حزب الله في بيت الوسط.. ودياب يرمي صنّارة “الخطة”

ماذا بعد إقرار حكومة حسان دياب خطتها المالية؟ وهل هذه الخطوة كافية لتدشين مرحلة جديدة، وهل يمكن أن تمدّد الخطة عمر الحكومة وتفتح أمامها الأبواب الدولية والإقليمية، وهل يكون السباق المحموم بين وضع الخطة موضع التنفيذ وبين الشارع هو الكفيل بتحديد الرابح بالنقاط؟

أقرت حكومة حسان دياب الخطة الإصلاحية المالية بإجماع كل مكوناتها. ذُلّلت في الساعات الأخيرة، كل ملاحظات رئاسة مجلس النواب عليها. أدخل وزير المالية غازي وزني تعديلات جذرية ما كان يمكن لولاها أن تبصر النور، وإلا فإن مصير الخطة كان سيشبه مصير “الكابيتال كونترول”.

الخطوة الثانية هي عرض هذه الخطة على رؤساء الكتل النيابية في لقاء دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون، يعقد يوم الأربعاء المقبل في القصر الجمهوري، بمشاركة رئيس الحكومة والوزراء المعنيين، على أن تعمم هذه الخطة على السفارات، كما على المؤسسات والصناديق النقدية والمالية والإستثمارية، العربية والدولية.

قيمة الخطة أنها عبارة عن صنارة. هي بمثابة إعلان نوايا تتقدم به الحكومة اللبنانية إلى صندوق النقد الدولي. قالها رئيسها حسان دياب بوضوح: “سنمضي في طلب برنامج مع صندوق النقد الدولي، وإضفاء الطابع الرسمي على مفاوضاتنا مع الدائنين لسندات اليوروبوند”. يفترض أن تتواصل الحكومة اللبنانية في الساعات المقبلة مع صندوق النقد رسمياً، وعندها يبدأ مسار مختلف. الأميركيون والفرنسيون أبلغوا لبنان بالحرف الواحد: بعد إنضمامكم إلى برنامج صندوق النقد، يمكن أن نأخذ ونعطي معكم. حتى الدائنين لسندات اليوروبوند، مثل صندوق “أشمور”، أبلغوا الحكومة اللبنانية “نبدأ المفاوضات بعد البرنامج (صندوق النقد)”.

بالنسبة إلى الحكومة اللبنانية، المطلوب ضخ 15 مليار دولار “كاش” في شرايين الإقتصاد اللبناني. ثمة رهان على تأمين هذا المبلغ من صندوق النقد. وفي موازاة ذلك، يعيد لبنان فتح قنواته التفاوضية مع الفرنسيين لإعادة تعويم ما بقي من مؤتمر “سيدر” الذي إنعقد قبل سنتين بالتمام والكمال ولم ينل منه لبنان قرشاً واحداً بسبب التردد في تبني البرنامج الإصلاحي، وخصوصا في قطاع الكهرباء. هنا، لا بد من الإشارة إلى تطور نوعي في مقاربة ملف الكهرباء. للمرة الأولى، ستبدأ الحكومة اللبنانية من خلال شخصية لبنانية موثوقة دولياً بمفاوضات جدية مع شركتي “سيمنس” الإلمانية و”جنرال إلكتريك” لحسم موضوع معامل الكهرباء، وفق الرؤية التي صاغها “سيدر”، والتي يتبناها الفرنسيون بكامل حروفها حتى الآن.

بهاء لا يترك زاوية إلا ويجنّد فيها كل ناقم على شقيقه. طرابلس صارت نموذجاً. الوضع التنظيمي لتيار المستقبل في عاصمة الشمال بات متضعضعاً للغاية. القدرة على الضبط والتحكم خرجت من يد الحريري. باتت حركة بهاء أسهل من حركة سعد في برجا عاصمة إقليم الخروب. لن يترك الشقيق الأكبر زاوية إلا ويتمدد فيها بما في ذلك مدينة صيدا

تضع هذه الخطوات حكومة دياب في سباق مع الوقت. مع الشارع. مع الأمن. مع معارضة سياسية لن تتساهل معها، ولو أنها حتى الآن، في الموقع الدفاعي وليس الهجومي، حسب المعطيات الأولية. سعد الحريري هو أبرز معارض للسلطة اليوم. حيثياته ليست دفاعية بل وجودية بكل معنى الكلمة. الرجل نادم على ما إقترفت يداه عندما إستقال وعندما رفض التكليف، وللبحث صلة. المستجد على جدول أعماله، وأحد أبرز أسباب إنتقاله من باريس إلى بيروت، تلك التقارير المتتالية عن إتساع حركة شقيقه بهاء في عدد من المناطق اللبنانية. ثمة من قال له إذا خرجت طريق الجديدة من يدك، تخسر بيروت كلها. بهاء لا يترك زاوية إلا ويجنّد فيها كل ناقم على شقيقه. طرابلس صارت نموذجاً. الوضع التنظيمي لتيار المستقبل في عاصمة الشمال بات متضعضعاً للغاية. القدرة على الضبط والتحكم خرجت من يد الحريري. باتت حركة بهاء أسهل من حركة سعد في برجا عاصمة إقليم الخروب. لن يترك الشقيق الأكبر زاوية إلا ويتمدد فيها بما في ذلك مدينة صيدا. كل الخارجين من تحت مظلة سعد الحريري من نهاد المشنوق في بيروت إلى أشرف ريفي في طرابلس إلى العديد من الرموز في البقاع، يعتقدون أن اللحظة مناسبة للإستثمار في رصيد ما يسمونها “الحريرية الوطنية”. سيشكل حكم المحكمة الدولية مناسبة للتمايز حتى مع خطاب سعد الحريري. هم يطعنون بالأخير وبكل سلوكه السياسي من التسوية الرئاسية حتى يومنا هذا.

