يوميات فتاة محجورة: الحب لعنتنا

أحببتُ هذه الفظاعة، الحياة الرّمادية، والعصافير التّي تحشرُ جسدها في المكيّف المعلّق فوق كومة من الطِلاء المقشّر. يسقط عليكَ كلما هززته بيديك الناعمتين كأنّه كوز من الصنوبر أو ريشُ حمام أو أي شيء.

أقفُ على “البرندا”. لا جيران. لا اسطوانات تحرّكها الموسيقى. إنّه يوم عاديّ من أيام الآحاد، إنّه كباقي الأيام، يُتوّجهُ مللي وشكلُ الفيروس المستجد.

الكثيرُ من الفقاعات التّي خلفّها الشتاء، محفورة على الأرضية، محشوّة بطحالبٍ خضراء تفرقعها بحركةٍ دائرية في يديك، كأنّك تعجنُ حلمةَ شابة شبقة.

أقشّرُ ليمونة. أسيرُ في المنزل بمساراتٍ متعرجة. أقفُ على عتبةِ غرفة أخي الغائب. أحدقُ في القنديل العتيق، المرمي في الركن، والذبابة الميتّة تحته. أسمعُ الموت.

الموتُ قريبٌ هنا، حبذّا لو يأتيني على هيئة خراء، لا لأعيره أدنى انتباه. أو لأحطم جميع القصائد والفلسفات التي رفعت من شأنه.

إنّه مجرّد خُراء!

أرفعُ البطانية، أتكوّر في حجرتي الوردية، فوقَ المنضدة أصنعُ جدائل من شعري وأرميه خلفي. أحبُّ هذه القوقعة الفضيّة المعلّقة في السماء، وهذا المساء، وهذا الضوء الذي يتسللُ بشعاعه على ركبتيّ. أتذكركَ على حين غرّة. وأنتَ تصنع الحلوى في منزلك الواقع على بعد ساعة ونصف منّي أو من السّاعة لا فرق. أحدّقُ في الأمسِ، وبوحدتي النابتة كبنفسجٍ في الحفرتين السوداويتين اللامعتين.

لا أرى شيئًا، لا أراك ولا أراني ولا أرى وحدتي ولا أرانا سويًا.

الحبُّ لعنتنا.

الضجيجُ يعلو من غرفة الجلوس، أكوام من السجائر التي يدخّنّها أبي لا تزعجني، لكنها ترهقُ رغبتي بامتلاكها. لستُ مدخنّة لكنّي أستخدمها في أعمالي اللوجستية حين أعانقُ الغابةَ وأرمي بنفسي إلى المجهول.

 نعم الكتابةُ فعلُ المجانين؛ والعقلاء إلى حدّ الجنون..

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  "أبو إلياس" يهزمه الفيروس.. لا الغربة ولا الإحتلال
Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  فريدمان: المجازفة الأميركية.. نسخة كوفيد ـ 19!