الفوائد الباهظة لهذه القروض والتي تحمّل الأجيال المقبلة فواتير النفقات والأعمال الحاليّة.
بدوره، رأى الباحث الاقتصاديّ في المركز المصريّ للفكر والدراسات الاستراتيجيّة الدكتور محمّد شادي أنّ تعطّل صرف الشريحة الأولى من القرض الصينيّ لمصر لا يعني أنّ البنوك الصينيّة لا ترى مصر جديرة بهذا القرض، كما لا يعني أنّها ستمنع القرض مطلقاً عن مصر، فتعثّر المفاوضات شيء وإلغاء الاتّفاقيّة شيء آخر تماماً.
وأضاف شادي في حديث هاتفيّ إلى “المونيتور”: “كلّ المشاريع الضخمة التمويل يستلزم تنفيذها مراحل عدّة، وتمرّ بصعوبات عدّة في عمليّة الاتّفاق، لكنّ هذا لا يعني عدم اكتمالها، مؤكّداً أنّ الصين هي شريك اقتصاديّ قويّ جدّاً لمصر، وبالتالي لن تنسحب من الاتّفاق لمجرّد اختلافات بسيطة في الشروط والضمانات التي ستتمّ تسويتها عمّا قريب”.
وأكّد أنّ حجم التجارة بين مصر والصين وصل إلى 13.8 مليارات دولار في عام 2018، حيث بلغت الصادرات الصينيّة إلى مصر 12 مليار دولار تقريباً، فى حين بلغت صادرات مصر إلى الصين 1.8 مليارات دولار، وهو ما يعكس قوّة العلاقات المصريّة – الصينيّة ومتانتها على المستوى الاقتصاديّ.
وأشار إلى أنّ مصر اقترضت من الصين فى تشرين الأوّل/أكتوبر 2016 قرضاً بلغت قيمته 3 مليارات دولار تقريباً، قبل أن تحصل على قرض صندوق النقد الدوليّ، حيث كان لزاماً عليها الحصول على 6 مليارات دولار وهو قيمة التمويل اللازم لحصول مصر على الشريحة الأولى بقيمة ملياري دولار من قرض صندوق النقد الدوليّ لمصر بإجمالي 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات.
وأضاف أنّ مصر حصلت على هذا القرض الصينيّ بعدما اشترط صندوق النقد الدوليّ حصولها على 6 مليارات دولار لسدّ الفجوة التمويليّة والموافقة على القرض، وأوضح أن مصر حصلت حينها على مليار دولار من البنك الدوليّ وملياري دولار من السعوديّة، إضافة إلى 3 مليارات دولار من الصين، وبهذا حقّقت شرط صندوق النقد الدوليّ، مؤكّداً أنّ المفاوضات مع الجانب الصينيّ ستكلّل بالنجاح، لكنّ الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت فقط نظراً إلى ضخامة المشروع وحجم التمويل المطلوب. (نقلا عن موقع “المونيتور”: http://bit.ly/2GWGZKA )