حزب الله والحريري

يكشف أحد القريبين من زعيم المستقبل أن العلاقة بينه وبين قيادة حزب الله “علاقة سمن وعسل”. الخطوط مفتوحة بشكل دائم بينهما، وقبل يومين (منتصف ليل الثلاثاء ـ الأربعاء الماضي)، حلّ المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل ضيفاً على الحريري في “بيت الوسط” وناقشا مطولاً عدداً من الملفات.

قالها رئيس تيار المستقبل لضيفه بصريح العبارة إن الحزب لم يقصّر معه، ولذلك، هو ماضٍ بقرار فك الإشتباك مع الحزب، حتى في مناسبة الصدور القريب لحكم المحكمة الخاصة بلبنان. قضيته الأولى والأخيرة مع العهد وتحديداً مع جبران باسيل. بعض ما قاله الحريري في تلك الجلسة وتحديداً إستنجاده بالحزب لتخفيف غلواء باسيل، عكسه في دردشته مع الصحافيين بقوله “مشكلة البلد اليوم هي بممارسات جبران باسيل، فمن يحميه؟ حزب الله معظم الوقت لا يوافق عليها (الممارسات) بالتأكيد، لكن في النهاية، الحزب يتحمل المسؤولية لأنه يحمي جبران باسيل”. أشاد ببري ووصفه بأنه “صمام أمان”. علاقته بوليد جنبلاط لا تتجاوز التفاهم على الخطوط العريضة. لا أخذ أو رد بين “بيت الوسط” ومعراب. بالعكس، تحتاج العلاقة إلى إعادة صياغة، ولا أحد يتطوع في زمن كورونا للمساعدة في البناء أو الترميم.

إقرأ على موقع 180  اللبنانيون يريدون سلطة قرار.. أي سلطة

خلال إجتماع رؤساء الحكومات، وهو إجتماع سيصبح دورياً من الآن فصاعداً، صوّب الحريري على باسيل ودياب معاً. رأى أن الأخير عبارة عن “ببغاء”. يكرّر ما يقوله جبران باسيل إلى حد التطابق بين موقف الإثنين. رئيس الحكومة يدار من القصر الجمهوري. في الدردشة مع الصحافيين، كاد الحريري أن يقول إن حسان دياب عندما زاره في بيت الوسط، في إطار جولته على رؤساء الحكومات السابقين، أشعره أنه خريج المدرسة الحريرية، بعكس ما يردد حالياً في خطاباته، من إنتقادات للمسار الممتد من رفيق الحريري حتى سعد الحريري.

كل نبرة الحريري منذ عودته إلى بيروت، تبدو دفاعية. قال للصحافيين: “إذا اعتقد الأستاذ جبران باسيل أن بإمكانه أن يسجن جميع الناس فـ”فشر على رقبته”، فهذا موضوع يمس بكرامات الناس”. قيل له إذا سقطت هذه الحكومة وأعيد تكليفك فهل أنت جاهز، فأجاب “مع جبران باسيل كلا”.

حاول سعد الحريري أن يستنجد بوليد جنبلاط، من أجل تقوية المناعة الدفاعية للإعتراض. وجد أن زعيم المختارة يضع نفسه أيضاً في موقع دفاعي وبحاجة إلى من ينجده. حتى أن الهجوم الجنبلاطي على حزب الله عبر قناة “العربية” كانت له وظيفته السياسية الخارجية. صحيح أن حزب الله يتفهم خصوصية العلاقة الجنبلاطية بالسعودية والدول الخليجية ولا سيما وجود جاليات درزية لبنانية هناك، لكن هل هذه الخصوصية تحتم في كل مرة التصويب على حزب الله وسلاحه؟

من هذه الزاوية، قرر حزب الله تبريد وتجميد خطوط التواصل مع كليمنصو. وكالعادة، تبرع رئيس المجلس النيابي للتسيير والتيسير. غازي العريضي هو المكلف بالتواصل مع عين التينة ومع المدير العام للأمن العام من أجل تبديد ما يمكن تبديده من إلتباسات في هذه المرحلة.

القوات اللبنانية ترسم لنفسها خصوصية في المشهدية الحالية. تريد أن تكون حاضرة في الشارع، كما لم تحضر من قبل. لا تقيم وزنا لإعتراض الحريري وملاحظاته، طالما أنها “على السمع الخليجي”.

التحشيد السياسي مستمر. لا قدرة لأي طرف على ضبط الشارع. القوى العسكرية والأمنية ستتعوّد تدريجياً على لعبة الكر والفر خصوصاً في طرابلس وصيدا. عاصمة الشمال، أصبحت خارج قدرة أقطابها على السيطرة، ولصيدا خصوصيتها السياسية التاريخية. هل يمكن أن تنتقل العدوى إلى العاصمة؟

Print Friendly, PDF & Email
حسين أيوب

صحافي لبناني

Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Premium WordPress Themes Free
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  بن سلمان يتلقف إنفتاح بايدن.. هل يتخلى عن بوتين؟