تنشر الولايات المتحدة الأميركيّة 7200 جندي في غرب إفريقيا والصومال، منهم 800 جندي في النيجر وحدها، حيث توجد فيها قاعدة للطائرات، تمّ استحداثها بناءً على ما عُرف باتّفاق التعاون بين البلدين لمراقبة الوضع في مالي، قيل أنّها ساهمت في شنّ غارات على ليبيا أثناء التدخل الأطلسي للإطاحة بنظام القذافي في 19 مارس/ آذار 2011 تنفيذاً للقرار رقم 1973، الصادر عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ 17 مارس/ آذار 2011 القاضي بفرض حظر جوّي واستخدام القوّة لثنيّ الطائرات الليبيّة عن التحليق في أجوائها.
مجلة “لوبوان” الفرنسيّة، نشرت تقريراً حول نشر القوات الأميركية، قالت فيه بأنّ واشنطن تريد أنّ “تتحقّق من نشاط روسيا في ليبيا”، وترغب في بحث حالة “عدم الاستقرار الأمني في الساحل الإفريقي”. وبحسب “لوبوان” وبالاستناد إلى شركة دراسات المخاطر الأميركيّة (ناركو) فإنّ “اجتماعات عديدة قد جرت بين مسؤولين أميركييّن ونظرائهم الجزائريين في الشهرين الماضيين” حول الموضوع، ومن المتوقّع أن تتمّ الإشارة إلى “قضية الرهينة الأميركي جيفري وودكي العامل في المجال الإنساني، والمختطف من قبل تنظيم الدولة “داعش” في الصحراء الكبرى بالنيجر سنة 2016، ومن المرجّح أن يكون أسيراً في مالي”.
نسبة استيراد الجزائر للسلاح الروسي هي الأعلى مغاربياً: 67% من السلاح الجزائري مصدره روسيا، و13% من الصين، في حين أنّ المغرب تستورد ما نسبته 91% من السلاح الأميركي و9% من فرنسا
وتحدّثت شركة دراسات المخاطر الأميركيّة (ناركو) نقلاً عن المجلة الفرنسيّة عن وثاقة المخابرات الجزائريّة التي لديها شبكات واسعة في شمال مالي من معرفة شيء ما، قد يساعد في العثور على الرهينة الأميركي في أقرب وقت، لاسيما أنّ محاولات تحريره قد باءت بالفشل؛ ففي الرابع من شهر أكتوبر/ تشرين أول 2017، قُتل أربعة جنود أميركيين وخمسة جنود من النيجر، خلال عملية كان الهدف منها القضاء على أحد قادة تنظيم الدولة “داعش” في الصحراء الكبرى، لم تسفر عن أيّ مؤشرٍ ساهمَ في الكشف عن مصير الرهينة الأميركي.
هامش لا تلتقي فيه الصدف
لم يكن بمحض الصدفة أن تتمّ زيارة د. مارك إسبر وزير الدفاع الأميركي إلى الجزائر بعد 48 ساعة من إنتهاء زيارة ديمتري تشاغاييف، مدير الخدمة الفيدرالية للتعاون العسكري والتقني في روسيا الإتحاديّة، والذي استُقبل بحفاوة كبيرة من قبل قائد الأركان الجزائري سعيد شنقريحة، بسبب طبيعة التحالف الوثيق بين الجزائر وروسيا في المجال العسكري.
وعلى التماس تماماً؛ تحدثت مجلة “لوبوان” عمّا قالت بأنّه “رسالة مسرّبة”، نشرتها مجلة “أفريكا إنتلجنس”، جاء في طياتها، بأنّ رئيس قيادة إفريقيا للقوات الأميركيّة (أفريكوم) خلال لقائه بمسؤولين جزائريين في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي (2020) أعرب عن أنّ “الأولويّة الأميركيّة الجديدة في ليبيا، هي إنهاء مجموعة “فاغنر” الروسيّة، لأنّ واشنطن لا تريد قواعد عسكريّة روسيّة في ليبيا”.
وقد نقلت الصحيفة الفرنسيّة عن موقع “كل شيء عن الجزائر” (TSA)، تصريحات الجنرال غريغوري هادفيلد، المسؤول عن قسم الاستخبارات في (أفريكوم) قوله في يناير/ كانون الثاني:”إنّ برنامج الولايات المتحدة الأميركيّة في المنطقة يهدف بالدرجة الأولى إلى إقناع دول المنطقة (المغرب العربي والساحل الإفريقي)، بضرورة وضع الثقة في نهج واشنطن وسياستها المناهضة لطموحات موسكو وبكين في إفريقيا”، وأضاف “برغم مبيعات السلاح (..) فإنّ روسيا لا تقدّم شيئاً يُذكر في المسائل الأمنية الهادفة إلى القضاء على الجماعات المتطرّفة”.
