تصل الأمور أحياناً إلى حدود وضع “تابوهات” (محرمات) على أمور معينة، وتفرض السلطات بقوتها إحترام هذه التابوهات، والقبول بها كمسلمات تمنع مناقشتها، أو النقاش حولها، وبها.
من أبرز ما تواجهه البشرية على صلة بموضوعنا، هو مبدأ “معاداة السامية”، شعار أطلقه الغرب الاستعماري بهدف منع التعرض لليهودية، ولدولة الاحتلال الصهيوني لفلسطين. شعار هدف إلى حماية الكيان الغاصب على المستوى الثقافي والأيديولوجي.
غالباً ما توجه التهمة للعرب المتعاطفين مع قضية فلسطين، فتصفهم دوائر الغرب بمعاداة السامية، بينما هم ساميون، ولا يجوز إحتكار الصفة على اليهود.
من الأركان الثقافية – الأيديولوجية التي شيّدت حول الكيان الغاصب مسألة “الهولوكوست”. وضع الغرب المتصهين مفهومها، وحدودها، وحجمها، وكل من شكّك بالرواية، أو ناقش صحتها، أو صحة الحجم المتداول بها، إتهم بتزوير التاريخ، والعنصرية ضد اليهود، ومعاداة السامية، وربما هُدّدَ.
لا عجب في ذلك، فالغرب الاستعماري يحمي بقوته الكيان الذي أسّسه في فلسطين لأسباب عديدة. العالم لم يدرك الأسباب الحقيقية خلف التعاطف المطلق مع اليهود، برغم الإقرار بعدد من الأسباب، ومنها تأسيس قاعدة ثابتة تدعم الوجود الاستعماري في المنطقة، ومنها أيضا فصل المشرق العربي، عن مغربه في شمال أفريقيا، أو إيجاد وطن ليهود الشتات.
مبادىء وأسس ومخططات أرست الكيان الصهيوني، وتأسست في “مخفي” آخر هو “مؤتمر هنري كامبل بنرمان”، المطموس برغم خطورته وأهميته، وهو حدث طازج نسبياً جرى بين عامي ١٩٠٥ و١٩٠٧، بمشاركة سبع دول أوروبية أساسية، ومنها الحركة الصهيونية العالمية، وكل ما تشهده المنطقة من تطورات، يمكن أن نجد بعداً، او تفسيراً له، في مخططات مؤتمر “بنرمان”.
الدولة العميقة، بحسب بعض البحاثة والمحللين تتكون من مجموعة من القوى، منها العائلات الكبرى المتحكمة باقتصادات العالم، وقطاعاته المختلفة، وتملك أكبر ثرواته، وهي خمس، روتشيلد اليهودية، روكفلر، مورغن، دوبونت، وبوش، وهي تتقاطع مع الماسونيات العالمية
ومن المخفيات التي أثارت جدلاً واسعاً وتاريخياً، وتاه بها كثر من المثقفين هي مقولة من يسيطر على من: اليهود (الصهيونية)، أم الغرب الاستعماري؟ ثمة من يعتقد أن لوبيات يهودية تمسك بنواصي السلطات في الغرب، خصوصا في الولايات المتحدة الأميركية. بينما يعتقد آخرون أن اليهود أو الصهيونية ما هي إلا قوة مستقلة لها تأثيرها في المسارات السياسية في الغرب، لكن بحدود معينة، وليست هي التي تسيطر على مراكز القرار في الغرب عامة، وفي الولايات المتحدة الأميركية خصوصاً.
لكن بدأت تسمع في السنوات القليلة الماضية مقولة “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة، وقيل أنها كتلة من القوى التي تملك النسبة الأعلى من الثروة العالمية، ومن المحللين من يقول أن ثرواتها قد تصل إلى ثمانين بالمائة من ثروات العالم.
والدولة العميقة، بحسب بعض البحاثة والمحللين تتكون من مجموعة من القوى، منها العائلات الكبرى المتحكمة باقتصادات العالم، وقطاعاته المختلفة، وتملك أكبر ثرواته، وهي خمس، روتشيلد اليهودية، روكفلر، مورغن، دوبونت، وبوش، وهي تتقاطع مع الماسونيات العالمية، وتعتبر جزءاً منها، وتتوزع على تياراتها. تتداخل معها قوى أخرى في البنتاغون الأميركي، وفي أجهزة المخابرات المركزية الأميركية، والجيش، ولها امتدادات دولية عبر الماسونيات بتياراتها وتسمياتها المختلفة. وتبقى الصهيونية العالمية سيدة الموقف في هذه الدولة، ولها تأثير كبير فيها، خصوصا لوجود العائلات اليهودية الضخمة الثراء، التي كثيراً ما تتقاطع مع عائلات وتجمعات أقل شأناً وأهمية وقدرة.
ولا بد من التنويه أن ما هو متعارف عليه بعبارة الدولة العميقة، لا يعني أن هناك جسماً محدداً، ومنظماً بطريقة مؤسساتية تجعل منه دولة، بقدر ما هو إلا مراكز قوى وتجمعات اقتصادية ربما تتصارع، أو تختلف في ما بينها، أو ربما تتوافق في مصلحتها على أمور معينة، بطابع استراتيجي كبير، وقد وقعت أقسى الحروب، وأكثرها وحشية بتضافر موقف هذه التجمعات على مصلحة معينة على مستوى العالم.
ومن المخفيات أيضا، جدل اليهودية والصهيونية، والفارق بينهما. والحقيقة هي أن الصهيونية قوة عالمية نشأت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر مستلهمة كل مواقفها ومبادئها من اليهودية، وتحديدا من التوراة، وإن كان في طروحاتها ما هو أبعد، بما يشكل تنظيراً في خلفية نشوء الكيان الصهيوني، وتبريراً لقيامه.
خلاصة القول أن قوة اليهودية في الغرب تنبع من يهوديته، ومن الأسس اليهودية التي قام عليها عبر التاريخ، حتى بات بالامكان للانسان أن يتلمس اليهودية في البنيان السياسي والثقافي والفكري للرأسمالية، وهي في الأساس تقوم على مبادئه وسننه، وشرائعه، منها: في السعي للسلطة، الغاية تبرر الوسيلة، الاستعلاء على الآخرين، فرادى وجماعات ودول، ومبدأ “عليّ وعلى أعدائي يا رب”، كمفهوم شمشوني يهودي. وللحديث صلة.