ربما يقصد الجنرال هادفيلد الجزائر تحديداً في تلميحه الأخير، لأنّ نسبة استيراد الجزائر للسلاح الروسي هي الأعلى مغاربياً: 67% من السلاح الجزائري مصدره روسيا، و13% من الصين، في حين أنّ المغرب تستورد ما نسبته 91% من السلاح الأميركي و9% من فرنسا، وهذا ما بين 2015 و2019.
حتى تضمن سيادتك التامة على أدواتك الحربيّة إزاء عدوّ يمكن أن يعمل على تأسيس علاقةٍ ما مع حليفك مستقبلاً، يمكن الجزم بثقة بأنّ السلاح حتى يستحوذ على ثقة البلاد التي تمتلكه، هو ذلك السلاح الذي لا يُستورد خارجياً، وإنّما هو هذا الذي يُصنّع داخلياً
سوخوي 57 في طريقها إلى الجزائر
من المتوقّع أن تزوّد روسيا الجزائر بمقاتلات الجيل الخامس (سوخوي 57)، والتي يبلغ مداها التدميري 5 آلاف متر، تستهدف الطائرات والسفن الحربيّة والرادارات. مدى الرادار الذي تحملهُ 400 كلم، يتعقّب 60 هدفاً في وقتٍ واحد. قدرتها التدميريّة المعتمدة على تقنيات ليزريّة متقدّمة جداً، حيث تصل إلى 16 هدفاً في وقتٍ واحد.
طول طائرات الجيل الخامس (سوخوي 57) 22 متراً (بحسب ميلتري توداي). سرعتها 2600 كلم في الساعة. تحلّق على ارتفاعٍ يصل إلى 20 ألف متر. ويصل مداها 5500 كلم. تشكل مصدر رعبٍ لطائرة الـ F35 الأميركيّة، لأنّها قادرة على امتصاص أشعة الرادارات بنسبةٍ تجعل اكتشافها صعباً (حسب موقع يونايتد إيركرافت الروسي).
روسيا سوف تُنتج 76 نسخة من هذه المقاتلة بحلول العام 2028 حسب ما صرّح به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ستشتري الجزائر 14 طائرة من الجيل الخامس (سوخوي57)، وكان لافتاً للإنتباه أنّ أوّل ضابط غير روسي تدرّب على نظام محاكاة الطائرة كان جزائرياً، ممّا يشيّ بنوعٍ مختلفٍ وقوّيٍ من التحالف العسكري بين البلدين. وحسب موقع روسيسكا غاريتا، فإنّ التسليم سيكون في العام 2025.
أميركا إستخباراتياً وروسيا عسكرياً!
في سنة 2012، زارت وزيرة الخارجيّة الأميركيّة هيلاري كلينتون وقتها الجزائر، وقيل أنّ سبب الزيارة طلب أميركا من الجزائر السماح لها بإقامة قواعد عسكريّة في صحرائها، ولدى تيقّن الأميركيين بأنّ الجزائر لن تقبل بذلك لأسباب تاريخيّة – إذ لا يجرؤ أيّ نظامٍ حاكم في الجزائر أنّ يخاطر بمواجهة شعبه باستحضار الأميركيين إلى أرضهم – طوّرت أميركا العلاقات الاستخباراتيّة حول قضايا الأمن والإرهاب، واستندت إلى ميراثٍ قديم، ذكرهُ المدير السابق للاستخبارات الأميركيّة ما بين 1996 إلى 2004، جورج تنيت في مذكراته ” في قلب العاصفة“، الصادرة في عام 2007، حيث تحدّث فيها عن زيارة رئيس دائرة الاستعلام والأمن (المخابرات) الجزائريّة سابقاً محمد مدين للولايات المتحدة غداة أحداث 11 سبتمبر/ أيلول من أجل “تبادل الخبرات” في حقل الإرهاب والأمن.
لكن تبقى مشكلة السلاح معروفة ومطروقة، مفادها، أنّ أي دولة تمتلك الأرقام السريّة لمنتجها الحربي، بحيث أنّها تستطيع التشويش على رادار طائراتها المباعة، برغم أنّ الجزم في هذا، ليس أكيداً، في ما خصّ الدول التي تقترب علاقاتها العسكريّة من التحالف الطبيعي، لكن بكلّ الأحوال، وحتى تضمن سيادتك التامة على أدواتك الحربيّة إزاء عدوّ يمكن أن يعمل على تأسيس علاقةٍ ما مع حليفك مستقبلاً، يمكن الجزم بثقة بأنّ السلاح حتى يستحوذ على ثقة البلاد التي تمتلكه، هو ذلك السلاح الذي لا يُستورد خارجياً، وإنّما هو هذا الذي يُصنّع داخلياً.